مع انعقاد القمة السابعة والثلاثين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في الفترة من 12 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 15 نوفمبر عبر مؤتمرات الفيديو، تتجه الأنظار إلى التوقيع المحتمل لـ"الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي طال انتظارها- RCEP"، وهي اتفاقية تجارة حرة مقترحة في منطقة آسيا والمحيط الهادي بين الدول العشر الأعضاء في آسيان، وهي "بروناي، وكمبوديا، وإندونيسيا، ولاوس، وماليزيا، وميانمار، والفيليبين، وسنغافورة، وتايلاند، وفيتنام"، وخمسة من شركائها في اتفاقية التجارة الحرة وضمنهم أستراليا والصين. الاتفاقية من شأنها أن تخلق كتلة تجارية رئيسية تغطي ثلث الناتج المحلي الإجمالي للعالم وتوفر وصولاً جديداً إلى الأسواق للسلع والخدمات، إضافة إلى فرص الاستثمار للشركات وفقاً لـ"سي أن بي سي".
ويتوقع أن يتصدر التعاون في مواجهة جائحة كوفيد-19، وقيود السفر ما بين دول آسيان القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات. وتشكل آسيان قوة اقتصادية لا يُستهان بها، إذ تُعتبر أكبر خامس اقتصاد في العالم، في حين أن أكثر من 3.4 مليار دولار من التجارة العالمية تحدث في آسيان سنوياً.
ويترأس رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، إلى جانب رئيس الوزراء الفيتنامي نغوين شوان فوك، القمة التي سيشارك فيها زعماء الدول العشر الأعضاء في آسيان. وتعتبر فيتنام من بين الاقتصادات القليلة التي حققت نمواً إيجابياً في عام 2020، وفقاً لصندوق النقد الدولي. ومن المتوقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي لفيتنام بنسبة 1.6 في المئة خلال عام 2020، وأن يحقق نمواً مذهلاً بنسبة 6.7 في المئة خلال عام 2021.
انتعاش متعدد السرعات في آسيا
وكان تقرير لصندوق النقد الدولي، صدر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحدث عن انتعاش متعدد السرعات في آسيا، إذ قال إن منطقة آسيا والمحيط الهادي قد تضررت بشدة من جائحة كورونا وهي تتعافى من ركود حاد. وأضاف التقرير أن اختلاف التوقعات لدول آسيا يعتمد على معدلات الإصابة وتدابير الاحتواء، واستجابات السياسة، والاعتماد على الأنشطة كثيفة الاتصال، والطلب الخارجي. وتوقع تقرير الصندوق أن يظل الناتج أقل من اتجاهات ما قبل الجائحة على المدى المتوسط، وأن يتقلص النشاط الاقتصادي بمقدار −2.2 في المئة في عام 2020، بسبب انكماش أكثر حدة من المتوقع في الأسواق الناشئة الرئيسة، وأن تنمو آسيا بنسبة 6.9 في المئة خلال 2021.
قلق هندي من تدفق السلع الصينية الرخيصة
القمة تنعقد قبل أيام من توقيع آسيان على اتفاقية التجارة الحرة التي انسحبت الهند منها، وتشمل الاتفاقية "الصين، واليابان، وأستراليا، وكوريا الجنوبية، ونيوزيلندا". وستستعرض القمة وضع الشراكة الإستراتيجية بين آسيان والهند وتقيّم التقدم المحرز في المجالات الرئيسة مثل "الاتصال والتعاون البحري والتجارة والتعليم وبناء القدرات". وسيناقش القادة سبل تعزيز المشاركة بين آسيان والهند وسيشيرون إلى اعتماد خطة عمل آسيان والهند (2021-2025). في قلب رؤية الهند للمحيط الهادي، تكتسب آسيان أهمية على خلفية التأثير الصيني المتزايد في المنطقة، إذ تخوض الهند والصين مواجهة مريرة على طول خط السيطرة الفعلية. في وقت تواصل نيودلهي مع دول آسيان (رابع أكبر شريك تجاري للهند)، تعزيز العلاقات الدبلوماسية التي تشتد الحاجة إليها. ولكن، على الرغم من الجهود الهندية الحثيثة لتعزيز علاقاتها مع آسيان تشعر نيودلهي بالقلق من أن الاتفاقية، التي تتطلب الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية ستفتح الأسواق المحلية للبلاد أمام تدفق السلع والمنتجات الزراعية الصينية الرخيصة، مما سيضر بمنتجيها المحليين.
تايلاند ورئاسة رابطة أمم جنوب شرق آسيا
قالت تايلاند، التي تتولى حالياً رئاسة رابطة أمم جنوب شرق آسيا، في بيان رسمي، إن "مجموعة آسيان ملتزمة بتوقيع الاتفاقية في عام 2020". وقالت وكالة الأنباء الصينية "شنخوا" نقلاً عن جوين كووك دونغ، نائب وزير خارجية فيتنام ورئيس آسيان لعام 2020، أن التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة سيتم في 15 نوفمبر خلال أعمال القمة في حال تمكنت الدول الأعضاء من استكمال الإجراءات المحلية الخاصة بالتوقيع.
وقال دونغ إن "أكثر ما يبعث الأمل في المساهمة الصينية هو على الأرجح اللقاحات والأدوية ضد كوفيد -19"، بينما أشاد بإنجازات الصين في الوقاية من الأوبئة والسيطرة عليها.
النفوذ الصيني والتكامل الاقتصادي الأكبر لشرق آسيا
من جانبها، تعتبر الصين اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية (RCEP) جزءاً مهماً في التكامل الاقتصادي الأكبر لشرق آسيا الواقعة تحت نفوذها. وتخوض بكين حالياً حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، إذ طبق الجانبان تعريفات جمركية على سلع بعضهما بمليارات الدولارات- وأدى تأثير المعركة التجارية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وخلق موجة من عدم اليقين للشركات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر البعض أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية، نسخة أقل تقييداً من الشراكة عبر المحيط الهادي التي تقودها الولايات المتحدة والتي انتهت صلاحيتها الآن. وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت من الشراكة عبر المحيط الهادي في يناير (كانون الثاني) 2017 بقرار من الرئيس دونالد ترمب. مما دفع الدول المتبقية إلى وضع اتفاقية جديدة تسمى "الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادي"، وتضمنت معظم أحكام الشراكة عبر المحيط الهادي- TPP.
تشارلز فريمان، نائب الرئيس الأول لآسيا في غرفة التجارة الأميركية، قال أخيراً لشبكة "سي أن بي سي" إن "القلق يتعلق أكثر بحقيقة أننا لم نتوصل إلى بديل لإستراتيجية الشراكة عبر المحيط الهادي". وأضاف "بقدر ما نرغب في إنجاز برنامج اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية، فإننا نود أن نرى إدارتنا تركز على إنجاز الصفقات لمصلحة الولايات المتحدة".
ويرى نيغيوان خوان كونغ، رئيس معهد الدراسات الصينية، في أكاديمية فيتنام للعلوم الاجتماعية، أن مساهمة الصين في التعافي بعد الوباء في المنطقة تكمن في جهودها جنباً إلى جنب مع آسيان لتسهيل التفاوض والانتهاء من التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. وأضاف أن "تصميمهم على إبرام الاتفاقية له مغزى بشكل خاص وسط الجائحة التي خلقت معوقات للتجارة الإقليمية والعالمية".