تراجعت أسعار النفط بعد أن اتفقت أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا وهي المجموعة المعروفة باسم أوبك+، على تقليص قيود قياسية على الإمدادات اعتباراً من أغسطس (آب)، لكن آمال التعافي السريع في الطلب في الولايات المتحدة بعد سحب كبير لمخزونات الخام فيها حد من التراجع.
وانخفض خام برنت 28 سنتاً أو 0.64 في المئة ليصل سعر البرميل إلى 43.51 دولار. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 40 سنتاً أو 0.97 في المئة إلى 40.81 دولار للبرميل. وكانت الأسعار ارتفعت 2 في المئة أمس الأربعاء مدفوعة بتراجع مخزونات الخام الأميركية.
وأرسل تحالف أوبك+ عدة تطمينات لأسواق النفط بحضوره القوي للحفاظ على توازن واستقرار السوق كلما اقتضت الضرورة بنحو منظم، وذلك مع استمرار نجاح خفض الإنتاج في احتواء تراجع الأسعار وكذلك تراجع المعروض، والاتجاه حالياً نحو تخفيف الخفض اعتباراً من الشهر المقبل.
وكانت أوبك+ بدأت خفضاً في الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً منذ مايو (أيار)، بما يعادل عشرة في المئة من الإمدادات العالمية، لكن اعتباراً من أغسطس (آب)، من المقرر أن تتقلص التخفيضات رسمياً إلى 7.7 مليون برميل يومياً حتى ديسمبر (كانون الأول).
وكان لانخفاض مخزونات النفط الأميركية تأثير في تحجيم تراجع أسعار النفط المتأثر من مضي أوبك + نحو تخفيف التخفيضات، وبحسب بيانات معلومات الطاقة الأميركية انخفضت مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام بمقدار 7.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي وذلك بالمقارنة مع تقديرات محللين بانخفاض قدره 2.1 مليون برميل.
خطة تعويض
وفي هذا الصدد، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن تخفيضات الإنتاج في أغسطس وسبتمبر ستصل في نهاية المطاف إلى ما بين 8.1 و8.3 مليون برميل يومياً تقريباً، وستكون 7.7 مليون برميل يومياً بفضل خطة تعويض تنفذها البلدان التي تجاوزت الإنتاج بالشهرين الماضين.
وذكر الوزير أن "السبب هو أن دولاً من المجموعة أنتجت بشكل زائد في وقت سابق من العام ستعوض ذلك عبر تخفيضات إضافية في الشهرين المقبلين".
وتابع "إن أوبك+ تتحرك صوب المرحلة المقبلة من اتفاق خفض إنتاج النفط، إذ من المتوقع أن تخفف المجموعة التخفيضات بفضل تعافي الطلب على النفط". أضاف أن أوبك+ ستجري في ديسمبر 2020 مراجعة للفترة الزمنية التي ستستمر فيها تخفيضات النفط، معتبراً أن أسعار الخام الحالية ليست إيجابية لصناعة النفط.
وقال الأمير عبد العزيز إن الصادرات السعودية لن تزيد في أغسطس، حيث سيجري استهلاك الإنتاج الإضافي محلياً.
مخاوف من موجة ثانية لكورونا
وأظهر بحث داخلي في أوبك، أن المنظمة تخشى أن تخفق التخفيضات القياسية التي تنفذها في إعادة التوازن إلى السوق وفي التخلص من أسوأ تخمة للمعروض في التاريخ إذا قوضت موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا التعافي الاقتصادي هذا العام.
لكن البحث الداخلي يشير إلى أن تلك الأرقام المستهدفة قد تكون في خطر إذا أجبرت موجة ثانية من المرض الحكومات حول العالم على فرض إجراءات العزل العام من جديد، بحسب وكالة "رويترز".
ومن شأن هذا التصور خفض الطلب بمقدار 11 مليون برميل يومياً في 2020 وأيضاً، وهو الأهم لأوبك+، سيؤدي لزيادة المخزونات التي تعتبرها المنظمة مؤشراً أساسياً لمراقبة مدى فاعلية إجراءات خفض الإنتاج.
وقالت المنظمة في البحث الذي أعدته لاجتماع لجنة تابعة لأوبك+ الأربعاء وأوصى خلاله الوزراء بتقليص خفض الإنتاج "يجب أن نلفت النظر إلى أن هذا السيناريو ستصل فيه الزيادة في المخزون الكلي لمستوى غير مسبوق عند 1.218 مليار برميل في 2020".
ومثل هذا الرقم يعني تخزين ما يعادل أكثر من 12 يوماً من إنتاج النفط العالمي بسبب ضعف الطلب.
وفي إطار تصور "الموجة الثانية" من تفشي المرض، لن تتراجع المخزونات العالمية في الربع الثالث وستنخفض بمقدار متواضع في الربع الرابع، لتظل مرتفعة عن متوسط خمس سنوات في الدول الصناعية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 149 مليون برميل.
وقالت أوبك إنها تريد إبقاء المخزونات عند متوسط الخمس سنوات أو أقل. وتصورها الأساسي الحالي يتوقع أن تصل مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أقل من متوسط خمس سنوات بنحو 104 ملايين برميل بنهاية 2020 بعد عمليات سحب في وقت لاحق من العام.
من جهته، قال الدكتور أنس الحجي، المتخصص في شؤون النفط والطاقة، "إن تقليص أوبك+ لتخفيضاتها من 9.7 مليون برميل يومياً إلى 7.7 مليون برميل يومياً لن يؤثر كثيراً في الأسواق العالمية لأن زيادة الإنتاج لا تعني زيادة الصادرات".
بدء المرحلة الثانية
وفي هذا الصدد، قال محمد الشطي، المختص بالشؤون النفطية، إن الإعلان عن بدء المرحلة الثانية من اتفاق "أوبك+" لتخفيف خفض الإنتاج بحيث يصل إلى 7.7 مليون برميل يومياً بدلاً من 9.7 مليون برميل يومياً، ويرتفع الخفض إلى 8.1 -8.2 مليون برميل يومياً باحتساب التعويض لبعض الدول المنتجة للنفط والتي زاد إنتاجها على الحصة المقررة خلال الأشهر السابقة مايو ويونيو الماضيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار الشطي إلى الدعم الإضافي الذي يتلقاه الطلب من ارتفاع الاستهلاك المحلي لبعض الدول مثل السعودية وهو ما يعني فعلياً بقاء الصادرات عند مستواها السابق.
وتابع الشطي "تعافي الطلب على النفط بشكل تدريجي يمهد الطريق أمام نجاح جهود تحقيق توازن أسواق النفط... وطبعاً المؤشر هو تحقيق توقعات سحوبات من المخزون النفطي العالمي خلال الأشهر المقبلة بصورة متواصلة".
مسار التعافي
ولفت المختصون في شؤون النفط إلى أن حدوث هذا التطور بلا شك سيدعم استقرار الأسواق ومسار تعافي الأسعار وتغير هيكل الأسعار لتكون في "الباكورديشين"، علماً بأنه حالياً فقط نفط خام دبي في هذه الحالة، بينما خام برنت ويست تكساس المتوسط الأميركي في الكونتانغو الخفيف وهو ما يعني عدم جدوى التخزين بالعموم.
وأفاد الشطي "نرى أجواء متفائلة بعد اجتماع أوبك بلس والتصريحات الإيجابية لوزراء النفط، وتؤكد أوبك بلس بأنها موجودة لتبقى بدور تنظيم المعروض في الأسواق بشكل مسؤول يدعم توازن أسواق النفط والصناعة والاقتصاد والعالم".
صمام أمان
وحول الإجراءات التي تمثل صمام أمان للأسواق النفطية، يرى المحللون "أنها تتضمن آلية تحالف أوبك+ لمراقبة الالتزام بالحصص المقررة والخفض المتفق عليه ثم اجتماع شهري للجنه الوزارية لدول التحالف لمراقبة الإنتاج والتي تراقب السوق وتهتم بتطوراته وتتأكد من فاعليه الاتفاق في تحقيق التوازن".
وقالوا إن هناك تحذيرات تدور حول خروج جائحة تفشي فيروس كورونا عن السيطرة في عدد من الدول ومنها الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يؤثر في درجة تعافي الطلب العالمي على النفط إن حدث، وهو موضوع لا بد من التنبه له. وقد حذر منه وزير الطاقة الروسي نوفاك الذي أعلن إن إنتاج بلاده سيرتفع بمقدار 400 ألف برميل يومياً في أغسطس.
وكشف الشطي أن رفع أسعار نفوط شركة أرامكو للأسواق ومنها الآسيوية يعني رفع الإيرادات للمنتجين في الخليج العربي خلال الأشهر المقبلة برفع العلاوة الشهرية وبما يتطلب تعافي أساسيات السوق مع تحسن المستوى العام للأسعار.
وذكر أنه مع وصول نفط خام برنت حالياً إلى 43 دولاراً للبرميل توقع أن نشهد تعافياً إلى 45 دولاراً للبرميل أو أعلى قليلاً خلال الأشهر المقبلة.
الكويت: توافق على الانتقال للمرحلة الثانية لخفض الإنتاج
من جانبه، قال محافظ دولة الكویت لدى (أوبك) هیثم الغیص، إن هناك توافقاً بین دول أوبك+ على الانتقال من المرحلة الأولى بالاتفاق التاریخي لتخفیض الإنتاج الى المرحلة الثانية مطلع الشهر المقبل.
وتابع الغيص "اجتماع اللجنة الوزاریة الذي سبقه اجتماع للجنة الفنیة المشتركة ناقش بیانات التزام الدول خلال شهر یونیو. وأبدت ارتیاحاً لوجود تحسن ملموس بالالتزام في خفض الإنتاج من أغلب الدول بحیث ارتفع الالتزام الاجمالي لدول أوبك+ من مستوى 87 في المئة في مایو الماضي إلى 107 في المئة بالشهر الماضي".
وأفاد بأن اللجنة شددت في بیانها الختامي على أهمیة التزام جمیع الدول بحصص الانتاج المتفق علیها خلال الأشهر المقبلة حیث أن أسواق النفط لا تزال تمر في مرحلة حرجة بسبب تداعیات فیروس كورونا وأثره السلبي على الطلب العالمي للنفط، وذلك على الرغم من التحسن الذي شهدته الأسواق خلال الشهرین الماضیین مع بدایة العودة التدریجیة للحیاة الطبیعیة في مختلف أنحاء العالم.
وأشار إلى أن تقلیص حجم التخفیض الإجمالي لا یعني بالضرورة عودة ملیوني برمیل بالیوم من الإمدادات للأسواق العالمیة، موضحاً أن الدول التي لم تلتزم بالكامل بالتخفیضات خلال الشهرين الماضيين قدمت خططاً واضحة إلى اللجنة حول جدولة تعویض ھذه الكمیات بالمزید من التخفيض في إنتاجها خلال الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر.
وأفاد الغیص بأن توقعات "أوبك" تشیر إلى وجود تحسن ملموس في الطلب على النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي بالمقارنة مع النصف الأول، خصوصاً بالنظر إلى الربعین الثاني والثالث من العام، حیث من المتوقع أن یرتفع الطلب من مستوى 82 ملیون برمیل یومیاً إلى 92 ملیوناً.
انخفاض صادرات السعودية
وأظهرت بيانات المبادرة المشتركة للبيانات النفطية (جودي)، الخميس، انخفاض صادرات السعودية من الخام نحو 4.217 مليون برميل يومياً على أساس شهري إلى 6.020 مليون برميل يومياً في مايو الماضي بأول شهر لاتفاق خفض الإنتاج لأوبك+.
وبحسب "جودي"، ارتفعت مخزونات الخام السعودية 4.059 مليون برميل إلى 147.561 مليون برميل في مايو الماضي، وكذلك ارتفع استهلاك المصافي المحلية السعودية من الخام 89 ألف برميل يومياً إلى 1.929 مليون برميل خلال الشهر نفسه، بينما زاد الحرق المباشر للخام في السعودية نحو 52 ألف برميل يومياً في مايو إلى 407 آلاف برميل يومياً.
أسعار مرتفعة
وفي تقرير صادر عن شركة "كامكو إنفست" الكويتية، الخميس، ترى أن أسعار النفط لا تزال مرتفعة على خلفية تعافي الطلب، بعد أن تخطت أسعار مزيج خام برنت مستوى 40 دولاراً للبرميل خلال يوليو (تموز) 2020 في ظل تزايد معدلات الطلب عبر الأسواق الرئيسية بعد أن بدأ تخفيف إجراءات الحظر الناتجة من تفشي كورونا.
وذكر التقرير إنه على رغم ذلك لا تزال الأسعار أقل بنسبة 36 في المئة مقارنة بالمستويات المسجلة في بداية العام. ويأتي الانتعاش الاقتصادي على الرغم من الإعلان عن عودة ارتفاع عدد حالات الإصابة الجديدة بالفيروس مرة أخرى في عدد من الولايات الأميركية وآسيا مع استمرار تجارب إنتاج اللقاحات في كافة أنحاء العالم.
وقالت كامكو "استقرت أسعار عقود النفط الفورية عند أعلى مستوياتها المسجلة في أربعة أشهر عند حوالى 43 دولار أميركي للبرميل منذ بداية يوليو 2020 بدعم من توقعات انتعاش الطلب بوتيرة أسرع إلى جانب مستويات خفض الإنتاج التاريخية التي اعتمدها منتجو الأوبك وحلفائها".