Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قنابل القذافي الصوتية" تفجر مفاجأة عن علاقة "قطرية حوثية" لتقسيم السعودية

حمد بن جاسم ألمح إلى رفض علي عبد الله صالح مشروع تنصيب الميليشيا اليمنية على الحجاز

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي مع أمير قطر السابق حمد بن خليفة في ليبيا قبل عشر سنوات (رويترز)

تحكي أدبيات الحرب الباردة التي توارثتها الأجيال في بلاد البلاشفة، أن انهيار دولة كبيرة مثل الاتحاد السوفياتي تعدَّى أذاه حدود الاتحاد الاشتراكي، إذ حسب ما تناقله التاريخ أنّ إمارات الاتحاد التي تقاسمت تركة الدولة الكبيرة، وخرجت من تحت عباءتها تقاسمت معها الموروث النووي الضخم، الذي كانت تملكه موسكو، حتى بات العالم لا يدري من انضم من دوله إلى النادي النووي.

ووصل ببعض الروايات أن تناقلت، على سبيل المبالغة والتندّر، أن الرؤوس النووية التي خزّنها الروس في ولاياتهم الطرفية قبل انشقاقها تسرَّبت حتى صارت تُباع على الرصيف في دول أفريقية، قبل أن ينجح العالم في احتواء الانتشار النووي إلى حدٍ ما.

ورغم تلك المبالغات فإنّ الميل إلى تصديقها غدا أكبر اليوم، إذ يتابع العرب منذ عشر سنوات مسلسلاً مشابهاً، بدأ منذ سقوط نظام القذافي في ليبيا، الدولة الكبيرة حجماً واقتصاداً وفي مشاريعها السياسية التي كانت لا تلبث أن تفشل، إلا أنها امتلأت بها حتى غدت قنابل نووية انفجرت في صاحبها يوم أوصل البلاد إلى طريق مسدود.

لكن، وعلى طريقة السوفيات، كان القذافي مغرماً بقنابله الكثيرة، وإمعاناً في غرامه كان يعمد إلى تسجيلها دوماً وتوثيقها لغاية، ربما تكون سياسية، وربما لا تتجاوز كونها هواية تفسِّر حالته النفسية، ما لبثت أن توزَّعت بعد سقوطه ويلتقطها من قرر نشر هواية القذافي الغريبة.

الحوثي يحضر في آخر التسجيلات

حضور الأميرين القطريين، حمد بن خليفة وحمد بن جاسم في تسجيلات خيمة القذافي ليس جديداً، فهما من افتتح المكتبة الصوتية في 2012، بتسجيلهما الشهير الذي توقعا فيه انهيار النظام السعودي خلال سنوات، واستقالا على خلفية تسرّبه بعد أن فشلا في تبرير التسجيل أمام المسؤولين في الرياض.

إلا أنّ التسجيل الأخير، الذي أثار مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج، كان له وقعٌ مختلفٌ. ففي الوقت الذي خاضت فيه قطر معركة استعادة الشرعية اليمنية من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران بجوار السعودية والتحالف العربي، قبل أن تبعد منه في 2017، لأسباب وصفها التحالف بـ"دعم الإرهاب والانقلابيين في اليمن"، كانت الدوحة على ما يبدو لديها خيارات مختلفة، وفق ما أظهر التسجيل. إذ نشر المعارض القطري خالد الهيل تسجيلاً صوتيّاً جديداً من أحد ترددات الشيخين الخليجيين على خيمة القذافي، جمعهما مع الرئيس الليبي الراحل.

 

 

ويظهر في أوّل التسجيل صوت حمد بن جاسم، وهو يقول متحدثاً عن السعودية "ما في حد من جيرانهم ما أخذوا من عنده قطعة أرض". ليرد القذافي "أيوه قلت لك، هذي دولة كبيرة ولازم تتمدد وتفرض نفوذها". وتدخّل حمد بن خليفة في الحوار قائلاً "لا والأميركان والبريطان لعبوا كذلك دور سيء"، ليطرح القذافي رؤيته للحل، قائلاً "المفروض الحجاز دولة، ونجد دولة، والأحساء دولة، والقصيم دولة، ممكن بعدين يحدث توازن".

ليظهر صوت حمد بن خليفة مجدداً، مشيراً إلى أن "الحوثيين" يعتبرون الحجاز دولتهم، الأمر الذي وافقه عليه القذافي، قبل أن يعلّق حمد بن جاسم ملمحاً إلى سعيه لتنفيذ رغبة الحوثي فعلاً "المشكلة في صاحبنا الأخ علي، الله يسهل عليه، ما هو راضي"، يقصد الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.

وكالعادة، تتحفظ السلطات القطرية في مثل هذه الحوادث عن التعليق أو الإدلاء بتصريح، أو نفي لما يرد في التسجيلات، رغم محاولات "اندبندنت عربية" احترام حق الطرف الآخر في التعليق قبل النشر، وتستمر الصحيفة في حفظ حق الدوحة في الرد والتبرير أو النفي، وتتعهد نشره متى رغب الطرف الآخر في ذلك.

طوق النجاة

ما ورد في التسجيلات حول العلاقة بين قطر والحوثيين ليس جديداً، إذ لعبت الدبلوماسية القطرية دوراً محوريّاً في نتيجة الحرب الرابعة في سلسلة الحروب الست بين علي عبد الله صالح والجماعة المتمردة شمالي اليمن.

فحسب ما أعلنته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ" في 2007، فقد نجحت وساطة قطرية بإيقاف المعركة في الفصول الأخيرة، عندما شارفت صنعاء على إنهاء التمرد، بتأسيس ما عرف حينها بـ"اللجنة الرئاسية المشرفة على تنفيذ اتفاق صعدة"، التي بدأت عملها في اليمن، للتوصّل إلى حل تمتنع حياله صنعاء عن تدمير الجماعة مقابل تسليم الحوثي سلاحه والمناطق التي سيطر عليها للجيش اليمني، مع نفي قيادات الجماعة عبد الملك الحوثي، وعبد الكريم الحوثي، وعبد الله الرزامي خارج البلاد، بعد أن قدّمت لهم الدوحة لجوءاً سياسيّاً، حسب نصّ الاتفاق الذي توافقوا عليه بعد ماراثون تفاوضي طويل، لعب وزير خارجية قطر حمد بن جاسم دوراً بارزاً في إنفاذه. وعلق علي البخيتي، السياسي اليمني والمتحدث السابق باسم جماعة الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني لـ"اندبندنت عربية"، حول الدور القطري قائلاً "استخدمت الدوحة مساعي وقف الحرب في صعدة، وإنفاذ اتفاق السلام عن طريق شراء مواقف النافذين في الحكومة اليمنية في حينها".

أمر مشابه حصل في 2017، عندما اصطدم طرفا الانقلاب في اليمن "الحوثي وصالح"، إذ يضيف القيادي الحوثي السابق بهذا الصدد "سعت الدوحة حينها إلى احتواء الصراع بين صالح والحوثي في 2017، إذ تدخلت بعد أن آلت القوى إلى حزب المؤتمر الشعبي، إلا أن الرئيس الراحل رفض الوساطة واستمر في مواجهة الجماعة حتى اغتياله"، ويتهم البخيتي الدوحة بلعب دور في تغليب ميزان القوى لصالح الحوثي حتى مقتل الرئيس المعزول "نجحت الدوحة في تعطيل خطوات علي صالح إلى حين نقل الحوثي لـ"كتيبة الإمام الحسين" من صعدة إلى صنعاء والتي نجحت في ترجيح موازين القوى واقتحام منزل الرئيس السابق"، وعن الكتيبة يضيف "كتيبة الإمام الحسين هي مجموعة من المقاتلين العقائديين الانغماسيين، والمعزولين عن العالم، ذوي مستوى عالي من التدريب يستعين بهم عبدالملك الحوثي في حراسته الشخصية وتنفيذ المهام الخاصة"، فهم من تولى اغتيال اللواء القشيبي في 2014، بحسب البخيتي.

القذافي أيضاً لديه خطة

ما تسرّب عقب سقوط القذافي ليس تسجيلات صوتية فحسب، فما أفلت من جهاز التسجيل لم يفلت من ملفات الوثائق، التي تضمّنت أجزاءً من اجتماعاته الخاصة، كتلك التي حصلت عليها صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، التي احتوت على خطة أعدّها نظام طرابلس، لمهاجمة السعودية عن طريق ميليشيات عمل على تدريبها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تفاصيل الخطة، كما ورد في الوثائق الصحافية، فقد أعدّ القذافي عن طريق شركة ملاحة خاصة ميليشيات جرى تدريبها في دولة أفريقية وتجهيزها، ونقلها إلى شمالي اليمن عن طريق قراصنة صوماليين سمّاها "الجبهة الجنوبية"، في وقت سبق حرب الحوثيين الأولى مع السعودية في 2010، وجماعات أخرى كان ينوي تأسيسها في العراق، مطلقاً عليها اسم "جبهة الشمال الشرقي"، إضافة إلى "جبهة الحجاز"، مدّعياً امتلاكه بعض الخلايا في جدة تتولى أمر الجبهة.

على أن تتولى هذه الجبهات مهاجمة السعودية بتنسيق منه والسيطرة على المناطق المذكورة وفق التسمية لكل ميليشيا، إلا أنّ الأمر لم يُستكمل، لسببٍ غير معلوم لم تجد الصحيفة وثائق تدل على ذلك.

عوامل الـ"لا دولة"

العلاقة بين النظام القطري والجماعة الحوثية، التي ثبت صحة جزء منها عبر الدور الذي لعبته الدوحة في إنقاذ الميليشيات بشكل علني، وعبر اتهامات أخرى توجّه إليها وردت في التسجيلات التي لم يسعنا التأكّد من صحتها، رغم اعتراف حمد بن جاسم في لقاء مع التلفزيون القطري بصحة جزء منها، مؤكداً أن "مسايرته" معمّر كانت محاولة لاستدراجه، لاستعادة أموال استثمارات استولى عليها النظام الليبي، وأنها كانت بعلم الرياض.

رغم ذلك، فهذا التسجيل ليس العلاقة الأولى التي تطفو على السطح مع جماعات مسلحة خارج سلطة الدولة في اليمن، إذ سبق أن اتهم الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح القطريين والليبيين بمحاولة صنع وساطة بينه وبين "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" الإرهابي، الذي كان يتخذ من اليمن مقراً له.

وتحدّث صالح، في لقاء مسجّل لبرنامج "الذاكرة السياسية" على قناة العربية عن لقاء جمعه مع القذافي وحمد بن خليفة في أثناء حضوره مناسبة في سرت، قالا له حينها: "لماذا تضع رأسك برأس (القاعدة)؟ لماذا لا تتصالح معهم؟ ونحن مستعدين أن نتفاهم معهم لتجنُّب المشاكل"، عارضين دوراً لنجل القذافي سيف الإسلام لتولي مهمة الوساطة بشكل مباشر.

وتعزز هذه الاتهامات، التي أوردها صالح، العلاقة القطرية مع عوامل الـ"لا دولة" في اليمن، سواءً ما أعلنته رسميّاً حول علاقتها بالحوثي، وما لم تعلِّق عليه حول تهم صالح لها بمحاولة إدامة "القاعدة" في بلاده، وهو ما يدفعنا إلى التأكيد مجدداً أننا نحفظ حق الدوحة في التعليق حياله، سواءً بالنفي أو التأكيد متى رغبت في ذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير