Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحديات الخط العربي بسوريا في ظل الثورة التكنولوجية

خطاط كردي يحافظ على أصول الكتابة التي تعود إلى أكثر من 1000 عام

على الرغم من اقترابه من الـ70 من عمره، لا يزال علي أحمد محمود يتذكر أول عبارة خطّها معلم مدرستهم في مدينة الدرباسية (80 كلم شمال الحسكة في شمال شرقي سوريا) حينما كان يبلغ من العمر عشر سنوات.

رسمُ تلك العبارة، أسر قلب الطفل الذي تلقّى التعليم في بيئة كردية بسيطة، فأصبح الخط العربي محور اهتمامه وغايته. جمال خطه جعل أستاذه الذي كتب على باب المؤسسة التعليمية "مدرسة الدرباسية الريفية"، يمنحه قطعة الطبشور ويكتب بدلاً عنه الدرس المقرر في الفصل.

جمال الكلمات

وحينما أصبح علي محمود يافعاً، بدأ بدراسة قواعد الخط العربي وبادر العمل على معرفته الذاتية، بعيداً من المعاهد والجامعات والمراكز التي تنمّي قدرة ذاك الصبي، الذي بات يكتب وفق قواعد خطوط اللغة العربية، التي تعود إلى أكثر من 1000 عام.

وفي مكان إقامته الحالية بمدينة عامودا (27 كلم غرب القامشلي)، يتحدث علي محمود عن رحلته مع الخط، فاهتمامه بهذا الفن بدأ في الأيام الأولى التي كان يتعلم فيها القرآن في الكتاتيب أو كما يفضل الأكراد تسميته بـ"الملا"، فالحروف الأبجدية الأولى التي كتبها الملا على اللوح الأسود بخط جميل أثارت اهتمامه.

ويضيف "بعدما شجعني أستاذي في الصف الخامس، بدأت بتخطيط العبارات المكتوبة على أغلفة الكتب المدرسية"، ليصبح له أصدقاء في تلك المرحلة العمرية، وكانوا يقارنون في ما بينهم جمال الكلمات التي يخطّونها على دفاترهم الصغيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعلّق الشاب علي بالخط العربي بأشكاله وأنواعه المختلفة ظهر "سنة 1969 حين استطعت اقتناء كتاب قواعد الخط العربي لأستاذي الراحل هاشم بغدادي". وبذاك بدأ مرحلة جديدة في هوايته وأمسك بناصية قواعد الخط ومنها انطلق وصقل تلك الموهبة التي كان يتميز بها عن أقرانه في البلدة الصغيرة الدرباسية.

الانتقال إلى الحسكة

حرص علي على الحصول على كراسات وكتب قواعد الخط في وقت لم تكن المراكز الثقافية والتعليمية متوفرة في منطقة الجزيرة، إضافة إلى توسيع دائرة أصدقائه والمهتمين بهذا المجال. لم يكتفِ بما لديه بعد ملاحظته غياب وسط يهتم بالخط، فافتتح مكتباً لهذه الغاية في مركز مدينة الحسكة وأصبح له أصدقاء محترفون، الأمر الذي أمّن له تفاعلاً أكبر مع غالبيتهم مثل سمير آدمو، كما أن توقيع علي بات انتشر على لافتات ولوحات الإشارة في المدينة على مدى 27 عاماً، وهي فترة إقامته في الحسكة.

مشاركات عربية

ولما للخط العربي من إرث وثقل في الثقافتين العربية والإسلامية، فقد شارك الخطاط الكردي بلوحاته وقصبه المشذّب في عدد من الدورات والمسابقات في بعض الدول العربية، إضافة إلى المسابقات المحلية على مستوى سوريا.

وفي جميعها، نال علي محمود شهادات تقدير وحضور، شجعته أكثر على الإبداع في هذا المجال، "المسابقات الدولية تزيد من تشجيع الخطاط للحفاظ على هذا التراث وأصالته".

"الكمبيوتر أثر سلباً في الخط العربي"

ويستذكر علي محمود حادثة احتجاج للخطاطين في القرن الـ19، حين أرادت السلطة العثمانية إدخال الطباعة إلى الدواوين الرسمية، قائلاً "وضعوا قصباتهم في نعوش"، بمعنى موت فنّ الخط العربي. ويتابع "التكنولوجيا والكمبيوتر أثّرا سلباً في مجال الخطّ لكن لا يمكن لهما أن يحلّا محل الخطاط وقصبته"، معتبراً أن "الطباعة تزيّف الخطوط" وموضحاً أن الكمبيوتر لا يملك الحسّ الفني الذي يتميز به الخطاط، وينتقي به جمالية الحرف العربي ورسمه أثناء إعداد العبارات واللوحات.

ويختتم الخطاط حديثه حول موهبته الفنية التي ما زال يمارسها يومياً للحفاظ على رشاقته فيها بمقولة، "الخط لسان اليد وبهجة الضمير وسفير العقول..."، مشدداً على أن غياب فنّ الخط يعني غياب الكتابة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات