وصل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الاثنين 5 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى محافظة ذي قار جنوب العراق، التي تشهد تطورات أمنية مستمرة، إثر الاستهدافات المتكررة التي تطال ناشطي الحراك الاحتجاجي. وعقد الكاظمي جلسةً استثنائية لمجلس الوزراء في المحافظة، هي الثانية من نوعها، بعد الجلسة الاستثنائية التي عقدت في محافظة البصرة إثر التطورات الأمنية التي شهدتها في أغسطس (آب) الماضي.
استثناءات مالية
عُقدت جلسة الحكومة العراقية في مبنى الكلية العسكرية، بحضور محافظ ذي قار ناظم الوائلي ونائبه، فضلاً عن قادة أمنيين. وقال الكاظمي في بيان، إن "وضع ذي قار يستحق وقفةً جادة من مجلس الوزراء، وعازمون على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة المحافظة وأهلها"، مبيناً أن "الناصرية يجب أن يكون لها وضع خاص وتطلق فيها المشاريع وتوفير فرص العمل".
وعلى الرغم من سوء الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، قرر مجلس الوزراء، في وقت سابق، الاثنين، استثناء محافظة ذي قار من كل الإجراءات للإسراع بتمويل مشاريعها. فيما اتُّخذ قرار بإنشاء صندوق مجلس إعمار ذي قار "يتولى تنفيذ مشاريع المحافظة ورصد التخصيصات المالية اللازمة لها ضمن مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2021"، فيما تضمنت الجلسة الإعلان عن عدد من القرارات الاقتصادية الأخرى.
وكشف الكاظمي عن "وجود 270 مشروعاً متلكئاً في محافظة ذي قار، لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بالفساد وسوء الإدارة، وسنقوم بمعالجتها قدر المستطاع".
إعادة الثقة بالمؤسسة الأمنية
بحث الكاظمي الأوضاع الأمنية في المحافظة، فعقد اجتماعاً للقيادات العسكرية والأمنية، بحضور وزير الداخلية عثمان الغانمي، دعا فيه الأجهزة الأمنية إلى "التعامل المهني مع المتظاهرين، ومراعاة مبادئ حقوق الإنسان واحترام حرية الرأي والتعبير والتظاهر"، مشدداً على "رفضه التام الاعتداء والتجاوز على القوات الأمنية وهي تؤدي مهماتها الأمنية في حفظ الأمن".
وأكد أنه عمل منذ تسلم رئاسة للحكومة وأصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة على "إعادة الثقة بالمؤسسة الأمنية وإعادة هيبتها ومكافحة الفساد داخلها، بما يساعد في تحقيق الأمن والاستقرار في عموم العراق".
هجمات صاروخية جديدة
وزار الكاظمي جسر الزيتون، حيث التقى بعض ذوي ضحايا "المجزرة" التي جرت هناك، وأدت إلى مقتل وجرح عشرات المحتجين من أبناء المحافظة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال إن "الحكومة مضت بخطوات مهمة في الحفاظ على حقوق الشهداء وتحقيق القصاص من القتلة ومحاسبة المتورطين".
وتأتي زيارة الكاظمي إلى ذي قار عقب ظهوره في أول حوار متلفز في 3 أكتوبر الحالي، تحدث فيه عن الانتهاكات التي جرت بحق المتظاهرين، لعدد من جرحى احتجاجات مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار.
وقبيل توجه الكاظمي إلى الناصرية، شهدت العاصمة بغداد، هجمات عدة بصواريخ كاتيوشا طالت المطار ومنطقة الجادرية القريبة من السفارة الأميركية. وأوضح مصدر أمني أن صاروخ كاتيوشا سقط بالقرب من مقهى الأطرقجي في منطقة الجادرية، فيما لم يُفضِ القصف عن أي خسائر بشرية.
وفي ساعة مبكرة من فجر الاثنين، استهدف هجوم بصاروخين محيط مطار بغداد الدولي، فيما نقلت وكالات محلية عن مصادر أمنية أن "الصاروخين سقطا في ساحة مفتوحة بمحيط المطار". ويأتي هذا القصف بعد أسبوع من سقوط صاروخ كاتيوشا على منزل في منطقة الرضوانية القريبة من مطار بغداد، ما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا معظمهم من الأطفال.
زيارة مرتبطة بالتعقيدات الأمنية
يربط مراقبون زيارة الكاظمي إلى الناصرية بالمشهد المعقد الذي تواجهه حكومته أمنياً واقتصادياً، حيث عبر الصحافي العراقي أحمد حسين عن اعتقاده أن "الكاظمي يحاول تعزيز علاقته بقواعد الاحتجاج العراقية، باعتبارها الطرف الأشد عداءً ورفضاً لنشاطات الفصائل المسلحة، والقوة الأبرز التي قد تسانده في أي تحرك ضد هذه الجماعات".
وأوضح حسين في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن الكاظمي لن يحصل على شيء من الدعم الذي يتوقعه في حال بقاء مسألة "تحقيق العدالة بالقصاص من قتلة المتظاهرين وملاحقة المتورطين بعمليات ترهيب الناشطين والفاسدين، مجرد شعارات وتعهدات دون خطوات حقيقة ونتائج واضحة".
أما أستاذ العلوم السياسية قحطان الخفاجي فقال إنه "بالإمكان أن تكون الصواريخ الأخيرة التي طالت المطار ومنطقة الجادرية، مرتبطة بتصريحات رئيس الوزراء المتعلقة بتشكيل جهة قضائية لملاحقة قتلة المحتجين، إلا أن الأمر الرئيس يرتبط بمساعي طهران الرامية لإدامة الصراع مع واشنطن في العراق". وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، أنه "على الرغم من إعلان الجهات السياسية والفصائل الرئيسة المقربة من إيران عدم مسؤوليتها عن استهداف السفارة الأميركية، فإن ما يجري مجرد تكيف مع ظروف المرحلة الحالية"، مبيناً أن "فصائل الظل التي تتهم بتلك الهجمات، هي مجرد واجهات للفصائل المعروفة لتجنب احتمالات الرد الأميركي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مطالبات الناشطين
ويعتقد مراقبون أن الزيارة ترتبط بمحاولات الكاظمي الحد من هجمات الفصائل المسلحة ومواجهتها والتقليل من نفوذها، فيما قالت منصات على صلة بالفصائل عشية الزيارة، إن الكاظمي ذهب بنفسه إلى الناصرية للبحث عن الناشط "سجاد العراقي" الذي خطف في 22 سبتمبر (أيلول) الماضي.
ونقلت وسائل إعلام محلية في وقت سابق نفي ناشطي الحراك في ذي قار وجود ممثلين عنهم في لقاء مع الكاظمي. وقال حسين الغرابي، وهو أحد الناشطين البارزين في محافظة ذي قار، إن "الكاظمي لن يكون قادراً على استقبال الناشطين في المحافظة، فهم بين مهدد ومعتقل ومخطوف وشهيد"، مبيناً أن "ناشطي الناصرية وذوي الضحايا فيها يطالبون بتحقيق مطالبهم التي يرددونها منذ انطلاق الاحتجاجات". وأضاف أن "محافظة ذي قار منكوبة باعتراف البرلمان العراقي، وتتطلب مواقف حقيقية على مستوى الأمن والاقتصاد والخدمات".
وبشأن الناشط المخطوف سجاد العراقي، بين الغرابي، أنه "كان على الكاظمي إعلان نتائج إرسال جهاز مكافحة الإرهاب إلى الناصرية، والكشف عن مصير المخطوف سجاد العراقي، مع أن الأجهزة الأمنية تعرف مكان المخطوف والجهة الخاطفة".
تدمير عجلتين لـ"تنظيم داعش"
في غضون ذلك، أعلنت خلية الإعلام الأمني في 4 أكتوبر الحالي، أن قوةً مشتركة ضمن قيادة عمليات الأنبار تمكنت من العثور على مخبأ للأسلحة جنوب قضاء الرطبة، مشيرةً إلى أن المخبأ يحتوي على "حاوية مدفونة تحت الأرض بداخلها خمسة صواريخ من نوع كاتيوشا و8 قواعد صواريخ محلية الصنع، وقذائف هاون عيار 80 ميليمتر ورمانتين هجوميتين".
ولفت البيان إلى أنه "من خلال المتابعة المستمرة لقاطع المسؤولية، وردت معلومات استخبارية عن وجود لعصابات تنظيم داعش الإرهابي في الجنوب الشرقي لقاطع المسؤولية ضمن قيادة عمليات الأنبار أيضاً، فقد تمكنت قوة محمولة جواً وأخرى ميدانياً من تدمير عجلتين لعصابات داعش الإرهابي في عمق الصحراء".