Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بسحر "ماكروني" أديب يحصد 90 صوتا لتشكيل الحكومة اللبنانية

رفضت كتلة "القوات" مع عدد من النواب المستقلين تسمية الرئيس التوافقي

بسحر ساحر "ماكروني" سقط الاسم المرشح لترؤس الحكومة الجديدة على القوى السياسية، وتولى رؤساء الحكومات السابقون، ومن بيت الوسط (منزل الرئيس سعد الحريري)، إعلان اسم السفير مصطفى أديب لتشكيل الحكومة، فمنحوه غطاءً سنياً لم يحصل عليه سلفه حسان دياب. وانتقل رؤساء الحكومة السابقون نتيجة هذا القرار، مع الكتلة الأكثر تمثيلاً في الطائفة السنية، أي كتلة تيار المستقبل، من موقع المعارضة للعهد إلى الشريك الأساسي معه، وصاروا عرابين لتسوية جديدة مع اللاعبين القدامى، أي "حزب الله"، والتيار الوطني الحر ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة أمل ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

في المقابل، كرست استشارات التكليف التباعد والتلاقي المستحيل بين حلفاء الأمس، القوات اللبنانية وتيار المستقبل. 

تأييد واسع

لم تشكل النتيجة التي حصل عليها سفير لبنان لدى ألمانيا، والمستشار الأسبق للرئيس نجيب ميقاتي، مفاجأة، بل إن عدد المؤيدين له من نواب كان نتيجة طبيعية إذا احتسبنا أصوات الكتل المشاركة في التسوية. عداد الاستشارات النيابية الملزمة التي جرت في القصر الرئاسي انتهى بحصول أديب على 90 صوتاً من أصل 114 حضروا، أي بزيادة 21 صوتاً على سلفه حسان دياب، الذي كان قد حصد 69 صوتاً فحسب، بعد امتناع كتلتي المستقبل واللقاء الديمقراطي عن تسميته.

وخرق تكتل القوات اللبنانية المشهد ومعهم نائب بيروت فؤاد مخزومي، عبر تسمية السفير نواف سلام الذي نال 16 صوتاً، وفيما امتنع سبعة نواب عن تسمية أحد، أبرزهم صهر رئيس الجمهورية النائب المستقل شامل روكز وحلفاء "حزب الله" كاللقاء التشاوري الذي قاطع رئيسه فيصل كرامي الاستشارات، وغرد زملاؤه خارج سرب الحزب والتيار الوطني الحر وامتنعوا عن تسمية أحد، سجل النائب ميشال ضاهر بصفته المستقلة، وهو كان في الأمس القريب في صفوف تكتل لبنان القوي (تكتل التيار الوطني الحر)، خرقاً يتيماً آخر باتجاه تسمية الوزيرة السابقة ريا الحسن.

أما نائب عكار جهاد صمد، المقرب من "حزب الله" فتفرد أيضاً بتسمية الوزير السابق الفضل شلق، حتى نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، المعروف بقربه من بري، صدم الجميع في موقفه الاعتراضي، قائلاً "لم أرَ حسناً في طرح رؤساء الحكومات وأرفض الرهان على شيء نجهله". وكان لافتاً تشكيكه بطرح تشكيل حكومة اختصاصيين، واعتبر أن الطرح هو للمناورة والالتفاف على تمثيل السياسيين، علماً بأن الرئيس الحريري كان ممن دعوا من قصر بعبدا إلى تشكيل حكومة اختصاصيين.

بين المؤيدين والمعارضين هوة واسعة

لم يعترض أي من الذين امتنعوا عن تسمية مصطفى أديب لتشكيل الحكومة، على الشخص وتاريخه، وإن كانت الغالبية الممتنعة قد رفضت الرهان على شخصية تجهلها. الأكثرية استوقفها الشكل الذي حصل فيه الاتفاق على الاسم والذهاب إلى تجارب جديدة لا نملك ترف الوقت لخوضها، كما صرح نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان من منبر القصر الرئاسي، متمسكاً بتسمية نواف سلام لأنه يعرف أن يقول "لا"، ولأن ما بعد 4 أغسطس (آب)، تاريخ انفجار مرفأ بيروت، ليس كما قبله. فرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي تلقى كغيره من الشخصيات السياسية اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لابلاغه بالمضي بأديب بعد حصول توافق عليه، كان الشخصية السياسية الوحيدة التي رفضت العمل بتمنيات ماكرون.

القوات اللبنانية ذهبت أبعد من ذلك، في اعتراضها على سلاح "حزب الله". ورد النائب عدوان على طرح رئيس الجمهورية بإقامة حوار حول الدولة المدنية، بالقول "عندما لا يبقى سلاح عند فريق ما، وعندما تضبط الدولة حدودها وتبسط سيادتها على كل أراضيها، وعندما يعود قرار الحرب والسلم إلى الدولة ومؤسساتها، وعندما يكون الجميع أحراراً على طاولة الحوار نجلس ونتحاور".

أما أبرز الغائبين عن الاستشارات النيابية فكان العضو السابق في كتلة المستقبل النائب البيروتي نهاد المشنوق. فالمشنوق رفض المشاركة باستشارات ليست استشارات، بل نصر إلهي، كما قال. وشكك المشنوق في البيان الذي أصدره بامكانية نجاح الحكومة الجديدة إن تشكلت، معتبراً أن الأبواب الدولية لن تفتح لها ولن تحظى باعتراف عربي فاعل وقادر. ورأى أن مصطفى أديب هو اسم مستنسخ عن سلفه حسان دياب. 

التأليف

بإيجابية لافتة تحدث رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بعد الاستشارات النيابية وسمى أديب لتشكيل الحكومة وأبدى استعداد حزبه للتعاون الكامل لتسهيل مهمة التأليف. والمعلوم أن "حزب الله" نادراً ما يعمد إلى تسمية الرئيس المكلف، وكان دائماً يكتفي بإبداء التعاون والاستعداد للمساعدة.

وفي السياق ذاته، تحدث حليفه الأبرز رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من موقع المطلع جداً على شخصية الرئيس المكلف الجديد، فعدد مزاياه وأهمها قدرته على التواصل مع المجتمع الدولي، وهو ما تراهن عليه السلطة الحالية لفك عزلتها الدولية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باسيل، كما رعد، تعهد بإبداء كل المرونة لتسهيل مهمة التأليف، لكن ما لم يقله رئيس كتلة "حزب الله" قاله باسيل، عندما لمح إلى إمكانية أن يكون الوزراء الجدد اختصاصيين، لكنهم يحملون أيضاً ميولاً سياسية، فلا ضير في أن يكون لهم ميول سياسية كالرئيس المكلف، فاتحاً في ذلك الباب على أن يكون لهم في الحكومة ولـ"حزب الله" ممثلين تحت اسم اختصاصيين.

في المقابل، لا يبدو الحريري على الموجة ذاتها في توصيف المرشحين لتولي الحقائب الوزارية، فهو وبعد حصر مهمة الحكومة الجديدة بإعادة الإعمار والإصلاحات، طالب بأن يكون الوزراء الجدد من الأشخاص المعروفين بالكفاءة والنزاهة ضمن حكومة اختصاصيين غير حزبيين.

والمعلوم أن استبعاد الحريري عن الحكومة يعني إبعاد باسيل وملائكته عن أي تشكيلة، فيما تردد أن رؤساء الحكومات السابقين وضعوا تصوراً لحكومة مصغرة من 14 وزيراً، على أن تضم اختصاصيين من غير الوجوه الحزبية.

"حزب الله" يراهن على الوقت

على قاعدة كسب الوقت حتى الانتخابات الأميركية، وبفعل الأمر الواقع الذي فرضته عودة الرئيس الفرنسي إلى بيروت، سهل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر و"حزب الله" مهمة التكليف. أما التأليف فغير مضمون النتائج حتى الساعة وسط تأكيدات متقاطعة بأن المهمة لن تكون سهلة.

ويذهب البعض الى القول إنه لا حكومة جديدة طالما أن الصورة غير محسومة على خط الصراع الأميركي الإيراني. الاختبار الأول سيكون في مدى استقلالية من سيتولى الحقائب المرتبطة بالإصلاحات المطلوبة والضرورية وفي مقدمها وزارة الطاقة. وإذا كان الكتاب يُقرأ من عنوانه، فإن التغيير المنشود يبدو مستحيلاً.

الاستشارات النيابية غير الملزمة، الأربعاء، ستكون أولى اختبارات الرئيس المكلف مع الواقع السياسي، بعد اختبار أول غير مشجع مع الناس الذين قابلوا زيارته إلى منطقة الجميزة المنكوبة بالاعتراض والرفض.

وأول خطاب للرئيس أديب بعد تكليفه تميز باقتضابه، لكنه كان أيضاً نسخة عن خطابات سابقة لرؤساء حكومات قالوا فيها إن "الوقت ليس للوعود أو للكلام، بل للعمل"، ولم يبقَ إلا الكلام. في أي حال تبقى العبرة في شكل الحكومة أولاً وفي مدى تحرر رئيسها ممن كلفه للانتقال إلى التنفيذ ثانياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير