Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف نجت لندن وبرلين من مصير بيروت؟

اكتشفت العاصمتان الأوروبيتان أطناناً من نترات الأمونيوم في مستودعات تابعة لحزب الله وفقاً لتقارير صحفية

صورة تظهر حجم الدمار الذي تسبب به الانفجار لمرفأ بيروت بالأمس (غيتي)

بالأمس، غربت الشمس في بيروت باكراً، رغم أن أهلها لم يناموا طوال الليل، ولم تشرق منذ ذلك الحين بعد أن حُجبت أشعتها بأدخنة الانفجار السامة التي تغطي سماء العاصمة المنكوبة.

ووصف محافظ المدينة، مروان عبود، الانفجار بعد أن وقف على ما كان مرفأً قبل دقائق من وصوله، بأنه شبيه بما حصل في هيروشيما وناغازاكي.

وإن لم يكن لا مروان عبود ولا غيره من قاطني بيروت قد شهدوا هيروشيما وناغازاكي، إلا أن الحادثة لا مثيل لها للمقارنة في المخيلة اللبنانية، التي تعرّفت على كل أنواع الحوادث والانفجارات والقصف، بدءاً من حربين أهليتين، وسلسلة اغتيالات، ومعارك متكررة مع إسرائيل طال بيروت ما طالها جراءها، سوى أن تقارن بالقنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على اليابان إبان الحرب العالمية الثانية، ما جعل مدناً بأكملها تستسلم وتشعر بالهزيمة.

إذ يبدو أن الذاكرة البيروتية المتوجعة، لم تعرف في كل حروبها "نترات الأمونيوم"، المادة البلورية عديمة اللون، التي تدخل عادة في تصنيع الأسمدة، والتي لا تلبث أن تتحول لمواد شديدة الانفجار ما أن تدمج بالوقود.

2750 طناً من هذه المادة كانت مخزنة لسنوات في مستودعٍ بميناء بيروت، صودرت منذ 2014 من باخرة كانت متجهة إلى أفريقيا اضطرت للتوقف فيها، بحسب رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، والمجلس الأعلى للدفاع، الأمر الذي خلق انفجاراً دمر نصف المدينة، بحسب مراقبين.

ورغم أن التهم لم توجه رسمياً، إلا أن البعض بدأ يوجه التهمة لحزب الله، ليس باستهداف الميناء، بل باحتمال تورطه في تخزين المواد المتفجرة في المنفذ البحري، بناءً على تهم مشابهة وجهت له في دول أوروبية مختلفة على مدى السنوات الماضية، مع نفي الحزب الرسمي لرواية "تخزينه للأسلحة في المرفأ، أو في المواقع المدنية اللبنانية".

لندن وطوق "الاتفاق النووي"

نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية، في يونيو (حزيران) الماضي، خبراً حول قبض السلطات الأمنية في لندن على متطرفين مرتبطين بحركة حزب الله، يقومون بتخزين مكونات لصنع القنابل في لندن في عام 2015، في قضية أخفيت عن الجمهور.

وقال التقرير نقلاً عن مصادر أمنية، إنه بعد تلقي معلومات من "حكومة أجنبية"، اكتشفت الشرطة البريطانية، وجهاز المخابرات الآلاف من مغلفات تعبئة الثلج التي تحتوي على ثلاثة أطنان من نترات الأمونيوم.

واعتُقل رجل في سلسلة من أربع غارات في شمال غربي لندن، لكن أُفرج عنه لاحقًا دون توجيه أي تهمة.

وقالت الصحيفة إن قرار عدم إبلاغ الجمهور كان بسبب أن الحادثة أتت بعد فترة وجيزة من إبرام الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي كان سيضع حكومة كاميرون في موقف محرج بسبب تأييدها للاتفاق.

إلا أن الصحيفة بحسب المعلومات التي حصلت عليها، أكدت بأن نترات الأمونيوم لم تزود بمواد قابلة للاشتعال، إذ يبدو أن الجماعة كانت ترغب في تخزينها لا أكثر، دون سبب معلوم ولم تكن تخطط لهجوم وشيك.

واكتفت السلطات في حينها بحظر الجناح العسكري للحزب، ولم تدرج الجماعة اللبنانية الشيعية بكاملها إلى القائمة البريطانية للجماعات الإرهابية إلا في وقت سابق من هذا العام.

برلين وحظر الحزب

صنفت ألمانيا جماعة حزب الله على أنها "منظمة إرهابية"، وحظرت أنشطتها في البلاد، بعد أن كانت برلين أكثر ساحاتها الأوروبية نشاطاً، وشنت السلطات حملة أمنية في عدد من المدن ضد أنشطة الحزب، ومنظمات، ومساجد يعتقد أن لها صلات بالجماعة.

ورغم أن برلين فسرت قرارها ذاك في أبريل (نيسان)، بأن الجماعة ترتكب مخالفات قانونية وفق النظام الألماني كمعاداة السامية، والطعن بحق إسرائيل في الوجود، والدعوة علناً لتدميرها بعنف، إلا أن وسائل إعلام محلية نشرت روايات أخرى عن أسباب إضافية للحظر.

إذ نشرت صحيفة "دي تسايت" الألمانية في تقريرها حول الخطوة الأمنية، أن أحد العوامل الرئيسة لهذا القرار السريع للسلطات بحظر نشاطات الحزب على الأراضي الألمانية، هو الكشف عن تخزين الناشطين كميات كبيرة من مادة نترات الأمونيوم المستخدمة في صناعة المتفجرات،  بالإضافة إلى تطوير برامج تجسس خاصة".

ولفتت الصحيفة إلى أن "وزارة الداخلية رصدت عدداً من النشاطات الخطيرة لحزب الله في ​ألمانيا​، تهدد أمن البلاد"، مضيفة "خلال التحقيقات وعمليات البحث عثرت السلطات في المؤسسات التابعة للحزب جنوب ألمانيا، على مواد متفجرة مخزنة".

إسرائيل… اسمٌ يتردد

لم يغب اسم إسرائيل، العدو اللدود للبنان عن تهم التورط في حادثة الرابع من أغسطس (آب)، فكما ألقى البعض تهماً دون أدلة على حزب الله، طالت تل أبيب تهم مشابهة، خاصةً بعد أن روج الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرضية الهجوم في تفسيره للانفجار.

وكما ورد اسم إسرائيل في حادثة الأمس، فقد ورد اسمها في الحوادث السابقة المتعلقة بالأمونيوم، خاصة في حادثة برلين، التي روجت القناة الـ12 الإسرائيلية لدور استخباراتي لتل أبيب في اكتشاف مخازن المواد المتفجرة في برلين.

ورغم أن إسرائيل كانت أول اسم وجهت له التهم، فقد كانت أول اسمٍ برِّئ بشكل رسمي من حادثة مرفأ بيروت، بل تكاد تكون الطرف الوحيد الذي تمت تبرئته بعد أن نفى الحزب التهمة عن نفسه.

إذ نفى الحزب المسلح اللبناني، في بيان نشره بعد وقت قصير من الحادثة صحة الرواية التي تدعي أن الانفجار ناجم عن ضربة جوية إسرائيلية، وأضاف "لا صحة لما يتم تداوله عن ضربة إسرائيلية لأسلحة الحزب في مرفأ بيروت"، مشدداً على أنه لا يستخدم المرفأ لتخزين الأسلحة، وأن لا علاقة له بالحادثة.

وبعيداً عن المتهم بالتفجير، في ظل عدم وجود دليل على مفتعل للانفجار، لم يعد السؤال حول الفتيل، أو القنبلة، أو مخرب أشعل حريقاً ممتداً في المدينة اللبنانية، بقدر ما صارت الجريمة الأهم اليوم هي لماذا توجد كل هذه الأطنان من المواد المتفجرة في ميناء مدني؟، بخاصة بعد كشف مدير ميناء بيروت أن الجمارك وأمن الدولة ظلا يرسلان خطابات لإزالة المواد المتفجرة، أو تصديرها طيلة السنوات الست الماضية بلا نتيجة.

المزيد من تقارير