صادق البرلمان اللبناني، الخميس، على حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة لأسبوعين في بيروت عقب انفجار المرفأ المدمر، في خطوة تثير خشية منظمات حقوقية لما قد تتضمنه من تضييق على الحريات خصوصاً التظاهر.
وعقب الانفجار الذي تسبّب بمقتل 171 قتيلاً وإصابة أكثر من 6500 آخرين، عدا عن مفقودين، يتوالى وصول مسؤولين أجانب آخرهم وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، ومساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل.
وفي الكواليس، تتكثّف الاتصالات السياسية في محاولة للاتفاق على هوية رئيس الحكومة المقبل، قبل أن يبادر رئيس الجمهورية ميشال عون إلى تحديد موعد للاستشارات الملزمة مع الكتل النيابية.
جلسة البرلمان
دعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى "الإسراع في تأليف حكومة، بيانها الوزاري الإصلاحات ومحاربة الفساد".
وقال إن "الوطن يحتضر أمامنا ولم يعد لدينا سوى العملية الجراحية، وهذا ممكن حتى من خلال نصوص دستور الطائف، لنعكس تطلعات الشعب اللبناني الذي نحرص على تمثيله".
ولفت إلى أنه "كان هناك مؤامرة للاستقالة من المجلس النيابي وأن تحاسب الحكومة المجلس، لا أن يحاسب المجلس الحكومة".
وعلق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على بري، في تغريدة على "تويتر"، قائلاً "إلى الرئيس بري... تلك لم تكن مؤامرة، بل كانت ممارسة حق ديمقراطي طبيعي للكتل النيابية بالاستقالة، بعد ما بلغت الأوضاع ما بلغته. وبكافة الأحوال لن ينقذنا من الوضع الذي نحن فيه سوى انتخابات نيابية مبكرة".
إلى الرئيس بري.. تلك لم تكن مؤامرة، بل كانت ممارسة حق ديموقراطي طبيعي للكتل النيابية بالاستقالة، بعدما بلغت الأوضاع ما بلغته. وبكافة الأحوال لن ينقذنا من الوضع الذي نحن فيه سوى انتخابات نيابية مبكرة.
— SAMIR GEAGEA (@DRSAMIRGEAGEA) August 13, 2020
وكان البرلمان استهل جلسته المقتضبة، التي قاطعها حزب القوات اللبنانية، وأقيمت وسط تدابير أمنية مشددة، بقبول استقالة سبعة نواب كانوا قد تقدموا بها عقب الانفجار.
وعلى الرغم من دعوات وجهها ناشطون ومجموعات مدنية للتظاهر قرب مكان اجتماع البرلمان في قصر الأونيسكو، فإن الحضور كان خجولاً.
هيل في بيروت
فور وصوله إلى بيروت، جال مساعد وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل في منطقة الجميزة، المتضررة من انفجار مرفأ العاصمة.
وأعلن هيل عن "مشاركة المكتب الفيدرالي الأميركي في التحقيقات بالانفجار، وأنه سيجتمع مع المسؤولين ويطلب منهم إجراء الاصلاحات".
وكانت الخارجية الأميركية قالت إن ثالث أكبر مسؤول فيها سيزور لبنان اليوم الخميس وسيؤكد على الحاجة "الملحة" لإرساء الإصلاح الجذري.
وأضافت الوزارة أن هيل سيعقد اجتماعات مع قادة سياسيين وجماعات من الشباب والمجتمع المدني. ومن المقرر أن يوضح أيضاً استعداد الولايات المتحدة لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب و"ملتزمة حقاً" ببرنامج الإصلاح هذا وتتصرف بناء عليه.
حالة الطوارئ
وكانت حكومة حسان دياب المستقيلة أعلنت غداة الانفجار حالة الطوارئ في بيروت حتى 18 أغسطس (آب)، من دون إقرارها في البرلمان. ويمكن للحكومة، وفق القانون، إعلان الطوارئ لثمانية أيام فقط، بينما يتوجّب عليها الحصول على موافقة البرلمان في حال تجاوز هذه المدة.
ولم يتضح ما إذا كانت مصادقة البرلمان تعني بدء نفاذها من اليوم، أم ستُحتسب ضمنها الأيام السابقة منذ 5 أغسطس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ "حالة الطوارئ سارية منذ أن أعلنتها الحكومة" وهي تعني عملياً "وضع القوى العسكرية كافة تحت إمرة الجيش من أجل توحيد المهمات وتنظيم مرحلة ما بعد الانفجار" في وقت يتسلم الجيش المساعدات التي تتدفق على لبنان من دول عربية وغربية ويشرف على توزيعها.
وتثير حالة الطوارئ، التي تتسلّم بموجبها السلطات العسكرية زمام الأمور، خشية منظمات حقوقية وناشطين. وعبّرت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية عن مخاوف من "استخدام حالة الطوارئ ذريعة لقمع الاحتجاجات والقضاء على المطالب المشروعة لشريحة واسعة من اللبنانيين".
وقالت "المفكرة القانونية" من جهتها وهي منظمة غير حكومية تُعنى بدرس القوانين وتقييمها، في بيان الأربعاء إنّ إعلان الطوارئ "غير مبرر ما دام أن الكارثة لم تترافق أقله حتى الآن مع أيّ خطر أمني".
إلا أن المصدر العسكري شدد على أن حالة الطوارئ "لا تتضمن قمع حريات أو أي شيء آخر"، مؤكداً "نحن مع حق التظاهر السلمي حتى خلال حالة الطوارئ".
البحث عن المفقودين
أكدت مصادر أمنية مواكبة لعمليات البحث عن المفقودين في مرفأ بيروت لـ"اندبندنت عربية"، العثور على جثث موظفي المرفأ السبعة ومطابقتها مع الحمض النووي، كما عُثر على ست ضحايا من عناصر فوج الإطفاء في بيروت من أصل 10، في حين لا يزال البحث مستمراً عن أربعة مفقودين.
ووافق مجلس القضاء الأعلى، الخميس، على تعيين قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان محققاً عدلياً في الجريمة، بعد أيام من التأخير بسبب خلافات سياسية حول هوية المحقق.
ومن المتوقع أن يتسلم صوان الجمعة الملف ويباشر التحقيق فيه بعد الإدعاء على الموقوفين الـ19، وإصدار مذكرات التوقيف اللازمة بحقهم.