Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني الفائز في الانتخابات الأميركية لقطاع النفط والغاز؟

الشركات تفضل ترمب لكنه قدرته على إحياء مشاريع الزيت الصخري محدودة

في اليوم الأخير للحملة الانتخابية، سخر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من منافسه المرشح الديمقراطي جو بايدن لاصطحابه المغنية الشهيرة ليدي غاغا في مهرجان انتخابي له في بنسلفانيا. وكتب ترمب على "تويتر" مذكراً الناخبين بأن ليدي غاغا معروفة بمعارضتها لإنتاج الغاز والنفط الصخري وتستخدم شهرتها للترويج ضد شركات النفط والغاز العاملة في هذا القطاع. وواصل ترمب التغريد محذراً الأميركيين، ضمن دعايته الانتخابية في آخر لحظات الحملة، من أن بايدن سيجعلهم يخسرون وظائفهم في هذا القطاع، بينما هو يحافظ على الوطائف في تكساس وغيرها من الولايات.

لكن بعيداً عن الدعاية الانتخابية، التي تتضمن مبالغات مفهومة من جانب المرشحين، هناك عدة عوامل يمكن تلخيصها توضح الفارق بين الرئيس الحالي ومنافسه، وأيضاً عوامل خارج إرادة أي منهما للفوز في الانتخابات. 

فوز ترمب

تركز حملة ترمب على انتقاد خطط منافسه التي ستضر بصناعة الطاقة في أميركا. هذا طبعاً بالإضافة إلى وعد الرئيس بالحفاظ على الوظائف، ومنها الوظائف في قطاع النفط والغاز، وهو وعد أثبت ترمب خلال فترة رئاسته الأولى القدرة على تحقيقه، كما تظهر أرقام التوظيف في الاقتصاد الأميركي، إذا ما استبعدنا تأثير وباء كورونا.

كذلك، لا يبدو ترمب قلقاً من تأثير البيئة إذا انسحب من ميثاق باريس لمكافحة التغير المناخي، وتميزت فترة رئاسته بعدم صدور أي قيود تحد من التنقيب والاستكشاف والإنتاج، أو من عمل مصافي التكرير أو خطوط النقل للنفط ومشتقاته.

وبالتالي، فإن فوز ترمب بفترة رئاسية ثانية لن يحمل أي جديد سوى استمرار سياساته الحالية في محاولة دعم قطاع الطاقة والشركات الأميركية، خاصة في مجال إنتاج الغاز والنفط الصخري. وإن كانت تلك السياسة لم تعد تحقق أي توسع للشركات، التي أخذت كبرياتها بالفعل في إعادة هيكلة أعمالها واستثماراتها للدخول في مجالات إنتاج الطاقة المتجددة والخضراء (قليلة أو منعدمة الانبعاثات الكربونية).

ولطالما كرر ترمب تعهداته بإعادة إحياء إنتاج الفحم (الذي ما زال بعض محطات توليد الكهرباء تعمل به)، لكن إنتاج الفحم في الولايات المتحدة ما زال يشهد تراجعاً ملموساً، وتقدر كل مصادر قطاع الطاقة أنه سيظل في منحى تراجع مقابل نمو توليد الكهرباء باستخدام مصادر طاقة أخرى كالغاز أو مصادر نظيفة كالطاقة النووية. أما إنتاج الغاز والنفط الصخري، فهناك شبه إجماع بين المتخصصين على أن منحناه وصل إلى قمته بالفعل، وآخذ في الانحدار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فوز بايدن

كرر المرشح الديمقراطي أكثر من مرة أنه لا يؤيد "المبادرة الخضراء" التي طرحها الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، والتي ستعني "منع التنقيب وإنتاج النفط والغاز"، حسب اتهامات حملة منافسه الجمهوري، لكن البرنامج الانتخابي لبايدن يتضمن خطة بيئية بتكلفة تريليوني دولار تركز على التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة على مدى عشر سنوات، وتستهدف خفض الانبعاثات الكربونية في الولايات المتحدة تماماً بحلول عام 2035. وحسب البرنامج الانتخابي لحملته توفر الخطة 10 ملايين فرصة عمل في السنوات العشر المقبلة. 

أما ما تتضمنه خطة بايدن من وقف ترخيص الأراضي الفيدرالية (أرض الدولة) لامتيازات إنتاج الغاز والنفط (الصخري بالأساس) فلا يتعلق بالتراخيص الممنوحة بالفعل. وحسب أرقام مكتب إدارة بيانات الأراضي الحكومي هناك 12.8 مليون فدان فقط ينتج منها الغاز والنفط من بين 25.5 مليون فدان تم تأجيرها ومنحت تراخيص لهذا الغرض. وبالتالي فإن وقف منح تراخيص جديدة لن يكون له الأثر الكبير لأن نحو نصف ما منح بالفعل لم يستغل أصلاً.

أما المخاوف من تأثير فوز بايدن على شركات الطاقة الأميركية فربما يكون جزءاً من المخاوف بشأن مستقبل النمو الاقتصادي عموماً، واستمرار عافية الأسواق التي ظلت قوية خلال فترة رئاسة ترمب الأولى. ويأتي ذلك في سياق تفضيل الأسواق بشكل عام، ومن بينها سوق الطاقة طبعاً، لاستمرار ترمب في فترة رئاسة ثانية عن فوز المرشح الديمقراطي.

عوامل خارج اليد
 
في النهاية، هناك أساسيات السوق من عرض وطلب، والتي تتأثر بسياسات جميع المنتجين والمستهلكين للطاقة في العالم، وليس فقط الولايات المتحدة، وإن كانت تمثل نحو 10 في المئة من سوق الطاقة العالمي. وبالتالي فإن زيادة إنتاج النفط في نيجيريا ببضعة آلاف البراميل يومياً يؤثر في السوق أكثر من تأثير سياسات الإدارة الأميركية، التي ربما يكون تأثيرها أكبر على سوق الطاقة الداخلي في الولايات المتحدة فقط على المديين المتوسط والطويل. الأمر نفسه ينطبق على انخفاض إنتاج ليبيا مثلاً ببضعة آلاف البراميل يومياً.

ومهما كان الدعم الذي تقدمه الإدارة الأميركية، فإن انخفاض الإنتاج الأميركي بنحو مليوني برميل يومياً ليس بسبب سياسات بيئية أو قرارات حكومية أميركية، بل بسبب الضغط الذي تعرض له قطاع الغاز والنفط الصخري نتيجة هبوط أسعار النفط لفترة طويلة بسبب ضعف الطلب العالمي الذي تضاعف نتيجة إغلاق قطاعات اقتصادية كثيرة في مختلف دول العالم في إطار إجراءات مكافحة انتشار وباء كورونا.

شكَّل إنتاج الغاز والنفط الصخري أكثر من 150 في المئة من الزيادة في إنتاج النفط في الولايات المتحدة منذ 2008، قبل أن يبدأ في الانكماش منذ نحو عام. ومع انهيار أسعار النفط في نهاية الربع الأول من هذا العام بدأت شركات الغاز والنفط الصخري في الخروج من السوق، وتوقفت حفارات الإنتاج باطراد. وعلى الرغم من بعض التفاؤل بأن عودة الأسعار فوق حاجز 40 دولاراً للبرميل يمكن أن يعيد بعض شركات النفط الصخري للعمل، فإن استمرار الضغط على الأسعار بسبب اختلال أساسيات السوق لم ينقذ تلك الشركات من خطر التوقف أو الإفلاس.

وبعد إعلان بياناتها المالية للربعين الثاني والثالث من العام، أعلنت أغلب شركات الطاقة الكبرى عن شطب أصول بنحو 50 مليار دولار، أغلبها من أعمالها في قطاع إنتاج الغاز والنفط الصخري. وليس بمقدور أي دعم حكومي أن يعيد إنتاج الغاز والنفط الصخري إلى ما كان عليه قبل أكثر من عام.

تقدر مؤسسة ستاندرد أند بورز أن خطة بايدن، المعلنة في حملته الانتخابية، ستؤدي إلى انخفاض إنتاج النفط الأميركي بنحو مليوني برميل يومياً بحلول عام 2025، لكن الإنتاج الأميركي تراجع بهذا القدر تقريباً في العام الأخير فقط. فمن وصوله إلى أعلى مستوى له قرب نهاية العام الماضي 2019 عند نحو 13 مليون برميل يومياً، لا يزيد حالياً إلا بشكل طفيف على 11 مليون برميل يومياً.

ثم هناك أيضاً التحول في استراتيجيات شركات النفط الكبرى بالاستثمار في الطاقة المتجددة، وليس لذلك علاقة بخطط بايدن أو بموقف ترمب من التغير المناخي، وإنما حرصاً من الشركات الكبرى على ألا تتخلف عن هذا المنحى العالمي الصاعد في إنتاج واستهلاك الطاقة منخفضة الانبعاث الكربوني والمولدة من مصادر طبيعية متجددة لا تنضب، مثل الشمس والرياح، وغيرهما.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد