Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مُدمنو المخدرات يرتكبون الجرائم ويبثون الرعب بين المغربيين

ينتشر التعاطي في صفوف الشباب في حي سيدي مومن في ظل غياب الرعاية الرسمية والاجتماعية

10 آلاف شاب مدمن بمدينة تطوان شمال المغرب، وفقا لإحصائيات مرصد الشمال لحقوق الإنسان  (أ ف ب)

حبوب الهلوسة "القرقوبي"، والهيروين، والحشيش، وغيرها من المخدِّرات باتت وسيلةً لفئة من الشباب المغربي للهروب من واقعهم، وأحياناً كثيرة تكون سبباً في ارتكاب عدد من الجرائم وبثّ الرعب في صفوف المغاربة، فما أسباب تنامي عدد مُدمني المُخدِّرات في المغرب؟

"لستُ راضياً عن حياتي"

"نمضي وقت فراغنا في الشارع، لا يُوجد أي شيء نفعله سوى تعاطي المخدرات لننسى واقعنا"، يقول أيوب، شاب مغربي يعيش في حي سيدي مومن في ضواحي مدينة الدار البيضاء.

يعتبر أيوب البالغ من العُمر 17 عاماً أن الحي الذي يعيش فيه ساهم بشكل كبير في تعاطيه المخدِّرات، موضحاً "تركتُ مقاعد الدراسة في سن مبكرة، ولم أتعلم أي حرفة، وبسبب رفاق السوء أصبحت مُدمنَ حبوب الهلوسة... لستُ راضياً عن حياتي".

"أشياء سيِّئة كثيرة أندم عليها"

تعاطي عقاقير الهلوسة يقود أيوب إلى حيث لا يُريد... "عندما أتعاطى العقاقير أفقد الوعي وأرتكب كثيراً من الأشياء السيئة التي أندم عليها بعد ذلك"، يقول الشاب.

يُتابع "حاولتُ أن أتوقف عن تعاطي المخدرات، لكنني فشلت لأنني بحاجة إلى العلاج، وعائلتي ليس لديها المال للتكفُّل بمصاريف علاجي".

"يُثيرون الرعب فينا"

تروي سناء، الشابة المغربية القاطنة في الدار البيضاء، حيث تعمل محاسبةً في الحي الصناعي عين السبع، تعرُّضها للسرقة، وتقول "كانوا مُراهقين، يحملون السلاح الأبيض، وهدَّدوني بتشويه ملامح وجهي إذا رفضت تسليمهم حقيبتي".

تُضيف "إنّهم يُثيرون الرعب فينا. مُراهقون دمَّروا حياتهم، ويعيشون على السرقة والجريمة والمخدرات". وتتابع سناء "بحُكم عملي مضطرة للخروج في الصباح الباكر، وأحياناً أتأخَّر ليلاً، وأشعر بالخوف من التعرُّض للسرقة مرة أخرى".

غياب الجمعيات والرعاية

في هذا السياق، يرى الناشط المدني في حي سيدي مومن، إبراهيم كرو، أن "الفقر والفراغ بسبب البطالة من أسباب انتشار الجريمة وإدمان المُخدِّرات في صفوف الشباب، وأيضاً لأنهم يعتبرون المُخدِّرات وسيلةً للهرب من واقعهم، ونسيانه".

يوضح كرو أنه "لا توجد جمعيات بحي سيدي مومن المعروف بانتشار الجريمة والمخدرات، تهتم بفئة المُراهقين والشباب"، مشيراً إلى الكثافة السكانية الكبيرة في هذا الحي، والفئة الكبيرة من الشباب المُهمَلين.

من مُجرم إلى مُتطرِّف

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول الناشط المدني "الشاب بمجرَّد أن يخرج إلى الشارع يجد شباباً آخرين يتعاطون المُخدِّرات، أو يُتاجرون بها، ليجد أن قُدوته في حيِّه هم المُنحرفون والمُجرمون". ويوضح "الانحراف والجريمة أصبحا في بعض الأحياء الهامشية في الدار البيضاء جزءاً من الحياة اليومية للشباب".

يُتابع كرو "من الممكن أن يتحوَّل هؤلاء الشباب إلى ضحايا التطرُّف والإرهاب، وإذا عُدنا إلى عام 2003 في حي سيدي مومن، سنجد أن معظم الإرهابيين والمُتورِّطين كانوا مُنحرفين ومُدمنين، وانتقلوا من الجريمة إلى الإرهاب".

يُشار إلى أن أغلب المُتورِّطين في التفجيرات الدَّامية التي هزَّت الدار البيضاء في 16 مايو (أيار) 2003، مُوقعةً 45 قتيلاً بينهم 11 انتحارياً، كانوا ينحدرون من حي سيدي مومن. يقول كرو إن هؤلاء "كانوا مُجرمين ومُنحرفين حينها، وانتقلوا إلى عالم التطرُّف والتشدُّد بعدما شُحِنوا بالأفكار المتطرفة".  

"السجن مصدر للفخر"

لإنقاذ الشباب من الجريمة والمُخدِّرات يقترح كرو "انخراط الأحزاب السياسية والسلطات في وضع برامج تهتم بهذه الفئة". يُضيف "حتى السجن بالنسبة لهذه الفئة أصبح مصدراً للفخر، وأصبح الشاب الحاصلون على شهادة عليا ليس لديهم قيمة، بينما المُجرم يحظى بقيمة في هذه الأحياء، وهذا عائد لأزمة القيم بالمجتمع المغربي".

ارتفاع معدل الإدمان

كشف تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المتخصِّص في قضايا المُخدِّرات والجرائم عام 2019، عن أن نسبة تعاطي مُخدِّر الكوكايين في صفوف تلاميذ المؤسسات الثانوية في المغرب، بلغت 1.2 في المئة لدى الذكور، و0.4 في المئة لدى الإناث، بينما بلغت نسبة تعاطي تلاميذ المستوى الثانوي لمُخدِّر "الكراك" 1 في المئة لدى الذكور، و0.2 في المئة لدى الإناث، وبلغ استخدام المهدئات الطبية المُخدِّرة 2.3 في المئة، بين التلاميذ البالغين من عمر 15 إلى 17 عاماً بين عامي 2017 و2018.

ويُعَدُّ "الكراك" من أشهر المُخدِّرات التي يمكن استخلاصها من الكوكايين، ويُعرف باسم "مُخدِّر الفقراء".

"أنا أيضاً إنسان"

يبلغ معدَّل انتشار الجريمة في المغرب 2.1 جريمة لكل 100 ألف نسمة، حسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمُخدِّرات والجريمة، ما يكشف تنامي ارتكاب الجرائم في البلاد.

وبهدف الإضاءة على خطورة إدمان المخدرات، أطلق شباب بمدينة تطوان شمال المغرب، مشروع "أنا أيضاً إنسان". ويسعى المشروع إلى الاستثمار في قُدرات مُدمني المُخدِّرات، وتعزيز مهاراتهم الحياتية والمهنية، وتشجيعهم على تلقي العلاج، علماً بأن في تطوان نحو 10 آلاف شاب مُدمن، وفقاً لإحصائيات مرصد الشمال لحقوق الإنسان.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات