Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يشهد السودان موجة فيضان ثانية؟

البلاد تجاوزت مرحلة الخطر وموسم الأمطار أوشك على الانتهاء

يتوقع أن تشهد السنة المقبلة فيضاناً يفوق حجمه مما هو عليه هذا العام (اندبندنت عربية-حسن حامد)

بعد مشهد غير مسبوق لفيضانات اجتاحت 16 ولاية سودانية خلال الأسبوعين الماضيين، فاقت المعدلات الطبيعية ولم يشهد لها مثيل منذ 100 عام، لقوتها وما خلفته من خسائر مادية وبشرية كبيرة، يتداول كثير من الناس في السودان هذه الأيام أحاديث تعبر عن مخاوفهم من حدوث موجة ثانية من الفيضانات، من دون أن يستندوا إلى مؤشرات أو توقعات علمية دقيقة، وهو ما استبعده عدد من خبراء الري السودانيين، والمختصون في الأرصاد الجوية، بقولهم إن البلاد تجاوزت مرحلة الخطر، وإن منسوب مياه النيل بدأ في الانحسار تدريجاً بمعدلات بسيطة، فضلاً عن أن موسم الأمطار أوشك على الانتهاء، حسب ما هو سائد في العرف المناخي بتلك المنطقة.

وفي هذا الشأن، يقول وزير الري والموارد المائية السابق في السودان عثمان التوم، لـ "اندبندنت عربية"، عن مدى احتمال حدوث موجة ثانية لفيضانات في البلاد، "نحن لا نتمنى أن تكون هناك موجة ثانية من الفيضانات، لأن آثارها التي خلفتها خلال الفترة الماضية كانت بالغة في ظل هشاشة البنى التحتية، وضعف مباني معظم السكان المتمركزين على ضفاف النيل، لكن كل شيء وارد وغير مستبعد حدوثه على الرغم من أن المؤشرات لا تدل إلى ذلك، بل إن حدوث فيضانات خلال الأيام المقبلة ضعيف جداً، ولكن إذا رجعنا إلى عام 1975 نجد أنه قد حدثت موجة فيضانات متأخرة في أواخر سبتمبر (أيلول)، وهو حدث نادر جداً في تاريخ السودان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت إلى أنه في حال كانت هناك موجة جديدة للفيضان، ستُعرف قبل حدوثها على الأقل بأربعة أو خمسة أيام، وذلك بأن تكون هناك زيادة في المياه الواردة من الحدود الإثيوبية من خلال تقديرات تتم بواسطة نماذج رياضية معينة، لكن لأن الفيضانات الحالية التي اجتاحت البلاد كانت غير مسبوقة لأنها فاضت عن سعة النيل وأحدثت خسائر كبيرة على المستويات كافة، فإن احتمال حدوثها في ما تبقى من أيام لموسم الأمطار ضعيف جداً.

أضاف التوم "نتوقع أن يكون هناك انخفاض في هطول الأمطار، وهذا ما أكده مسؤولو الأرصاد الجوية في إثيوبيا بقولهم إنه بعد 15 سبتمبر الحالي لا يتوقعون أمطاراً حسب العرف المناخي السائد في تلك المناطق، لكن مع تغيرات المناخ قد تأتي أمطار في وقت متأخر، وهذا احتمال غير مستبعد"، لافتاً إلى أن منسوب النيل بدأ بالانخفاض تدريجاً، وذلك بمعدل خمسة إلى ستة سنتيمترات في اليوم، ولكن معدلات الانخفاض تختلف من موقع إلى آخر، ومن منطقة لأخرى.

تجاوز مرحلة الخطر

وفي سياق متصل، يشير الخبير السوداني في القانون الدولي للمياه وممثل السودان السابق في مفاوضات سد النهضة أحمد المفتي لـ "اندبندنت عربية"، إلى أن "النيل بدأ في الانحسار بمعدل درجات بسيطة، لكن بشكل عام، فإن أي انحسار لمنسوب المياه تكون له آثار إيجابية، وبعد هذا التوقيت لن تكون هناك مخاطر تذكر من حدوث فيضانات جديدة، إلا من ناحية الأمطار التي شارف موسمها على الانتهاء"، مبيناً أن المخاطر المقبلة تتعلق بالقضايا البيئية والصحية، نظراً لوجود تجمعات كبيرة للمياه الراكدة في معظم أنحاء البلاد، وهي في غالبيتها ملوثة، وتولد حشرات مما يؤدي إلى تفشي أمراض عديدة مثل الملاريا والبلهارسيا والتيفوئيد.

وتابع المفتي أنه "في تقديرنا، لن تكون هناك موجة ثانية للفيضانات، وحسب المؤشرات والحسابات، فإننا تجاوزنا مرحلة الخطر، والتي كانت نهايتها في 31 أغسطس (آب)، لذلك بدأ منسوب النيل في الانحسار حتى يقل عما كان عليه في فترة الفيضانات، ولن تكون هناك إلا أمطار بسيطة ومتفرقة، وهو ما أكدته مصلحة الأرصاد الجوية في البلاد"، منوهاً إلى أن منسوب مياه النيل هذا العام كان عالياً جداً بقياس المعدلات المتعارف عليها، وفي الوقت نفسه، قام الإثيوبيون بتخزين خمسة مليارات متر مكعب من مياه النيل الأزرق في خزان سد النهضة خلال يوليو (تموز) الماضي، مما أدى إلى إبعاد محطات المياه خارج الخدمة، إذ كانت المياه منخفضة لأبعد حد.

وتوقع أن تشهد السنة المقبلة فيضاناً يفوق حجمه مما هو عليه هذا العام، لأن إثيوبيا ستقوم بملء المرحلة الثانية لسد النهضة والذي سيؤدي إلى تخزين 18 مليار متر مكعب من المياه، وبالتالي فإنه إذا لم تلتزم إثيوبيا بتفريغ كمية الخمسة مليارات متر مكعب التي قامت بتخزينها في فترة الملء الأول خلال فترة انحسار مياه النيل في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فسيكون الفيضان في عام 2021 قوياً جداً، وستفوق خسائره فيضانات هذا العام بمراحل.

انخفاض تدريجي

وكانت وزارة الري ممثلة في لجنة الفيضانات أعلنت السبت، 12 سبتمبر، انخفاضاً جديداً بمناسيب النيل في معظم الأحباس، في وقت لا تزال بعض مناطق البلاد تشهد ارتفاعاً في أعلى مستوى، وأشارت لجنة الفيضانات في بيان إلى أن منسوب النيل في شندي، شمالي السودان، والنيل الأبيض عند منطقة الجبلين، وحتى خزان جبل أولياء جنوب الخرطوم، ما زالت في أعلى مستوياتها، موضحة أن وارد محطة الديم عند الحدود السودانية الإثيوبية، اليوم الأحد، سيكون في حدود 665 مليون متر مكعب، بينما يكون وارد العطبراوي في حدود 180 مليون متر مكعب.

وبحسب توقعات اللجنة لهذا اليوم، فإن منسوب قطاع الدمازين سنار سيشهد استقراراً، بينما سيشهد قطاع سنار الخرطوم انخفاضاً في حدود سبعة سنتيمترات، وكذلك قطاع الخرطوم شندي سيشهد انخفاضاً في حدود خمس سنتيمترات، وأيضاً قطاع شندي عطبرة سينخفض إلى سنتيمترين اثنين، بينما سيشهد قطاع خشم القربة عطبرة ارتفاعاً في حدود 15 سنتيمتراً، كما توقعت اللجنة أن يشهد قطاع عطبرة سد مروي انخفاضاً في حدود ثمانية سنتيمترات، وانخفاض قطاع سد مروي الدبة في حدود أربعة سنتيمترات، في حين سيشهد قطاع الدبة دنقلا استقراراً.

وأشارت لجنة الفيضانات إلى أن محطة ود مدني سجلت السبت 19.77 متر، وتوقعت أن تنخفض اليوم إلى 19.72 متر، بينما سجلت محطة الكاملين السبت 18.75 متر، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 18.63 متر، في وقت سجلت الخرطوم السبت 17.42 متر، ويتوقع أن تنخفض اليوم لتسجل 17.40 متر، كما سجلت محطة شندي 18.42 متر، ويتوقع أن تسجل اليوم 18.40 متر، بينما سجلت محطة عطبرة، 15.64 متر، ويتوقع أن تسجل اليوم 15.67 متر، كذلك سجلت دنقلا السبت 15.22 متر، ويتوقع أن تنخفض اليوم إلى 15.21 متر.

هطول الأمطار

ويأتي هذا الانخفاض التدريجي لمنسوب مياه النيل بعد موجة فيضانات مدمرة شهدتها البلاد هذا العام، لم يسبق أن حدثت من قبل منذ 1912، وفق الجهات المختصة في السودان.

وتشهد البلاد سنوياً نوعين من الفيضانات أولهما، الناتج من كثافة هطول الأمطار أو السيول خلال موسم الأمطار التي تسقط داخل الأراضي السودانية خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر (تشرين الأول)، والثاني، يحدث من فيضانات نهر النيل الأبيض.

وأدت الفيضانات حتى الآن إلى مقتل 102، وإصابة العشرات، وانهيار نحو 70 ألف منزل ومئات المدارس والمنشآت العامة، في الوقت الذي أعلنت الحكومة السودانية حالة الطوارئ في البلاد لمدة ثلاثة أشهر.

المزيد من العالم العربي