Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فوريست ويتكر يعتقد أن قضايا "النضال" لم تتغير منذ نصف قرن

يتحدث النجم السينمائي الفائز بالأوسكار عن فيلم "آخر ملوك اسكتلندا" حول تقمص الشخصيات التي يؤديها، والقسوة المستمرة في أميركا، وعلاقة مشهد في مسلسل العصابات "عراب هارلم" مع حركة "مي تو"

فاز الممثل فوريست ويتكر بالأوسكار في 2006، فصار رابع ممثل أميركي- أفريقي ينال تلك الجائزة (غيتي)

لم يكن العالم بحاجة إلى عمل درامي آخر يتناول حياة العصابات. أو قد تعتقدون ذلك. إذ تمكنت أعمال كـ"العراب" Godfather، و"الأصدقاء الطيبون" Goodfellas، و"الوجه ذو الندبة" Scarface، و"آل سوبرانو" The Sopranos، أن تقتحم المشهد الدرامي بالفعل، مع مشهديات الأسلحة ونيرانها، وتتربع على رأس قوائم "أفضل الأفلام والمسلسلات التلفزيونية على الإطلاق".

ولذا، تشكّل صناعة عمل آخر يقارب هذا الموضوع، مع وجود كلمة "العراب" ضمن عنوانه في أقل تقدير، تصرفاً إشكالياً بالتأكيد. في المقابل، يبدو مسلسل "عراب هارلم" The Godfather of Harlem متفرد بإشكالياته الخاصة. من خلال حوادثه التي تدور في إطار حركة الحقوق المدنية وتحرير المرأة، يبرز هذا المسلسل الأميركي شخصيات عادة ما يجري تجاهلها في هذا النوع من الأعمال، بل يضعها في المركز. إذ يؤدي فورست ويتكر شخصية رجل العصابات الحقيقي بامبي جونسون الذي خرج من السجن ليجد أن رجال العصابات الإيطاليين قد استولوا على حي "هارلم" في نيويورك. وهناك ظهور أيضاً لمالكولم إكس (من القادة السياسيين للأميركيين الأفارقة في ستينيات القرن العشرين) ومحمد علي كلاي. إنه عمل متماسك. وقد صُوّرَ بحيوية مع حرفية في أداء ممثليه على مستوى صوغ الشخصيات.

واستطراداً، يتحدث ويتكر عن المبتز الأرعن جونسون، ويصفه بأنه "شخص شديد التعقيد. أردنا تقديم شيء ما عن بامبي، ثم بدأنا في مناقشة تلك العلاقة التي جمعته مع مالكوم إكس وذلك التقاطع بين عالم الجريمة وحركة الحقوق المدنية. أعتقد أنه يصبّ في صميم تصور الناس عن الحلم الأميركي".

وتوضيحاً، لقد أجريت اللقاء مع نجم فيلم "آخر ملوك اسكتلندا" The Last King of Scotland الحائز على جائزة الأوسكار، عبر تطبيق "زووم". ولم يجر الحوار بسلاسة أبداً. إذ لم يشغّل ويتكر كاميرته، إضافة إلى أن الاتصال الإلكتروني بحد ذاته سار بشكل سيء للغاية لدرجة أن صوته بدا كأنه آتٍ من تحت الماء، على الرغم من أن الضجيج الناجم عن حذائه أشار إلى أنه يسير بخطى سريعة. لقد سعينا لمناقشة الموسم الأول من المسلسل الذي وصل مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) إلى المملكة المتحدة عبر شبكة "ستارز" Starz التلفزيونية، لكن المسلسل عرض في الولايات المتحدة قبل أكثر من عام، وما جعل الفنان البالغ من العمر 59 سنة حريصاً أكثر على مناقشة الموسم الثاني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على الرغم من ذلك كله، بدا ويتكر شخصاً لطيفاً للغاية مع صوت رقيق يبعث على الخدر. إنه الصوت نفسه الذي سمعتموه عدداً لا يحصى من المرات، ويقدر على نقل نوع من الطاقة الهادئة. وكذلك من المستطاع تسخير ذلك الصوت في أداء شرير. خذوا على سبيل المثال شخصية القاتل الشبحي في فيلم "الكلب الشبح: طريقة الساموراي" Ghost Dog: The Way of the Samurai 1999، أو ذلك الشخص الذي يقتحم منزلاً ثم يبدأ ضميره بالصحوة في فيلم "غرفة الرعب" Panic Room 2002.

وعلى نحو مماثل، ثمة خلف هذا الجسد الضخم الذي يفوق طوله 187 سنتيمتراً، شعور غزير بالكآبة. ففي 1992، أدى دور جندي بريطاني أسير لديه حبيبة متحولة جنسياً في فيلم "لعبة البكاء" The Crying Game الحائز على جائزة أوسكار (قبل ذلك، جسد ويتكر شخصية الجندي مرتين في دورين صغيرين ضمن فيلمي "فصيلة" Platoon و"صباح الخير يا فيتنام" Good Morning, Vietnam. في الآونة الأخيرة، أدى أيضاً دور كبير الخدم الصبور والعازف عن المواجهة، في البيت الأبيض، في بطولة فيلم "رئيس الخدم" The Butler 2013، والأسقف ديزموند توتو الساعي إلى تحقيق السلام [في جنوب أفريقيا] ضمن فيلم "المغفور له" The Forgiven 2017. وعلى الرغم من أن تدلي جفن عينه اليسرى يجعل التعرف إلى ويتكر في غاية السهولة، إلا أنه يختفي في كل دور يؤديه، ما يعني إنه ممثل يتمتع بكاريزما النجم.

في تفاصيل متصلة، طُلب مني عدم التطرّق إلى ثلاثة مواضيع أثناء ذلك الحديث، هي وباء كورونا والحياة الشخصية والسياسة. ولا يرجع ذلك إلى كون ويتكر غير ناشط اجتماعياً، إذ سبق أن حاز عضوية في "لجنة السياسة المسؤولة عن المناطق الحضرية" للرئيس أوباما، ولديه مؤسسة تسمى "أرض السلام" تعمل في السودان بهدف تدريب الشباب على حل النزاعات. ويضاف إلى ذلك أنه مبعوث اليونسكو الخاص للسلام والمصالحة. في المقابل، إن الكلام ليس أسلوبه حقاً.

وفي المقابل، يفضل فعل الأشياء على قولها. ومثلاً، لقد انجذب إلى "عراب هارلم"، لإنه شكّل فرصة "استخدام خلفية العمل كمرآة عن المجتمع اليوم". خذوا مثلاً الحلقة التي تشهد اندلاع أعمال شغب مع شروع ضباط الشرطة البيض بضرب المتظاهرين السود. بحسب ويتكر، "كنا مدركين تماماً لأوجه التشابه التي تحدث. أردنا الحفاظ على صدقية تلك الفترة لكن في الوقت نفسه إعلاء الأصوات التي تتحدث اليوم، لأن القضايا ما زالت نفسها. إن كثيراً من القضايا التي ناضلوا في سبيلها في ذلك الوقت، لا تزال نفسها الآن".

في 2013 ، صرح ويتكر بشيء، يمكننا اعتباره بأنه (بدر عن شخص) ساذج، عن حالة العالم. وجاء في كلماته، "من الواضح أن الأمور دائماً ما تتحسن بطريقة أو بأخرى. لقد انتقلنا من العيش مكبلين بالسلاسل في وقت من الأوقات، إلى تقديم زعيم العالم الحر. إنها نهاية سعيدة، فاستمتعوا بها!". لكن هل ما زال هذا الشعور بالتفاؤل الشديد يخامره الآن؟

يبدو أن الإجابة، وللمفاجأة، هي نعم. ووفق كلماته، "هناك بعض التفاوتات في العالم، وكذلك الانتهاكات، لكن لا يمكنك إنكار أننا، كأميركيين من أصل أفريقي، نحرز تقدماً. هذا لا يعني أنه لا ينبغي علينا التأمل في الرحلة ومعرفة أين نحن. [في وقت من الأوقات لم يكن يُسمح للسود بـ] العيش في أحياء معينة، ولم يُسمح لهم بالذهاب إلى المطاعم، أو امتلاك منازل. في وقت ما، كانوا ملكية لغيرهم. علينا الاعتراف بهذه الأمور وتلك الحركات، لكن هذا لا يغير حقيقة أن الناس يعانون بسبب عدم المساواة في الرعاية الصحية والاقتصاد والانتهاكات والقسوة. ما زالت هذه الأشياء تحدث. ولذا، علينا الاستمرار في محاولة تصويب تلك الأخطاء".

إذاً، دعونا نعود إلى شخصية بامبي جونسون. على الرغم من ظهور إنسانيته في بعض اللحظات، من خلال حبه الذي لا تشوبه شائبة لزوجته وأطفاله، فإن عنفه صادم أيضاً. إذ يذبح رجلاً ويشاهد آخر يتعرض للاغتصاب بأمر منه. لكن، ليست الأدوار العنيفة بغريبة على ويتكر.

وتذكيراً، حينما جسّد شخصية [الرئيس الأوغندي السابق] عيدي أمين، وقد جعله ذلك الدور رابع أميركي من أصل أفريقي يفوز بجائزة أوسكار عن فئة التمثيل؛ بقي يعيش الشخصية طوال أشهر التصوير. في وقت لاحق، يتذكر النجم جيمس ماكافوي أن "التوتر بقي عالياً. وشعرت أنني أسير فوق البيض طوال الوقت". وكذلك صرّحت كيري واشنطن التي لعبت دور زوجته، إن "الأمر بدا مرعباً، والوجود بقربه مخيفاً لأنه كان "عيدي" طوال الوقت" [اتّسم حكم عيدي أمين بالديكتاتورية]. والآن، يتذكر ويتكر، "أنت تتقمص الشخصية. تتجسّد طريقة عملي كممثل في الغوص داخل أعماق الشخصية ثم الاستسلام لكل الأشياء التي بذلتُ جهداً في سبيل خلقها".

لا أعلم هل أنه ما زال يعيش الشخصية التي بدأ في أدائها قبل اندلاع وباء كورونا، لكن نظراً لأنه يجسد شخصية صانع ألعاب سحري في فيلم "جينغل جانغل: رحلة عيد الميلاد" Jingle Jangle: A Christmas Journey الذي سيُبث عبر شبكة "نتفليكس"، لا أعتقد أن محافظته على الشخصية ستكون صادمة بالنسبة لأي من زملائه النجوم. ويعلق ويتكر ضاحكاً، "أنا فخور به حقاً، إنه فيلم مميز. أعتقد أنه يرفع المعنويات أيضاً". جميعنا بحاجة إلى عمل كهذا.

*عرض مسلسل "عراب هارلم" عبر شبكة "ستارز" بدأ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني).

© The Independent

المزيد من سينما