أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر، أن جولته الأخيرة في الشرق الأوسط أوحت له بمزيد قناعة أن إنهاء الانقسام الخليجي بات ملحاً من أجل حشد أكثر صلابة ضد النظام الإيراني، الذي قال إنه أجبر قطر على دفع ما يشبه "الجزية" مستغلاً ظرف مقاطعتها من جيرانها.
وقال في إيجاز صحافي عن بعد، نظمته الخارجية اليوم الأربعاء، إن محطته الأولى كانت الكويت بهدف "طمأنتها بأننا نثمن شراكتنا طويلة الأمد وتعاوننا الوثيق، كما استعرضتُ حوارنا الإستراتيجي الذي سيجري عما قريب، وشكرتهم على جهودهم المتواصلة للتوسط وحل الصراع الخليجي. كما عقدتُ في قطر اجتماعات لاستعراض حوارنا الإستراتيجي الذي سيقام يومي 14 و15 من الشهر الجاري. توقعاتنا كبيرة بأن يكون الحوار مثمراً، وأن يغطي مجموعة كبيرة من القضايا، وناقشنا أيضاً تعاوننا المتقدم الممتاز في مجال مكافحة الإرهاب".
وهي جولة قادت شينكر إلى لبنان أيضاً، حيث ناقش مع المسؤولين اللبنانيين "وضع حد للفساد المستشري المكبل لإمكانات لبنان الهائلة"، إلى جانب تخيير حزب الله بين "الرصاص وصناديق الاقتراع" التي رفض المسؤول الأميركي الجمع بينهما.
الخلاف يخدم أعداء الطرفين
ولفت إلى أن المحادثات مع الكويت وقطر كان الجانب الأبرز منها جرى تخصيصه لإنهاء الخلاف الخليجي الذي نشطت الكويت في جهود الوساطة لإنهائه، وبحد أدنى التقليل من آثاره. مؤكداً أن الحاجة إلى الوحدة الخليجية لم تزل موضوعاً دائماً خلال المحادثات المماثلة، وأن "الخلاف بين دول الخليج لا يخدم إلا مصالح خصومنا ويضر بمصالحنا المشتركة. لدينا عمل مهم نؤديه معاً، ونريد أن تقوم الأطراف المعنية بحل الخلاف. وبات من الضروري أن يتوحد مجلس التعاون الخليجي في وجه التهديدات الإقليمية أكثر من أي وقت مضى، وقد حان الوقت لتتوحد كافة دول الخليج لمواجهة التحديات التي تعترض طريقها".
كانت أنباء ترددت منذ أشهر عن ضغط أميركي على دول الخليج للدخول في تسوية مرضية لكل الأطراف تنهي الانقسام الذي يزعج حلفاءهما، إلا أن تمسك كلا الجانبين بموقفه جعل الأزمة تراوح مكانها.
الأجواء الإيرانية ليست بديلاً آمناً لقطر
لكن المحاولات الأميركية بحسب شينكر لا تزال مستمرة، فأهمية هذه المسألة تبرز عند واشنطن أكثر نظير تعلقها "بمواجهة تأثير إيران الخبيث في المنطقة، وقد شهدنا الشهر الماضي على خطوة قوية للمضي قدماً عندما طلب أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة من مجلس الأمن الدولي تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، ويبرز ذلك أهمية القوة المشتركة للخليج الموحد، وهي قوة ضرورية لتعزيز السلام والأمن. إذاً نتطلع قدماً لمواصلة مشاركاتنا مع دول الخليج، ضمن سلسلة من الحوارات الإستراتيجية المرتقبة تبدأ بالحوار مع قطر الأسبوع المقبل".
ولدى سؤال مساعد وزير الخارجية الأميركي عما إذا كان اهتمام القيادة الأميركية على مستويات عليا بوضع حل للملف الخليجي مرتبط بالانتخابات الأميركية، أجاب بالنفي. لكنه أقر بأن الإدارة في واشنطن مهتمة بحل الخلاف سريعاً لقطع الطريق على إيران.
وأضاف "ثمة قدر هائل من الاهتمام رفيع المستوى بشأن هذه المسألة وهذه أولوية بالنسبة إلى الإدارة. نحن نعتبر أن الانقسامات الخليجية لا تخدم مصالح أي طرف سوى إيران، وأنها توفر الأموال للنظام في طهران من خلال إجبار قطر على دفع رسوم طيران إضافية له".
وأشار إلى عامل إضافي جديد هو تجنيب القطريين والمدنيين الخطر عند المرور على الأجواء الإيرانية "فقد سبق أن رأينا ما حدث عندما أسقطت الطائرة الأوكرانية فوق إيران قبل بضعة أشهر. إذاً نعم، نحن نعمل على حل الخلاف ونجري مشاركات عالية المستوى ونركز كثيراً على هذا الموضوع".
لكن قطر على الرغم من ذلك تقول إن إيران فتحت لها أبوابها حين قاطعها الخليجيون، وثمّن أميرها في لقائه مطلع هذا العام نظيره الايراني حسن روحاني "موقف طهران وما قدمته للدوحة خلال الحصار، سواء بفتح موانئها أو أجوائها". مؤكداً أن "العلاقات بين البلدين تااريخية، وشهدت تطورات كبيرة وكانت القنوات بين الجانبين دائما مفتوحة". على حد قوله.
وساد الانقسام بين الأطراف الخليجية بعد اتهام السعودية والإمارات والبحرين ومعها مصر، دولة قطر بدعم المنشقين والعناصر الإرهابية التي تستهدف دول المجموعة بوسائل عدة بينها الإعلام المحرض، واشترطت لعودة العلاقة مع الدوحة تخليها عن سلوكها المعادي لها، وهو ما تقول قطر إنه تهم مرسلة لا تدعمها الأدلة. لكن منظمة مجلس التعاون الخليجي التي تجمع الأطراف كافة سوى مصر، لا تزال هيئاتها تقوم بعملها المعتاد.