نبّه نشطاء إلى أن "الثغرات السافرة" في مشروع القانون التاريخي للعنف الأسري قد تعني استمرار انعدام المهرب من العنف أو القتل لعددٍ كبيرٍ من النساء، وذلك استباقاً للتصويت الحاسم الأسبوع المقبل.
ويُحثّ الوزراء على إجراء تغييرات عاجلة على التشريع الذي تناصره تيريزا ماي (رئيسة الحكومة السابقة) - عند تحويله إلى مجلس العموم الأسبوع المقبل، بغية تقديم حماية مناسبة من الأشخاص الذين يشاركون النساء حياتهن أو يقومون بملاحقتهن.
وخضع مشروع القانون لتعزيزات خلال رحلة طالت لثلاث سنوات، جعلت من واجب المجالس البلدية المحلية تأمين أماكن للإيواء وأوقفت قيام المسيئين باستجواب الضحايا في المحاكم.
لكن يُخشى أن تلك الثغرات ستستمر في خذلان النساء اللواتي يلجأن إلى خدمات الصحة المجتمعية من أجل المساعدة، واللواتي يتعرّضن للملاحقة في العمل - وما هو أكثر إثارة للقلق - النساء المهاجرات.
وكشفت النائب عن حزب العمال والناشطة البارزة جيس فيليبس عن أن ضباط الشرطة "يدفعون من أموالهم الخاصة" تكاليف إقامة الضحايا في الفنادق، بسبب رفض تقديم المساعدة لهن بموجب قانون عدم اللجوء إلى الأموال العامة المجحف - (الذي يوقع عليه المهاجرون أحيانا في سياق تسوية أوضاعهم) وهو عائق سيبقى قائماً.
وفي حديثها إلى "اندبندنت"، حذّرت السيدة فيليبس: "غالباً ما تكون تلك أسوأ القضايا، وتتعلّق بضحايا هنَّ الأكثر عرضة للخطر - ينتهي بهن المطاف كأسماء [للنساء المقتولات] التي نقرأها في البرلمان سنوياً... لن يُلتزم بتعهّد خفض جرائم القتل الأسرية ما لم تُسدّ تلك الثغرات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وطالبت جمعية "وومينز آيد" الخيرية Women’s Aid بإسقاط قانون عدم اللجوء إلى الأموال العامة وفرض واجب تأمين الدعم الضروري على المهنيين الصحيين، قائلةً: "تتّصل امرأة واحدة فقط من بين كل خمس ناجيات بالشرطة".
في شهر مارس (آذار)، الذي تحوّل إلى حدث سنوي مؤلم، ذكرت السيدة فيليبس أسماء أكثر من 100 امرأة قُتلن على أيدي الرجال خلال العام المنصرم - مستغرقةً أكثر من أربع دقائق لقراءة القائمة.
ما تسمّيه السيدة فيليبس "جائحة العنف الذكوري ضد النساء" كان الحافز وراء مشروع قانون العنف الأسري Domestic Abuse Bill، من أجل إجراء مزيد من المحاكمات والقضاء على لعب المناطق دوراً في طريقة تعامل قوى الشرطة مع الضحايا.
وصفت رئيسة الوزراء السابقة المشروع بالأولوية الشخصية، لكنه تأجل ثلاث مرات بسبب الانتخابات العامة عامَيْ 2017 و 2019 وإغلاق بوريس جونسون البرلمان بشكل غير قانوني الصيف الماضي.
وأخيراً، سيصل المشروع إلى مجلس العموم يوم الاثنين، مِمّا سيخلق واجباً جديداً للحماية ضد العنف الأسري يسهّل فرض أوامر تقييدية على التواصل بين الضحايا والمسيئين في القضايا التي لا تصل إلى حدّ العنف أو التهديد به.
ويشعر الناشطون بالسرور كذلك لفرض واجب قانوني على المجالس البلدية بتقديم خدمات اللجوء، وأن الأولوية ستُعطى لمَن هنّ بلا مأوى، والتغييرات على المحاكم الأسرية، بما في ذلك ضمان عدم مشاركة الضحايا والمعتدين المزعومين الأماكن ذاتها.
لكن ثمة مخاوف جسيمة بخصوص التمويل وما إذا كانت ستُوفر ميزانية تُقدّر بـ173 مليون جنيه إسترليني مطلوبة من أجل شبكة إيواء مناسبة على المستوى الوطني.
وقالت السيدة فيليبس إنها مستمرة في حث الوزراء على تقديم المزيد في ثلاث نواح:
* مطالبة الخدمات الصحية والمجتمعية الأخرى - التي يلجأ إليها 70 في المئة من ضحايا العنف - بتأمين الملاجئ.
* توفير حماية أفضل في أماكن العمل - مجادِلةً بأن غالبية النساء اللواتي يتعرّضن للملاحقة أبلغن عن "استخدام الملاحِقين مكان العمل من أجل السيطرة عليهن"، وواصفةً المراجعات الموعودة بـ"طريقة لذرّ الرماد في العيون".
* إنهاء سياسة عدم اللجوء إلى الأموال العامة - للتأكد من أن "وضع الهجرة لا يؤثر في قرار حصول المرأة على الدعم".
وقالت النائب عن دائرة برمنغهام ياردلي الانتخابية: "إذا كانت إقامتكِ هنا بموجب تأشيرة دراسة أو تأشيرة عمل وليس لديك حق الحصول على تمويل حكومي، فلن يكون من حقكِ الذهاب إلى ملجأ... إذا كنتِ ضحية تقف أمام ضابط شرطة، أو موظف إسكان، أو طبيب، فإن مقدار الدعم الذي يستطيع تقديمه لك في تلك الليلة - كي تكوني في مأمن من الأذى - سيعتمد على الختم الموجود على جواز سفرك. سيتوجب على الشرطة القول: للأسف، ستعودين إلى منزلك الليلة. كتب لي عددٌ كبير من ضباط الشرطة، قائلين إنها مشكلة كبيرة".
كما ناشدت الوزراء بتقديم المزيد من الدعم، قائلةً: "لن أستسلم أبداً - سألومهم على مقتل كل امرأة مهاجرة... صيغة مشروع القانون الآن أفضل بكثير مِمّا كانت عليه في البداية، لكنه ما زال يحتوي على ثغرات سافرة".
وأيدت نيكي نورمان، الرئيسة التنفيذية بالوكالة لجمعية "وومانز آيد" من جهتها الانتقادات القائلة إن المشروع بحاجة ماسة إلى مزيد من العمل.
وأوضحت: "أماكن الرعاية الصحية بالنسبة إلى عدد كبير من الناجيات، هي من الأماكن القليلة التي يشعرن فيها بالأمان للبوح عن العنف الأسري والجنسي وطلب الدعم الموثوق من دون وجود المعتدي".
وأضافت: "تواجه النساء المهاجرات اللواتي لا يحصلن على تمويل عام عوائق قاهرة أمام الوصول إلى خدمات الدعم، بما في ذلك أماكن اللجوء، التي تُدفع تكاليفها من مساعدات الإسكان".
إلّا أنّ وزارة الداخلية قالت إنها "تعمل بجد من أجل دعم الضحايا المهاجرات، بما في ذلك استثمار مبلغ 1.5 مليون جنيه إسترليني لمساعدتهن في الوصول إلى أماكن إقامة آمنة".
وشرح متحدث باسم الوزراة أن "مشروع قانون العنف الأسري هو تشريع سيغيّر قواعد اللعبة وسيبدّل طريقة تعاملنا مع هذه الجريمة البشعة وسيضمن أن كل ضحايا العنف الأسري وعائلاتهم يحصلون على الدعم والحماية بينما يواجه الجناة العدالة... وبالنسبة إلى أماكن العمل، فبإمكان أوامر الحماية أن تدعم أي شخص لديه صعوبات، وقد أطلقت الحكومة مراجعة الدعم في أماكن العمل بالنسبة إلى ضحايا العنف الأسري".
رئيسة السياسات في جمعية "ريفيوج" Refuge الخيرية إيلي بات رحّبت بـ"إمكانية تغيير الاستجابة للعنف الأسري"، لكنها دعت إلى وجود إعفاءات من سداد سُلف المعونات الحكومية المعروفة بالتأمين الشامل. وقالت: "ضمان أن نظام المعونات في صالح النساء الهاربات من العنف الأسري هو أحد أهم التغييرات التي تستطيع الحكومة إجراءها لحماية الناجيات".
© The Independent