Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غياب ترمب يخفف عبء القضايا الشائكة عن العلاقات الأميركية الكندية

ترودو قد يكون أول زعيم يقابل بايدن في واشنطن لبحث ملفات التجارة والهجرة والبيئة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو (رويترز)

بعد دقائق معدودة فقط من حسم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض، غرّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، يوم السبت الماضي على منصة "تويتر" مهنئاً إياهما على الفوز التاريخي، وقال إنه "يتطلع إلى الأمام للعمل معاً والبناء على ذلك مع كليكما"، واصفاً البلدين الجارين بالـ"صديقين والشريكين والحليفين المقربين".

تعليق ترودو جاء بعد أربعة أيام سادها القلق والتوتر في العاصمة أوتاوا، هلعاً من احتمال إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب لفترة رئاسية جديدة، نظراً لما عانته كندا من صعوبات اقتصادية وسياسية جراء النهج التي اتبعه الأخير تجاه جارته الشمالية. إذ وخلال فترة ولايته لم يقم ترمب بزيارة دولة إلى كندا إلا مرة واحدة، بخلاف حضور قمة مجموعة السبع سيئة السمعة لعام 2017 في شارلفوا، حيث غرد بعد إقامة قصيرة، بأن ترودو كان "غير أمين وضعيف للغاية". وبلغ القلق أوجه يوم الجمعة الماضي، عندما صرح ترودو في أعقاب تأرجح نتائج بعض الولايات بأنه "يؤمن بالعملية الانتخابية الأميركية لتحديد نتيجة عادلة ودقيقة"، وأنه يعلم أن المواطنين على جانبي الحدود ينتظرون بفارغ الصبر إعلان الفائز، مشدداً في الوقت عينه على أهمية "عدم الخوض في انتخابات تجرى داخل بلد أجنبي".

زيارة ضرورية خاطفة

وفور اتضاح النتيجة توجه براين مولروني، رئيس الوزراء الكندي السابق، بنصيحة إلى ترودو بالتخطيط سريعاً للتوجه إلى واشنطن للاجتماع مع بايدن على الرغم من مطلب الحجر الصحي لمدة 14 يوماً لكل كندي يعود من الولايات المتحدة. وقال مولروني في مقابلة تلفزيونية "من المهم للغاية أن يتوجه رئيس وزرائنا إلى هناك لتناول الإفطار أو الغداء أو العشاء، وعقد اجتماعات غير رسمية مع الرئيس المنتخب لتوضيح الأجندة الكندية، فمن دون مقابلة الرئيس لن يتم حل القضايا الرئيسة العالقة بين بلدينا".

ويتردد في كواليس العاصمة أوتاوا، أن ترودو يعتزم بالفعل القيام بزيارة خاطفة لواشنطن خلال أيام ليكون بذلك أول زعيم دولي يقابله بايدن. وأعاد المراقبون السياسيون إلى الذاكرة مشهد ما حدث قبل بضعة أسابيع من مغادرة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لمنصبه، حين ألقى الأخير خطاباً أمام مجلس العموم الكندي فُسِّر على نطاق واسع بأنه تسليم أمانة السياسة التقدمية في الغرب إلى ترودو. وقد أعاد بايدن ترديد الفكرة نفسها في خطاب ألقاه بأوتاوا أياماً قليلة قبل الخروج من منصبه نائباً للرئيس، إذ قال لترودو "إن العالم يعتمد عليك لدعم النظام الليبرالي الدولي"، وذكر حرفياً عبارة: "Vive le Canada (تحيا كندا باللغة الفرنسية، وهي اللغة الرسمية للمقاطعة التي ينحدر منها ترودو) لأننا في حاجة ماسة إليك".

ترحيب واسع ببايدن

وقد تدفقت تعليقات السياسيين الكنديين المرحبة بإزاحة ترمب، خلال ساعات قليلة من ظهور النتائج، بعدما حبس الجميع أنفاسهم خلال الأيام القليلة التي فصلت إعلان فوز بايدن. إذ توجهت كريستيا فريلاند، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة المال الكندية، برسالة إلى بايدن قائلة "كصديق وجار وأقرب حليف لك، ستعمل كندا جنباً إلى جنب معكم لنواجه معاً أعظم تحديات عصرنا في الداخل والخارج"، قبل أن تضيف تهنئة "شخصية للغاية" لنائبته هاريس.

كما هنأ جاغميت سينغ، زعيم "الحزب الديمقراطي الجديد" بايدن وهاريس على فوزهما، وغمز من قناة الرئيس المنتهية ولايته قائلاً: "مع انتهاء رئاسة ترمب، تذكرت كلمات جاك (جاك لايتون زعيم المعارضة الكندي الراحل) الأخيرة، الحب أفضل من الغضب. الأمل أفضل من الخوف. التفاؤل خير من اليأس. إذا دعنا نكون محبين وآملين ومتفائلين، لنغير العالم". وكان سينغ قد شذّ عن قاعدة عدم تعاطي كندا بالشأن الانتخابي الرئاسي الأميركي، وذهب إلى حد شن هجوم نادر على ترمب عشية التصويت وحث الأميركيين على عدم التصويت له لأنه "جعل العالم مكاناً أكثر خطورة بالنسبة لنا جميعاً"، قبل أن يضيف "آمل أن أراه يخسر". وانتقد سينغ أفعال ترمب على مدى فترة رئاسته، مشيراً إلى أنه "خذل أكثر من 230 ألف أميركي توفوا جراء تفشي فيروس كورونا"، ووصفه بالرجل الذي "يضع الأطفال في أقفاص" في إشارة إلى سياسة حكومته المتعلقة بالفصل الأسري على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، حيث شهدت العديد من العائلات المهاجرة عزل أطفالها عن والديهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مكاسب بيئية

ومع انتخاب الديمقراطي بايدن رئيساً للولايات المتحدة، يتوقع المتخصصون في الشؤون الكندية ـ الأميركية حدوث تداعيات واسعة النطاق على العلاقات بين البلدين العملاقين في أميركا الشمالية. فقد وعد بايدن بإعادة الولايات المتحدة في أقرب وقت ممكن إلى "اتفاقية باريس لتغير المناخ"، ومن شأن هذه الخطوة إضافة إلى توجهاته البيئية المحلية، أن تشكل دافعاً لكندا التي قامت في السنوات الأربع الماضية بإبطاء أو تعديل السياسات البيئية الخاصة بها لتعكس مخاوف الشركات الأميركية التي تواجه عدداً أقل من اللوائح البيئية والضرائب التي من شأنها الإضرار بالقدرة التنافسية لكندا. ويشمل ذلك لوائح الميثان التي أرجأتها كندا ثلاث سنوات بعدما أوقف ترمب أهدافاً مماثلة في الولايات المتحدة، وكذلك الحد من تسعير الكربون على الصناعات التي تواجه منافسة شديدة من الشركات الأميركية التي لا تدفع النوع نفسه من الضرائب، كما يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن تحصد الشركات الكندية أرباحاً طائلة جراء فتح السوق الأميركية أمام منتجاتها من تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

الهجرة والتجارة
أجرى ترمب تغييرات واسعة النطاق على سياسة الهجرة الأميركية ما أثّر بشكل كبير في تدفق المهاجرين إلى كندا. ومن بين هؤلاء، طالبو اللجوء الذين عبروا بشكل غير نظامي إلى كندا جراء ثغرة في اتفاقية الدولة الثالثة الآمنة. وتحاول أوتاوا إعادة التفاوض على هذه النقطة وتأمل أن تجد شريكاً أكثر استعداداً وتفهماً في شخص بايدن. وكان ترمب قد جعل دخول الأشخاص من دول معينة إلى الولايات المتحدة أكثر صعوبة حتى بالنسبة للعمال المهرة، ما شكل ضغطاً هائلاً على كندا تمثل في دفق بشري غير مسبوق. ومع التوقعات بأن يعكس بايدن هذه القرارات يتوقع المراقبون أن تشهد كندا موجهة "هجرة عقول" كبيرة العام المقبل.

كما تميزت سنوات ترمب في البيت الأبيض باضطراب العلاقات التجارية مع جارته الشمالية، بما في ذلك إعادة صياغة اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية. ومن المحتمل أن يعني فوز بايدن، نهاية التهديد المستمر للتعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم التي فرضها ترمب على كندا عام 2018، بعدما استخدم سلطات تنفيذية بموجب قانون التجارة الأميركي الذي يعطي الرئيس حق فرضها لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ومع ذلك، يدعم بايدن سياسات الشراء الأميركية الحمائية التي يمكن أن تمنع الشركات الكندية من المزايدة على مشاريع البنية التحتية على مستوى الولاية والبلدية.

وفي بداية العام الحالي، التقى ترودو مع كبار قادة الاتحاد الأوروبي السياسيين، بهدف إنشاء تجمع سياسي يدافع عن قيم التعددية في مواجهة التيارات القومية المتصاعدة التي مثلها ترمب. ومن شبه المؤكد أن هذا التجمع سيجد في شخص بايدن حليفاً لجهة قيمه السياسية، وكذلك داعماً رئيساً للمؤسسات الدولية مثل "منظمة الصحة العالمية" و"حلف شمال الأطلسي".

ووسط موجة التفاؤل السياسي السائدة على جانبي الحدود، تأمل قيادتا البلدين تعاوناً أفضل ونهجاً أكثر عقلانية في ما يتعلق بالسيطرة على جائحة كورونا خصوصاً مع إعلان شركة "فايزر" عن اقتراب طرح لقاحها المضاد في الأسواق قبل نهاية هذا العام. ومن المتوقع إلى حد كبير أن تتمتع واشنطن وأوتاوا في العهد الجديد بعلاقة دافئة على الساحة العالمية. ويعكس ما قاله ترودو في بيانه المهنئ للإدارة الأميركية الجديدة مقدمات هذه العلاقة: "إن جغرافيتنا ومصالحنا المشتركة وعلاقاتنا الشخصية العميقة والعلاقات الاقتصادية القوية تجعلنا أصدقاء وشركاء وحلفاء مقربين".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات