Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضغوط اقتصادية تهز النظام المصرفي الإيراني مع تدهور العملة

صندوق النقد: العجز التجاري في تصاعد والشركات المحلية تعاني ضعف الاقتراض

صندوق النقد الدولي يتوقع زيادة العجز المالي لإيران في السنوات المقبلة )غيتي)

ركزت طهران في السنوات الأخيرة على تشكيل ما يسمى بـ"اقتصاد المقاومة"، الذي استثمرت فيه بقوة لدعم الصناعات الاستراتيجية بالبلاد، في وقت تسعى فيه إلى استبدال الإنتاج المحلي بالسلع المستوردة. ويقول الاقتصاديون إن هذه الاستراتيجية كانت غير فعالة، ما يزيد من الضغوط على ميزانية البلاد والنظام المصرفي، في وقت تخضع فيه القطاعات الحيوية بإيران للحصار الأميركي، ليأتي فيروس كورونا، الذي وصلت أعداد المصابين به بالبلاد إلى 317.4 ألف حالة إضافة إلى تسجيل 17.8 ألف حالة وفاة، بحسب إحصاءات وورلدميترز، ليطبق على اقتصاد البلاد المنهك.

إعادة فرض العقوبات الأميركية إلى جانب انخفاض أسعار النفط، أدى إلى دخول الاقتصاد الإيراني في حالة ركود، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي 7.6 في المئة خلال 2019 وسط تراجع الاستهلاك وصادرات النفط ونشاط البناء. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينتعش الاقتصاد الإيراني ببطء من الركود، على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي سيظل سلبياً في 2020، بنسبة -6 في المئة بسبب تفشي فيروس كورونا بحسب "نورديتريد" لرصد الأداء التجاري للدول.

 ويتوقع أن تنمو إلى 3.1 في المئة خلال 2021، ويرجع ذلك إلى تنوعها والانتعاش الاقتصادي العالمي المتوقع بعد الوباء، وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي التوقعات الاقتصادية العالمية  أبريل (نيسان) 2020، تولد القطاعات غير النفطية معظم الناتج الاقتصادي والوظائف في إيران.

4.3 في المئة العجز التجاري لإيران

من المتوقع أن يزداد العجز المالي لإيران إلى 4.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب صندوق النقد الدولي في السنوات المقبلة، حيث يتم الحصول على أكثر من 30 في المئة من الميزانية الحكومية مباشرة من مبيعات النفط والغاز.

وبلغ الدين العام 27.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2019 ، ومن المتوقع أن يظل مستقراً في 2020. وتحول فائض الحساب الجاري الإيراني إلى عجز في عام 2019 بنسبة -0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تضاءلت صادرات النفط، من حيث الحجم وسط عقوبات أميركية ضد الدول التي تشتري النفط الإيراني، وفي الإيرادات، على خلفية انخفاض أسعار النفط العالمية. وحصلت ثماني دول فقط، بما في ذلك كبار مستقبلي النفط الإيراني، على إعفاء من الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد توقفت اليونان وتايوان، وهما من بين الدول الثماني، عن شراء النفط الإيراني بالكامل. في الوقت نفسه، أصدر الاتحاد الأوروبي قانون حظر لإلغاء آثار العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية التي تتاجر مع إيران. من المتوقع أن ينشئ الاتحاد الأوروبي غرفة مقاصة تساعد هذه الشركات على التحايل على العقوبات الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العملة الإيرانية خسرت 60 في المئة من قيمتها

وخسرت العملة الإيرانية أكثر من 60 في المئة من قيمتها، ما عطل التجارة الخارجية وعزز التضخم السنوي، الذي بلغ 41.1 في المئة خلال 2019، لكن صندوق النقد الدولي يتوقع أن ينخفض إلى 34.2 في المئة في 2020، و33.5 في المئة خلال 2021 مع استقرار الريال الإيراني بين 115.000 دولار و120.000 الدولار، لإعادة بعض الهدوء إلى القيود اليومية، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في أبريل 2020 ، صندوق النقد الدولي.

وتستمر المشاركة في القوى العاملة والعمالة بالارتفاع، لكن البطالة لا تزال مشكلة مستمرة (13.6 في المئة في عام 2019 ، وفقًا للبنك الدولي)، ويعاني النظام المصرفي في إيران الضعف وشح رأس المال إلى جانب ضعف القطاع الخاص ومع ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتأثر هذا الاتجاه بشدة بالتأثير الاقتصادي السلبي لوباء كورنا حيث تشير التقديرات حالياً إلى أن المعدل سيرتفع إلى 16.3 في المئة خلال 2020 وإلى 16.7 في المئة في 2021.

 الشركات الإيرانية على وشك الانهيار

بالكاد نجت الشركات الإيرانية من الانهيار بسبب ارتفاع الائتمان من البنوك، فيما تسيطر الحكومة على نحو 70 في المئة من الأصول المصرفية، وفقاً لورقة أعدها عدنان مزاري، نائب المدير السابق لصندوق النقد الدولي والزميل حالياً بمعهد باتريسون للاقتصاد الدولي في واشنطن، فإن ما يقرب من نصف جميع القروض المصرفية متأخرة، بحسب تقدير البرلمان الإيراني.

ويعتمد العديد من الشركات الإيرانية على السلع المستوردة لصنع وبيع المنتجات، من الآلات إلى الفولاذ إلى الحبوب. إذا تراجعت العملة الإيرانية أكثر، فستضطر تلك الشركات إلى دفع المزيد مقابل هذه السلع. سيتعين على البنوك إما تقديم المزيد من القروض، أو ستنهار الشركات، ما يزيد من صفوف العاطلين عن العمل.

ويمول البنك المركزي الإيراني الإنفاق الحكومي، وملء الثغرات في الميزانية البالية للحد من غضب الشعب. يتضمن ذلك طباعة النقود الإيرانية، مما يزيد من الضغط على العملة. يمكن للحرب أن تدفع الإيرانيين الأغنياء إلى سحب الأصول من البلاد ، مما يهدد بتراجع العملة ويؤدي إلى تضخم جامح.

شعب نفذ صبره

خلاصة القول، هذا هو الخيار غير المستساغ الذي يواجه القيادة الإيرانية؛ يمكن أن يحافظ على استمرار الاقتصاد من خلال الاستمرار في توجيه الائتمان للبنوك والصناعة، ما يزيد من مخاطر وقوع كارثة مصرفية مفرطة وتضخم مفرط. أو يمكنها أن تختار التقشف الذي قد يتسبب في معاناة عامة فورية، ويهدد بخروج جديد للمظاهرات في الشوارع الإيرانية، التي اكتظت بها تلك الشوارع في الأشهر الماضية احتجاجاً على موجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية والارتفاع الكبير في معدلات البطالة بين الشباب. ويقول مزاري، إنه هذا هو الشبح الذي يخيم على الاقتصاد الإيراني، والوضع الاقتصادي الحالي غير مستدام.

ويفترض المتخصصون أن المخاوف الاقتصادية لن تكون لها أهمية قصوى حيث يضع قادة إيران الأولوية لهدف واحد قبل كل شيء، هو بقاؤهم. وإذا بدت المواجهة مع القوى الخارجية واعدة كوسيلة لتعزيز قبضتها على السلطة، فقد تقبل القيادة الألم الاقتصادي باعتباره تكلفة ضرورية.

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدت الدولة الاقتصادية الإيرانية المحفوفة بالمخاطر تشكل تهديداً أساسياً للنظام. وبينما كانت الحكومة تعد بتأمين السيولة لتمويل المساعدات للفقراء والعاطلين عن العمل، ألغت الدعم على البنزين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 200 في المئة. الأمر الذي أثار احتجاجات غاضبة في شوارع المدن الإيرانية، حيث دعا المتظاهرون علناً إلى طرد الرئيس حسن روحاني.

عدم استقرار اقتصادي وأمني

عدم الاستقرار في إيران لم يعد يقتصر على الجانب الاقتصادي فقد طال الجانب الأمني من البلاد مع سلسة تفجيرات وحرائق متتالية شهدتها إيران في الأسابيع الماضية، الأمر الذي دفع المراقبين للاعتقاد بأنها لم تكن حوادث عرضية بالنظر لطبيعتها وكونها متتالية. بدءاً من التفجيرات في موقع نطنز النووي بالقرب من مدينة أصفهان وسط البلاد، وكذلك استهداف محطة الزرقان للطاقة الكهربائية بإقليم الأحواز غرب إيران، والانفجار الذي ضرب مستشفى شمال العاصمة طهران في الثاني من يوليو (تموز)، والحريق الضخم الذي اندلع بمدينة شيراز الإيرانية، والانفجار الذي وقع في أحد المباني السكنية في طهران، والحريق الكبير الذي اندلع بميناء بوشهر متسبباً في احتراق 7 سفن على أقل تقدير، وصولاً إلى انفجار مصنع تبارك في مدينة مشهد شمال شرق البلاد. كل هذه التفجيرات في ظل ظروف اقتصادية بائسة قد تنهي بحسب المراقبين صبر الشعب الإيراني اليائس. فالشعوب قد تصمت على الفقر والحاجة مقابل شعورها بالأمن والأمان. ولكن عندما يغيب الأمن والأمان وتسود الحاجة والفقر تصبح الشعوب قنابل موقوته قابلة للانفجار في أي لحظة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد