كشفت الصين عن سلطات جديدة لفرض رقابة على الإنترنت في هونغ كونغ والولوج إلى بيانات مستخدمين بموجب قانون الأمن القومي الصارم، لكن عمالقة التكنولوجيا الأميركيين رفضوا القرار مشيرين إلى مخاوف على الحقوق والحريات.
وجاءت خطط فرض الرقابة على الإنترنت في وثيقة حكومية من 116 صفحة نُشرت مساء الاثنين السادس من يوليو (تموز) الحالي، كشفت أيضاً عن توسيع صلاحيات الشرطة بما يخوّلها القيام بمداهمات من دون إذن، ومراقبة بعض التحقيقات المتعلقة بالأمن القومي.
وكانت الصين فرضت القانون في هونغ كونغ التي تتمتع بحكم شبه ذاتي قبل أسبوع، ويعاقب القانون على التخريب والأنشطة الانفصالية والإرهاب والتواطؤ مع قوى أجنبية، وبقيت بنوده سرية إلى أن دخل حيّز التطبيق.
وعلى الرغم من ضمانات بأن القانون يستهدف قلة من الناس، إلا أن التفاصيل الجديدة تكشف أنه أكبر تغيير راديكالي للحريات والحقوق في هونغ كونغ منذ أن أعادتها بريطانيا إلى الصين عام 1997.
بومبيو يندّد بالتدابير "الأورويلية"
ومساء الاثنين، ندّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالتدابير "الأورويلية" (نسبة الى كاتب بريطاني اسمه المستعار جورج اورويل، وكتابه "مزرعة الحيوان" الذي يتناول الديكتاتورية بشكل مبطن) لفرض رقابة على النشطاء والمدارس والمكتبات منذ تطبيق القانون. وقال في بيان "في حين لم يجفّ بعد الحبر الذي كُتب به قانون الأمن القومي القمعي، فإن السلطات المحلية، وفي إجراء أورويلّي، بدأت (...) بإزالة الكتب التي تنتقد الحزب الشيوعي الصيني من رفوف المكتبات العامة، وبحظر الشعارات السياسية، وهي تطلب الآن من المدارس فرض الرقابة"، وأضاف أن "هونغ كونغ ازدهرت حتى الآن لأنها سمحت بالتفكير الحر والكلمة الحرة بموجب سيادة مستقلة للقانون. لقد انتهى ذلك".
وبموجب اتفاقها مع بريطانيا بشأن إعادة هونغ كونغ، وعدت بكين بضمان 2047 من الحريات والحكم الذاتي الذي لا مثيل له في البر الرئيسي، وأدّت سنوات من القلق المتصاعد من أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم يقلّص تلك الحريات، إلى حراك شعبي مطالب بالديمقراطية عبر تظاهرات عارمة تخللتها أحياناً أعمال عنف، واستمرّ سبعة أشهر العام الماضي.
تطبيق "صارم" للقانون
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم تخفِ الصين رغبتها في استخدام القانون لسحق الحراك الديمقراطي، وقالت المسؤولة التنفيذية لهونغ كونغ، المعيّنة من قبل بكين، للصحافيين الثلاثاء، "حكومة هونغ كونغ ستطبّق القانون بصرامة"، وأضافت "أنا أحذّر أولئك المتطرّفين من محاولة انتهاك هذا القانون أو تجاوز الخطوط الحمر لأن عواقب خرق هذا القانون خطيرة للغاية".
ومع سحب كتب عن الديمقراطية بسرعة من المكتبات والمدارس، أشارت الحكومة في الوثيقة التي نُشرت مساء الاثنين إلى أنها تتوقّع الطاعة على الإنترنت أيضاً.
ومُنحت الشرطة صلاحيات لمراقبة وحذف معلومات إلكترونية إذا كانت هناك "أسباب منطقية" للاشتباه في أن المعطيات تنتهك قانون الأمن القومي، ويمكن الطلب من شركات الإنترنت ومزوّدي الخدمات حذف المعلومات، ويمكن مصادرة معدات تلك الشركات، وأيضاً فرض غرامة على مديرين تنفيذيين، ومعاقبتهم بالسجن مدداً تصل إلى سنة إذا رفضوا الامتثال، ويتوقّع من الشركات تقديم سجلات تحديد الهوية والمساعدة في فك التشفير.
شركات التكنولوجيا الأميركية تتحفّظ
غير أن أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية تحفّظت على هذا القرار، وقالت كل من "فيسبوك" و"غوغل" و"تويتر" الاثنين، إنها علّقت طلبات من حكومة هونغ كونغ أو شرطتها لتزويد معلومات عن مستخدمين.
وأعلنت "فيسبوك" في بيان، أنها مع خدمة "واتساب" الشهيرة التابعة لها، سترفض طلبات حتى القيام بمراجعة للقانون تتضمّن "إجراءات رسمية بشأن الامتثال لحقوق الإنسان ومشاورات مع خبراء في مجال حقوق الإنسان". وقال متحدث باسم "فيسبوك"، "نعتقد أن حرية التعبير من حقوق الإنسان الأساسية وندعم حق الناس في التعبير عن أنفسهم من دون الخوف على سلامتهم أو من أي تداعيات أخرى".
وأفادت خدمتا "تويتر" و"غوغل" لوكالة الصحافة الفرنسية، بأنهما أيضاً لن تلتزما بطلبات سلطات هونغ كونغ عن معلومات في المستقبل القريب، وذكرت "تويتر" أن لديها "مخاوف كبيرة إزاء مرحلة التطوير والنية الكاملة لهذا القانون".
"تيك توك" تنسحب من هونغ كونغ
أما منصّة "تيك توك"، المملوكة من شركة "بايت دانس" الصينية، فأعلنت انسحابها من هونغ كونغ كلياً، وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية، "في ضوء الأحداث الأخيرة، قرّرنا وقف عمليات تطبيق تيك توك في هونغ كونغ".
وتحظى "تيك توك" بشعبية كبير لدى شريحة الشباب في أنحاء العالم، لكن العديد من مواطني هونغ كونغ لا يثقون بها لأنها مملوكة من صينيين. وتنفي شركة "بايت دانس" باستمرار أي تشارك لمعطيات حول المستخدمين مع السلطات في الصين، وأكدت أنها لا تعتزم البدء في الموافقة على مثل تلك الطلبات.
وفي أقل من أسبوع على بدء تطبيق القانون، حذف نشطاء مدافعون عن الديمقراطية والعديد من الناس العاديين ملفات شخصية على الإنترنت لأي شيء قد تجرّمه الصين.