Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفي اليوم السادس "انفجار بيروت" يسقط الحكومة

"الإنتخابات النيابية المبكرة موضع التجاذب الجديد"

على وقع المواجهات في الشارع والاستقالات المتتالية في الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي بعد انفجار المرفأ الذي حصد أكثر من 160 قتيلاً وآلاف الجرحى، مشرداً نحو 300 ألف عائلة، أعلن رئيس الوزراء حسان دياب استقالة حكومته في اجتماعها الأول بعد انفجار الرابع من أغسطس (آب) الحالي.

وهاجم دياب بشدّة المسؤولين السياسيين قائلاً "قلت إن منظومة الفساد متجزّرة بكل مفاصل الدولة لكني اكتشفت أن منظومة الفساد أكبر من الدولة وهذه الأخيرة مكبلة بها ولا تستطيع مواجهتها أو التخلص منها". وأضاف "حجم المأساة أكبر من أن يوصف لكن البعض يعيش في زمن آخر ولا يهمه من كل ما حصل سوى تسجيل النقاط السياسية وهدم كل ما بقي من الدولة"، وتابع "فسادهم أنتج هذه المصيبة المخبأة منذ سنوات والمطلوب هو تغييرهم لأنهم مأساة الشعب اللبناني الحقيقية وهم لم يقرأوا ثورة اللبنانيين في 17 أكتوبر (تشرين الأول) لكنهم لم يفهموا أنها كانت ضدّهم... المفارقة أن هؤلاء وبعد أسابيع على تشكيل الحكومة، حاولوا تحميلها مسؤولية الانهيار والهدر والدين العام، فعلاً لي استحوا ماتوا".

ودعا رئيس الوزراء المستقيل لتحقيق سريع يحدّد المسؤوليّات، مضيفاً "نريد أن نفتح الباب أمام الإنقاذ الوطني الذي يشارك اللبنانيون في صناعته لذلك أعلن اليوم استقالة هذه الحكومة. الله يحمي لبنان". 

وبعد مؤتمره الصحافي، توجّه دياب إلى قصر بعبدا حيث قدّم استقالته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي شكره والوزراء، طالباً منهم الاستمرار في تصريف الأعمال حتى تعيين حكومة جديدة. 

فرنسا تدعو لحكومة "تثبت فاعليتها أمام الشعب"

وفي أولى التعليقات الدولية على استقالة الحكومة، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبنان إلى "الإسراع في تشكيل حكومة تثبت فاعليتها أمام الشعب"، و"تقضي مهمتها بالاستجابة للتحديات الرئيسة للبلاد وخصوصاً إعادة إعمار بيروت والإصلاحات التي من دونها، تمضي البلاد نحو انهيار اقتصادي واجتماعي وسياسي".

وأضاف لودريان في بيان "لا بدّ من الإصغاء إلى التطلعات التي عبّر عنها اللبنانيون على صعيد الإصلاحات وكيفية ممارسة الحكم". وتابع "في هذه الأوقات الصعبة من تاريخه، تقف فرنسا إلى جانب لبنان كما فعلت دائماً".

مساءلة الحكومة واستمرار الاحتجاجات

وجلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة بعد ظهر اليوم الاثنين في قصر بعبدا، انتقلت إلى مقر رئاسة الحكومة في بيروت، في خطوة وُضعت في إطار المخرج الأمثل لحفظ ماء وجه رئيس الوزراء، وإعلانه استقالة حكومته قبل أن تتوالى الاستقالات تباعاً.

وجاءت استقالة الحكومة عقب دعوة البرلمان إلى عقد جلسات متواصلة الخميس المقبل لمساءلة الحكومة، الأمر الذي رأته الأخيرة محاولة لتحمليها مسؤولية انفجار بيروت، وفق ما أفادت معلومات صحافية.

ولليوم الثالث على التوالي، شهدت العاصمة اللبنانية مواجهات بين المحتجين الذين حاولوا الوصول إلى المجلس النيابي ورشقوا الحجارة والمفرقعات النارية باتجاه القوى الأمنية، التي ردّت عبر إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

الانتخابات المبكرة والمجلس العدلي 

وكانت وزيرة العدل ماري كلود نجم أعلنت تقديم استقالتها الخطية لرئيس الحكومة صباح اليوم الاثنين، "بسبب انفجار بيروت والاحتجاجات". وعقب جلسة مجلس الوزراء، قالت نجم إنها تقدّمت صباحاً بكتاب لدياب دعت فيه لاستقالة الحكومة كاملةً، كما طلبت إدراج بند تقصير ولاية المجلس النيابي على جدول الأعمال اليوم، "كإجراء مبدئي لأننا في أزمة عميقة وليس تعدياً على صلاحيات مجلس النواب".

كما كشفت نجم أن مجلس الوزراء أحال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت إلى المجلس العدلي، مؤكدةً أنه لم يتردّد باتخاذ هذه الخطوة. 

الاستقالات المتتالية

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأفادت مصادر صحافية محلية بأن وزير المال غازي وزني (المحسوب على رئيس البرلمان نبيه بري) حضر اجتماع مجلس الوزراء في السراي الحكومي، حاملاً استقالته في جيبه. والنائبة بولا يعقوبيان قدّمت كذلك استقالتها لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وحذا حذوها زميلها هنري حلو، عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي".

وجاء في بيان الاستقالة الذي تلاه حلو "التركيبة الحالية لم تعد تعبر عن طموحات الشعب أو تتيح إحداث أي تغيير ومن الضروري الاحتكام إلى الشعب اللبناني من خلال اانتخابات مبكرة أملاً في إخراج البلد من الوضع الذي هو فيه، وانسجاماً مع قناعاتي الشخصية وتاريخ عائلاتي السياسي ومع المبادئ التي التقيت عليها مع زملائي في "اللقاء التقدمي، أتقدم باستقالتي عسى أن يساهم ذلك في فتح نافذة أمل للشعب الذي يتحمل كارثة بعد كارثة في ظل عجز تام للمنظومة السياسية".

وكانت ​وزيرة الإعلام​ ​منال عبد الصمد أعلنت​ صباح أمس الأحد، استقالتها من ​الحكومة​.

كما اتّسعت دائرة الاستقالات النيابية مع انضمام النائبين نعمة إفرام وميشال معوض وديما الجمالي إلى اللائحة. وفي حين أعلن إفرام تعليق نشاطه النيابي إلى حين الدعوة لجلسة لتقصير ولاية المجلس وتحديد موعد لانتخابات نيابية مبكرة، وقال معوض "لم أعد أحتمل، لأنّ المؤسسات مخطوفة من منظومة السلاح ولأنّ كل الحسابات السياسية تسقط أمام الدم".

التباين داخل الحكومة

وأشارت معلومات إلى أن بعض الوزراء لم يريدوا الاستمرار في حكومة دياب، في حين عارض آخرون الاستقالة في هذا التوقيت، ومن بينهم وزير الداخلية محمد فهمي.  

وقال فهمي في حديث تلفزيوني "كنت مع استقالة الحكومة مباشرة بعد الانفجار كخطوة بديهية، أما اليوم فالاستقالة من الحكومة هروب من المسؤولية، وتأتي تحت الضغط ومن المعيب الهروب من تحمل المسؤولية".

في هذه الأثناء، باشر المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري جلسات التحقيق في انفجار المرفأ واستمع إلى إفادة مدير عام جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا في قصر العدل في بيروت.

رئيس "اللقاء الديمقراطي"

من جهة ثانية، طالب رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط بعد زيارته عين التينة (مقرّ رئاسة مجلس النواب) بتحقيق دولي لكشف الحقيقة، وقال "إننا لا نثق بالتحقيق المحلي ونطالب بإسقاط حكومة الموت وتجويع الناس وتشكيل حكومة حيادية كما نطالب بتقصير مدة المجلس النيابي".

وأضاف "لا شيء يمكن قوله اليوم يعوض الضحايا الذين سقطوا بانفجار مرفأ بيروت أو يعيد الإحساس بالأمان للناس الذين تأذوا أو خسروا أحباباً وبيوتاً".

ماكرون يتّصل بعون

وغداة عقد "مؤتمر دعم بيروت والشعب اللبناني" افتراضياً في باريس، أثمر تعهّدات بتقديم مساعدات عاجلة بقيمة أكثر من 250 مليون دولار، تلقّى عون اتصالاً هاتفياً من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تداولا فيه نتائج المؤتمر. واتفق ‏الرئيسان على "استمرار التواصل لمتابعة تنفيذ ما اتُفق عليه في مؤتمر باريس وتنسيق مواقف الدول المشاركة"، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية.

وكان قصر الإليزيه أعلن تعهّد المجتمع الدولي  بتقديم مساعدات عاجلة لبيروت، على أن تسلّم إلى الشعب اللبناني والجمعيات غير الحكومية مباشرة، في مؤشر إضافي على انعدام الثقة الخارجية بالدولة اللبنانية ومؤسساتها.

وكان يفترض أن تكون هذه الحكومة تكنوقراطية تعمل على معالجة مشاكل اللبنانيين لا سيما الاقتصادية والمعيشية، لكن من الواضح أنها تخضع للقوى السياسية النافذة في البلاد، وعلى رأسها تيار رئيس الجمهورية ميشال عون وحليفه حزب الله.

والانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس الجاري، نتج عن حريق في عنبر في المرفأ خُزّنت فيه 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم، بحسب السلطات.

وعقب الحادث المروّع، دعا دياب إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة لإخراج البلاد من "أزمتها البنيوية". ومنح القادة السياسيين مهلة شهرين للاتفاق على الإصلاحات وعلى بديل للحكومة.

غليان الشارع

في هذا الوقت، يستمر الغليان في الشارع الذي يطالب بأجوبة حول سبب تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في أحد عنابر المرفأ منذ ست سنوات.

وشهدت بيروت خلال اليومين الماضيين تظاهرات غاضبة حملت شعارات "علّقوا المشانق" و"يوم الحساب"، وتخللتها مواجهات مع القوى الأمنية أوقعت عشرات الإصابات، خصوصاً في صفوف المتظاهرين مع توثيق إصابات مباشرة في العيون.

ويطالب المتظاهرون الناقمون أساساً على أداء السلطة بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار الذي تسبّب بمقتل نحو 160 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، عدا عن 21 مفقوداً، وفق وزارة الصحة. كما يدعون إلى رحيل الطبقة السياسية بكاملها.

ولا يظهر في الأفق أي حل للوضع الحالي المهترىء. إذ لن يكون من السهل تشكيل حكومة جديدة، كما أن إجراء انتخابات نيابية مبكرة في ظل الوضع الحالي قد يعود بالقوى السياسية ذاتها إلى البرلمان، ناهيك عن صعوبة تنظيمها في ظل الفوضى السائدة.

وجاء التفجير في خضمّ أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان.

 

 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي