Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نحن على مفترق طرق أزمة مناخ فكيف نتخطاها؟

تصفير انبعاثات غازات الدفيئة أمر صائب وذكي وواجب وبريطانيا مطالبة بأن تسهم في حماية كوكبنا

إذا استمر البشر في تلويث الغلاف الجوي ومفاقمة الاحتباس الحراري فسيعانون عواقب وخيمة (سي بي سي.سي إيه)

رأينا الحكومة أخيراً وهي تصارع للتخطيط للأسبوع المقبل، ناهيك عن الشهر أو العام التاليين، بيد أن لدينا نوعاً من اليقين في ما يتعلق بقضية بعينها ذات أهمية حيوية.

فقد أقرت هذه البلاد قانوناً يلزمنا تصفير الانبعاثات بحلول 2050، وهو ما دلّل على حرصنا على موازنة انبعاثات الكربون. وفيما قد يقول قائل إن هذا سيجري على نحو بطيء أكثر مما ينبغي، يمكننا أن نتفق جميعاً أنها خطوة في الاتجاه الصحيح.

إذاً، على الرغم من كل الغموض الذي يلفّنا، ينبغي ألا يفوتنا أن نلاحظ حقيقة أن لدينا إحساساً واضحاً حول الوجهة التي نمضي إليها في ما يتصل بهذه القضية التي تعتبر أساسية أكثر من كل ما عداها.

الوصول إلى تصفير الانبعاثات هو الأمر الصائب الذي يتوجب فعله وينبغي أن تلعب بريطانيا دورها في سبيل حماية كوكبنا.

وبمقدور بريطانيا أن تكون في الصدارة لجهة التحول إلى الطاقة الخضراء، سواء كان ذلك في الاستثمار بالهيدروجين لاستبداله بالغاز الطبيعي، واستعمال الكتلة الحيوية التي تتمتّع بمستوى أدنى من الكربون بدلاً من طاقة الفحم التقليدي، إلى دراسة حلول احتجاز الكربون المبتكرة لخفض الانبعاثات من العمليات الصناعية.

والوصول إلى تصفير الانبعاثات هو الأمر الذكي الذي يتوجب فعله، لأن ذلك هو السبيل إلى تمكيننا من توفير اقتصاد المهارات الرفيعة والرواتب العالية والإنتاجية العالية الذي يقول السياسيون على اختلاف مشاربهم إنهم يريدونه لبلادنا. وعلى نحو حاسم، إذا تم التوصل بالطريقة الصحيحة إلى اقتصاد تنعدم فيه الانبعاثات، فإنه يستطيع أن يدفع عجلة رفع المستوى الاقتصادي وفق أجندة الحكومة، إلى الأمام بقوة.

تجمعت الفرص لعقود عدة في مناطق بعينها، وفي أيدي مجموعات محددة؛ وفي هذه الأثناء، تركّز غياب الفرص في مناطق "البقع الباردة" (أي المناطق المستقرة اقتصادياً لكنها لا تشهد ازدهاراً أو نموا مقارنة بمناطق أخرى) في طول بريطانيا وعرضها. سيتطلب الانتقال إلى الطاقة الخضراء مهارات جديدة وإمدادات جديدة من الأشخاص الموهوبين لتشغيلها. وهذه تمثل فرصة للقضاء على اللامساواة والمناطق التي تشهد ركوداً مزمناً cold spots. نحن على مفترق طرق، حيث يمكن أن تتحسن الأمور، وإن كنا في خضم أزمة. ويمكن حقاً أن يحصل تحول أخضر "عادل" اجتماعياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

قلت أول الأمر في 2014 إن أجندة الكوكب ومن يعيشون عليه هما وجهان لعملة واحدة. والاثنان يتطلبان أن تعمل الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمعات المختلفة مع بعضها بعضاً بصورة جماعية. لا تستطيع أي مجموعة أن تفعل ذلك بمفردها لأننا نخلق نظاماً بيئياً جديداً تماماً لاقتصادنا، وهو يعمل على أرضية مختلفة وأفضل مما لدينا حالياً في ما يتعلق بجانبين حيويين، هما كيفية التأثير في كوكبنا وكيفية التأثير في شعبنا.

وينبغي أن توفر الحكومة مناخ الاستثمار المستقر والصحيح، الأمر الذي سيطلق العنان للتمويل الذي سيحوّل قطاع الطاقة لدينا ويسمح لقطاعات الاقتصاد الأخضر الجديدة أن تزدهر. وعليها أيضاً أن تؤسس نظاماً تعليمياً مؤهلاً للخدمة على المدى الطويل، يعدّ العدة لتوفير إمدادات الكوادر التي تملك المعرفة والمهارات المطلوبة لمهن الاقتصاد الأخضر في المستقبل، فيستطيع عندها الشباب أن يغتنموا الفرص التي يجري خلقها. علينا ألا ننسى أن شخصاً بالغاً في سن الثلاثين يعمل في إحدى مهن الانبعاثات الصفرية في 2050، سيكون من مواليد وقتنا الحالي.

ويجب أن يظهر القطاع الخاص وقطاع الأعمال الذي قد يخدم هذا التوجه، إلى جانب الاستثمار، دوراً قيادياً حقيقياً، وإثبات أن لدى هذه القطاعات خططاً مستدامة حول فرص تصفير الانبعاثات ورفع المستوى الاقتصادي. وهذا هو محور الأعمال القادرة على تحمّل المسؤولية وأجندة الـ"إي إس جي" (الحوكمة البيئية والاجتماعية)  ESG environmental, social and governance وهي تتخطى بأشواط المسؤولية الاجتماعية للشركات التقليدية.

وفي سياق مسيرة عملي كلها على الحركية الاجتماعية social mobility (انتقال الأفراد من مستوى اقتصادي أو مكان إلى آخر)، حين كنت نائباً ووزيرة للتربية، والآن وأنا أقود تحالفاً للأعمال يشتغل على الأرض، أعرف أن لدى قطاع الأعمال دوراً حاسماً لتحقيق التغيير على مستوى القاعدة. يمكن لكل واحدة من المؤسسات في بلادنا أن تكون قوة خير تسهم في مساعدتنا في تصفير الانبعاثات الغازية. وهذا ما حملني على إطلاق "تعهد الكوكب الواحد" One Planet Pledge. ومن خلال الانضواء تحت هذه المبادرة، يمكن أن تحجز الشركات والجامعات مواعيد وصولها إلى تصفير الانبعاثات الغازية. وإذ يفعلون ذلك، فإنهم يقدمون التزاماً علنياً أمام الأشخاص الذين يتلقّون خدماتهم.

لن تنتظر شركات الأعمال الذكية حتى آخر لحظة، فهي تنتهز الفرصة لتكون في مقدمة ثورة الكوكب والناس هذه التي يمكنها أن تساعدنا على إعادة اختراع بريطانيا لجعلها أفضل.

إن وراء رفع المستوى الاقتصادي للمناطق الفقيرة وتصفير الانبعاثات، القيم والروح نفسها التي تتمثل في الاعتراف بقيمة الفرد وبمكانة البلاد في العالم الأرحب. إنها روح تدرك أن المكان المشترك في العالم يجلب معه مسؤوليات مشتركة حيال بعضنا بعضاً.

وكما يقول مثل أفريقي على نحو صائب "إذا أردتم أن تذهبوا بسرعة، امضوا فرادى، وإذا أردتم أن تذهبوا بعيداً، امضوا معاً".

والذهاب معاً يعني أن تأخذ بريطانيا مجتمعة، بما فيها قطاع الأعمال، زمام المبادرة لمعالجة أزمة المناخ وتوفير خدمة الإشراف على كوكبنا. والذهاب معاً يعني ذلك أيضاً، خلق نسخة أخرى من بريطانيا تكون أكثر إنصافاً. فالنسخة الحالية التي تحفل بعدم التكافؤ في الوصول إلى الفرص، ليس لشيء سوى خلفية الشخص وظروفه، تقف على النقيض تماماً من بريطانيا الحديثة التي يجب أن تعمل بشكل مختلف. ويجب أن يتغير ذلك.

لا تتوفر الفرصة، أو تبرز الحاجة، لكل جيل، لإعادة صياغة بلاده على هذا النحو العميق للغاية. نحن الجيل الذي يستطيع أن يصحح أخطاء الماضي، على كوكبنا وأيضاً من أجل شعبنا. تلك هي فرصتنا. وعلينا أن ننتهز الفرصة.

 

( جاستين غرينينغ وزيرة سابقة للتربية وأيضاً للتنمية الدولية، كما أسست "تعهد الكوكب الواحد")

© The Independent

المزيد من آراء