أعلنت الحكومة البريطانية تعزيز السلطات الشاملة التي تسمح للشرطة بتوقيف وتفتيش المشتبه فيهم من دون شبهة معينة وسط ازدياد جرائم السكاكين في البلاد.
وتقول رئيسة الوزراء تيريزا ماي إن تعزيز هذه السلطات سيساعد الشرطة على معالجة أعمال العنف الخطيرة في أكثر المناطق تضرراً في إنجلترا وويلز.
لكن جماعات حقوق الإنسان حذرت من أن هذا التغيير قد يزيد من تفاقم الفروق العرقية ويثير الاستياء وضعف الثقة في المجتمعات المستهدفة.
ويزيد احتمال توقيف وتفتيش الأشخاص السود حالياً تسع مرات ونصف عن توقيف وتفتيش الأشخاص البيض في إنجلترا وويلز، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن استخدام القانون الذي عززته الحكومة يُطبّق على نحو غير متناسب بدرجة أكبر.
وسهّلت وزارة الداخلية تطبيق "المادة 60" بشأن عمليات التوقيف والتفتيش، وهذا ما سيسمح للشرطة بتفتيش أي شخص في منطقة معينة من دون أسباب معقولة للاشتباه فيه.
في السابق، كانت الشرطة تلجأ إلى هذا الإجراء فقط بموافقة ضابط كبير وبناءً على معلومات استخباراتية تفيد باحتمال وقوع أعمال عنف خطيرة مثل قتال العصابات.
لكن وزير الداخلية ساجيد جافيد غيّر التوجيه الوطني بإناطة المفتشين الأدنى مرتبة بالحق في اللجوء إلى المادة 60 للتوقيف والتفتيش، بشرط أن يكون لديهم اعتقاد باحتمال وقوع أعمال عنف خطيرة.
كما وسّع جافيد صلاحيات التوقيف والتفتيش لتشمل الطائرات من دون طيار ومؤشرات الليزر ورشاشات حمض الأسيد.
وقالت وزارة الداخلية إن التغييرات الأخيرة ستنطبق في البداية على سبع وحدات من قوات الشرطة التي عانت أكثر الجرائم المرتكبة بالسكاكين، وهذا ما سيعطي نحو 3000 ضابط أمن الحق في استخدام الصلاحيات.
لكن جماعة ليبرتي لحقوق الإنسان حذرت من أن عمليات التوقيف والتفتيش بموجب المادة 60 كانت غير متناسبة من الناحية العرقية أكثر من تلك الواردة في المادة 1.
وقالت مسؤولة السياسة والحملات روزاليند كومين لصحيفة الاندبندنت: "إن الاستخدام الملائم والخاضع للمساءلة (لصلاحيات) التوقيف والتفتيش قد يكون له دور في استراتيجية الشرطة المستندة إلى الأدلة، لكن هذه الخطوة الأخيرة قد تأتي بنتائج عكسية."
أضافت كومين "الأبحاث أظهرت المرة تلو الأخرى أن الاستخدام المفرط للتوقيف والتفتيش يدفع إلى الاستياء من الشرطة وقلة الثقة بها، وهذا ما يقوض العلاقات المجتمعية التي يعتمدون عليها (أي رجال الشرطة) في أداء مهماتهم."
وقالت وزارة الداخلية إنه من المتوقع أن تتعاون قوات الشرطة مع المجتمعات المحلية بشأن استخدام صلاحيات التوقيف والتفتيش، ويجب عدم توقيف أي شخص على أساس عرقه.
وأكد وزير الداخلية جافيد أن "الشرطة على خط المواجهة في المعركة ضد أعمال العنف الخطيرة، ومن الضروري أن نعطيهم الأدوات المناسبة للقيام بمهماتهم."
"التوقيف والتفتيش قوتان فعالتان جداً عندما يتعلق الأمر بإحباط الجريمة، وسحب الأسلحة من شوارعنا والحفاظ على سلامتنا."
وقالت رئيسة الوزراء، التي ألقي اللوم عليها في مسألة خفض استخدام صلاحيات التوقيف والتفتيش بتغيير نظامي عام 2014: "سنواصل الدفع قدماً نحو تطبيق صارم للقانون من أجل حماية عامة الناس."
"على صعيد المجتمع كله، نحتاج أيضاً إلى إلقاء نظرة فاحصة إلى الأسباب الجذرية لهذه الجرائم حتى نتمكن من التدخل في وقت مبكر ومنع الشباب من الانجراف إلى العنف في المقام الأول."
وكان من المقرر أن تعقد ماي يوم الاثنين قمة في داونينغ ستريت بشأن أعمال العنف الخطيرة التي يرتكبها الشباب للنظر في أسباب جرائم السكاكين وسبل التدخل المبكر.
ويتم اللجوء إلى المادة 60 بشكل أقل شيوعاً من اللجوء إلى المادة 1 بشأن التوقيف والتفتيش، إذ يستهدف ضباطُ الأمن الأفرادَ الذين يشتبه في أنهم يحملون أسلحة أو مخدرات أو سلعاً محظورة.
ففي السنة المالية 2017-18، استخدمت 18 وحدة فقط من قوات الشرطة من أصل 44 في إنجلترا وويلز صلاحيات المادة 60 في 2500 عملية تفتيش، مقارنة بحوالي 280 ألف عملية تفتيش بموجب المادة 1.
كما أن حوالي 8 في المئة من عمليات التوقيف والتفتيش بموجب المادة 60 أسفرت عن اعتقال شخص ما، مقارنة بـ 17 في المئة بموجب المادة 1.
وقد رفعت قوات الشرطة من وتيرة استخدام الصلاحيات وسط تصاعد العنف في جميع أنحاء البلاد، لكن الأبحاث التي نشرتها الاندبندنت تشير إلى أن التوقيف والتفتيش لم يقللا بشكل كبير من جرائم السكاكين.
وقالت مفوضة شرطة العاصمة لندن كريسيدا ديك "التوقيف والتفتيش قوتان مهمتان جداً بالنسبة إلى الشرطة. إنهما، بلا شك، يسهمان في نتائجنا المتزايدة بشأن كبح مستويات العنف وجرائم السكاكين."
"إن ضباطنا المدربين تدريباً جيداً، وهم يتصرفون بناءً على المعلومات الاستخباراتية، يستخدمون سلطاتهم بشكل احترافي يوميًا لإزالة الأسلحة والمواد الأخرى غير القانونية من الشوارع وللقبض على الجناة العنيفين وعلى الذين يحملون أسلحة بشكل اعتيادي."
وقال مجلس رؤساء الشرطة الوطنية في بريطانيا إن التوجيه الجديد سيقلل من البيروقراطية ويسمح للشرطة بالرد سريعاً على أعمال العنف المحتملة. وأضاف متحدث باسم المجلس "صلاحيات المادة 60 خيار تكتيكي مهم من شأنه أن يكون فعالاً جداً."
وقال مدير الشرطة مايك كننغهام، الرئيس التنفيذي لكلية الشرطة: "إن كل خطوة تساعد على المواجهة السريعة للعنف الخطير وجرائم السكاكين هي موضع ترحيب."
أضاف كننغهام " شرعية المادة 60 تعتمد على معرفة عامة الناس بأنها تستخدم لحمايتهم،" وتابع "من المهم أن تتعامل الشرطة مع المجتمعات المحلية كي لا يفرز استخدام هذه الصلاحيات نتائج عكسية على المدى الطويل."
وسيُعتمد على الضوابط الجديدة مدة عام في لندن، وست ميدلاندز، وميرسيسايد، وجنوب يوركشاير، ووست يوركشاير، وجنوب ويلز، ومانشستر الكبرى، مع مراجعتها بعد ستة أشهر.
كذلك رحب اتحاد الشرطة، الذي يمثل ضباط الصف، بقرار التقليل من الإجراءات الإدارية، لكنه حذر من أن جرائم السكاكين تزداد خارج مناطق نفود وحدات الشرطة السبع المخولة حق استخدام الصلاحيات الجديدة.
وقال نقيب اتحاد الشرطة جون أبتر إن الضباط يعانون سلفاً تحت وطأة المطالب المتنافسة، مشيراً إلى أن "وباء جرائم السكاكين الذي يجتاح هذا البلد لن يحل بين عشية وضحاها، أو من قبل الشرطة وحدها."
"هذه القضية تحتاج إلى معالجة مباشرة، وسوف يتطلب الأمر بعض الوقت والمال لمعالجتها، ومع أن خطوات كهذه مرحب بها، فهي لا تنتج حلولًا طويلة الأجل."
© The Independent