Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيروت تجمع أشلاءها وركامها بانتظار أول غيث المساعدات

مئات الآلاف دون مأوى وطواقم الإنقاذ والإغاثة تعمل على انتشال العالقين من تحت الأنقاض

في وقت لا تزال العاصمة اللبنانية بيروت تلملم أشلاءها وركامها، يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الخميس إليها، بعد أقل من ثلاثة أيام على الانفجار الضخم الذي حوّل العاصمة اللبنانية إلى مدينة "منكوبة" في حال طوارئ، تسودها الفوضى والدمار.
وسيكون ماكرون أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الكارثة التي وقعت الثلاثاء 4 أغسطس (آب) الحالي، ليعاين وضعاً "كارثياً" مع مقتل ما لا يقل عن 137 شخصاً وإصابة 5000 آخرين بجروح وفق حصيلة لا تزال مؤقتة، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين وبات مئات الآلاف فجأة من دون مأوى ولا موارد جراء الانفجار.
ويصل ماكرون عند الظهر بالتوقيت المحلي (9,00 بتوقيت غرينيتش) إلى بيروت حيث سيزور موقع الكارثة ويلتقي المسؤولين اللبنانيين قبل أن يعقد مؤتمراً صحافياً حوالى الساعة 18:30 (15:30 بتوقيت غرينيتش) ثم يعود إلى فرنسا.

مهندس ترميم بيروت

ونالت فرنسا حصتها من الخسائر في بيروت، إذ أعلنت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو أن المهندس جان مارك بونفيس الذي عاش في لبنان حيث شارك خصوصاً في مشاريع ترميم مبان دمّرتها الحرب، هو بين الضحايا الفرنسيين الذين لاقوا حتفهم في الانفجار الدموي الثلاثاء في بيروت.
وكتبت الوزيرة باشلو ليل الأربعاء - الخميس على "تويتر"، أن "المهندس الفرنسي جان مارك بونفيس لقي حتفه في الكارثة الرهيبة في بيروت". وأشادت بـ"عمله الكبير" الذي يشمل "ترميم مبان تراثيّة دُمّرت" جراء الحرب في لبنان. وأضافت "فرنسا ولبنان متحدان في الحزن" على رحيله.

أضرار بمليارات الدولارات

وأرسلت بلدان عدة من ضمنها فرنسا فرق إغاثة ومعدات لمواجهة الحالة الطارئة بعد الانفجار الذي دمّر المرفأ وقسماً كبيراً من العاصمة وقالت السلطات اللبنانية إنه نتج من حريق اندلع قرب مواد مخزنة شديدة الانفجار.
وقال محافظ بيروت مروان عبّود الأربعاء (5 أغسطس) لوكالة الصحافة الفرنسية "إنّه وضع كارثي لم تشهد بيروت مثيلاً له في تاريخها".
وأضاف "أعتقد أن هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأن منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن"، مقدِّراً كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، في انتظار صدور التقارير النهائية عن المهندسين والخبراء. وأشار المحافظ إلى أن "نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمّر".
ولا يزال العشرات في عداد المفقودين بحسب الحكومة فيما تواصل فرق الإغاثة عمليات البحث على أمل العثور على ناجين.
ويُعتبر هذا الانفجار الأضخم في تاريخ لبنان الذي شهد عقوداً من الاضرابات الشديدة.
ونجم الانفجار عن حريق اندلع في مستودع خُزنت فيه منذ ست سنوات حوالى 2750 طناً من نيترات الأمونيوم "من دون أي تدابير للوقاية"، بحسب السلطات.

الاقامة الجبرية

وطلبت الحكومة اللبنانية فرض إقامة جبرية على كل المعنيين بملفّ نيترات الأمونيوم، تزامناً مع فتح تحقيق في الواقعة.
وأتى الانفجار وسط أزمة اقتصادية خانقة لم يشهد لها لبنان مثيلاً في الحقبة الحديثة، تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أدى إلى فرض الحجر لأكثر من ثلاثة أشهر على اللبنانيين.
كما وقعت الكارثة في ظل نقمة شعبية على كل الطبقة السياسية التي يتهمها المواطنون بالعجز والفساد، فأججت غضباً متصاعداً تجلّى خصوصاً عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة قمح

وأبدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) الأربعاء، خشيتها من حصول "مشكلة في توفر الطحين" في لبنان "في الأجل القصير" بعدما أتى الانفجار على إهراءات قمح.
وبدا واضحاً أن الإهمال هو السبب الأول للانفجار، ما أثار غضب اللبنانيين الذين يتداولون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "علقوا المشانق"، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين.
وفي مقدمة مدوية لبرنامجه التلفزيوني "صار الوقت" الذي تتابعه شريحة واسعة من اللبنانيين، قال الإعلامي المعروف مارسيل غانم مساء الثلاثاء "من رئيس الجمهورية... المفروض أن يقدم الليلة استقالته، إلى رئيس الحكومة، إلى رئيس مجلس النواب، إلى النواب، إلى الوزراء... كلكم يعني كلكم... من كبيركم إلى صغيركم".

لبنان المهاجر

وتعيش الجاليات اللبنانية عبر العالم حالة صدمة وهي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الكارثة.
ورأى المتخصص في الفلسفة واللاهوت الفرنسي اللبناني أنطوان فليفل أن "هذه المأساة دليل إضافي على انعدام كفاءة الطبقة السياسية التي حكمت لبنان منذ عدة عقود".
من جهتها، قالت المهندسة سيمونا سابا المقيمة في فرنسا منذ عشر سنوات "لا أرى ثغرة للهرب، إنّه سقوط إلى الجحيم".
وقالت مصادر أمنية أن سلطات مرفأ بيروت والجمارك والأجهزة الأمنية كانت على علم بوجود مواد كيماوية خطيرة مخزّنة في المرفأ، لكنها تتقاذف مسؤولية الملف.
وعلى إثر الانفجار، أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان الأربعاء إرجاء إصدار حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005 "احتراماً للعدد الكبير من الضحايا" و"بهدف احترام الحداد الوطني الذي أعلن في لبنان لثلاثة أيام"، وذلك من السابع من أغسطس الحالي وحتى الـ 18 منه.

البيت الأبيض

في موازاة ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأربعاء إن الانفجار الدموي في بيروت ربما يكون حادثاً، وذلك بعدما كان وصف في وقت سابق ما حصل في العاصمة اللبنانية بأنه اعتداء. وأشار ترمب إلى أن ما حدث في بيروت لا يزال غير واضح، على الرغم مما ذكرته السلطات اللبنانية عن أن الانفجار نتج من تخزين 2750 طنّاً من نيترات الأمونيوم داخل مستودع في مرفأ بيروت "من دون أي تدابير للوقاية".
وكان ترمب قال الثلاثاء إن "جنرالات" أميركيين لم يُسمّهم أبلغوه بأن انفجار بيروت سببه "قنبلة من نوع ما"، مضيفاً "يبدو كأنه اعتداء رهيب"، لكنّه اعتبر الأربعاء أن السؤال عن سبب الانفجار لا يزال بلا إجابة، وتعهّد تقديم دعم للبنان. وقال "أستطيع أن أخبركم بأنّ الذي حصل، مهما يكُن، هو أمر رهيب. لكنّهم لا يعرفون حقاً ما هو. لا أحد يعرف حتى الآن".
وتابع ترامب "سمعتُ كلا الأمرين. سمعت بأنّه حادث. سمعتُ بأنّها متفجّرات". وقال الرئيس الأميركي "إننا متضامنون مع هذا البلد. لدينا علاقة جيدة جداً مع هذا البلد، لكنه بلد غارق في أزمة ومشكلات كثيرة".
وعقب يوم من الانفجارين في العاصمة اللبنانيّة، استبعد وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر أن يكون الأمر نتيجة قنبلة، مخالفاً بذلك ما قاله ترمب.
وقال إسبر في منتدى أسبن للأمن "ما زلت أتلقّى معلومات حول ما حصل" في بيروت. وأضاف أن "غالبية الناس تظنّ أنه حادث".
من جهته، عرض وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو الأربعاء، في مكالمة هاتفيّة مع رئيس الوزراء اللبناني حسّان دياب، مساعدة لبنان. وأعرب بومبيو عن "التزامنا الثابت مساعدة الشعب اللبناني في مواجهته عواقب هذا الحدث المروّع". وشدّد على "تضامننا ودعمنا للشعب اللبناني في تطلّعه لنيل العزة والازدهار والأمن الذي يستحقّه"، وفق ما ورد في بيان للخارجية الأميركية.

المزيد من العالم العربي