تحول مسار الباص السريع، وهو أحد أكبر المشاريع المرورية في الأردن، إلى متنفس لآلاف الأردنيين من قاطني العاصمة عمان، مع تآكل المساحات الخضراء وقلة عدد الحدائق العامة وعدم قدرتها على استيعاب الكثافة السكانية المتزايدة.
وعلى الرغم من تسبب مسار الباص السريع بأزمة مرور يومية خانقة، وتحويله حياة البعض إلى جحيم بعد إغلاق العديد من المحال التجارية على جانبي المشروع، وقضم أجزاء واسعة من العاصمة، وجد كثيرون من محبي رياضة ركوب الدراجات، وألواح التزلج، ضالتهم في المسار المخصص للباص، في حين اعتبره آخرون مصدر رزق جيد لهم حيث ينتشر العشرات من الباعة المتجولين.
وتغض الجهات المعنية الطرف عن هذه الظاهرة الآخذة في التزايد، لحين استكمال المشروع وبدء تشغيله، إذ أصبح المشروع ممشى ومكاناً مفضلاً للتنزه بالنسبة إلى كثيرين، مع افتقار العاصمة للأماكن المخصصة للمشي.
المشروع الأكثر بطئاً
مشروع الباص السريع الذي أطلق العمل فيه عام 2009 ويتوقع إنجازه في عام 2021، أصبح محط تندر الأردنيين وسخريتهم بسبب تأجيل العمل فيه مراراً، وتوقفه عشر سنوات، مما حدا بالبعض إلى وصفه بمشروع النقل الأبطأ في تاريخ الأردن.
والمشروع معني بتطوير نظام نقل ومرور متكامل وعصري يلبي احتياجات سكان عمان وزائريها في الحركة والتنقل، ويراعي الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية للمدينة وطبيعتها الجغرافية.
وهو أول نظام نقل سريع ومرن لمدينة عمان، ويعتمد على حافلات ذات سعة كبيرة في مسارب مخصصة وتقدم مستوى عالياً من الخدمات، ووفق نظام دفع إلكتروني.
رياضة في الهواء الطلق
على مقربة من المشروع، الذي لا يزال قيد الإنشاء، يخرج أعضاء في أحد أندية الكاراتيه لممارسة رياضتهم في الهواء الطلق في مسار الباص السريع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول المدرب المسؤول عن النادي "اخترنا مسار الباص السريع لأنه آمن وبعيد عن حركة المرور، وهو على مقربة من مبنى النادي، ومن الأنسب في هذه المرحلة تحديداً والتي تتزايد فيها إصابات فيروس كورونا، ممارسة الرياضة في الهواء الطلق وفق مبدأ التباعد الاجتماعي، بدلاً من الأماكن الضيقة والمزدحمة".
ويفضل كثيرون، خصوصاً من كبار السن، ممارسة رياضة المشي في مسار الباص السريع، بينما تتنزه العائلات ويجتمع راكبو الدراجات النارية، والراغبون في تنزيه كلابهم، بينما اعتبره البعض مكاناً مناسباً لركن السيارات.
وكثفت مجموعات المشي التي تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي من وجودها في المسرب المخصص للباص السريع، خصوصاً في ظل جائحة كورونا، وإغلاق الحدائق العامة والأندية الرياضية.
هايد بارك سياسي
ولا يقتصر الأمر على المتنزهين أو من يبحثون عن مساحة للتنفيس عن أطفالهم، إذ أصبح مسار الباص السريع الذي يمتد على طول 35 كلم، إلى مكان مفضل للمحتجين ومنظمي التظاهرات والاعتصامات والوقفات المطالبية.
ويرى ناشطون أن استخدام مسار الباص السريع أكثر جدوى من التظاهر في أماكن أخرى مزدحمة وقد تكون معرقلة لحركة السير، حيث تنظم ما بين الفينة والأخرى سلاسل بشرية احتجاجية عبر مئات الناشطين الذي يحملون يافطات تعبر عن مطالبهم في أهم شوارع العاصمة وأكثرها حيوية.
بيئة طاردة
ويعتبر ناشطون ورياضيون شوارع العاصمة عمان بمثابة بيئة طاردة للرياضات الهوائية، كالجري والمشي وركوب الدراجة، إذ كان هؤلاء قبل استغلال مسار الباص السريع يضطرون إلى ممارسة نشاطاتهم في الشوارع وسط مخاطر التعرض للحوادث مع غياب أي مساحات خاصة بالمشي أو براكبي الدراجات.
وتفسر المهندسة في أمانة عمان الكبرى، نعمة قطناني، ذلك بطبيعة العاصمة الجبلية ونسبة الميلان العالية في شوارعها، وهو ما يجعل ممارسة بعض أنواع الرياضة مهمة شاقة.
وتلفت أمانة عمان إلى أن هناك 13 حديقة عامة تنتشر في العاصمة للترويح عن المواطنين وهي كافية، وأبرزها حديقة زهران المخصصة للاسترخاء ولعب الأطفال، وحديقة بنك الإسكان والحديقة اليابانية وحديقة المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، فضلاً عن حديقة مركز هيا الثقافي والحديقتين الأكبر في الأردن، وهما حديقة المدينة الرياضية وحدائق الحسين.