السودانيون العاملون في الخارج يمثلون 15 في المئة من إجمالي عدد السكان، في تصريحات سابقة لجهاز السودانيين العاملين بالخارج (جهاز حكومي يعنى بشؤون المغتربين السودانيين) قدر العدد بـ 6 ملايين مواطن سوداني، وتواجه حكومة الفترة الانتقالية صعوبات في جذب تحويلاتهم Rimmitance التي تقدر بـ( 3.5 - 4.5) مليار دولار سنوياً، حيث تمر هذه التدفقات النقدية عبر شبكة السوق الموازي التي توسعت مع فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان خلال الفترة بين 1997-2017. خلال هذه الفترة نشأت شبكات السوق الموازي التقليدية لتسهيل توصيل التحويلات المالية من خارج السودان من دون المرور بالجهاز المصرفي السوداني الذي خنقته العقوبات الاقتصادية وعزلته.
تراجع في تحويلات العاملين في الخارج
بحسب أرقام البنك الدولي بلغت تحويلات المغتربين السودانيين 2.17 مليار دولار في 2007 ثم خفضت إلى 2.9 مليار دولار في 2008 ثم 2.6 مليار في 2009 وإلى 2.2 مليار في 2010 بينما كانت تحويلات المغتربين السودانيين فقط 1.2 مليار دولار في العام 2011 واستمر التراجع وبلغت 874 مليون دولار في 2012، إذا قارنا هذه الأرقام بتحويلات المغتربين المصريين التي تجاوزت الـ 26 مليار دولار في السنة من 11 مليون مصري مغترب تمثل هذه التحويلات 8.8 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر، بالنسبة للدول الأفريقية جنوب الصحراء، تحويلات المغتربين كنسبة من نمو الناتج المحلي الإجمالي تأتي دولة جنوب السودان على رأس القائمة وتمثل هذه التحويلات 34.4 في المئة من كل ما تنتجة دولة جنوب السودان من سلع وخدمات، ثم بعدها تأتي دولة ليسوتو التي تمثل فيها التحويلات 21.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما غامبيا فتمثل تحويلات المغتربين 15.5 في المئة، هذه الدول الثلاث الأعلى من حيث تحويلات المغتربين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من بين الدول الأفريقية جنوب الصحراء.
يتوقع البنك الدولي أن تنخفض تحويلات العاملين بالخارج إلى دول الأفريقية جنوب الصحراء بـ 23 في المئة إلى 37 مليار دولار في 2020 بسبب جائحة كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هنالك تباين في عدد السودانيين العاملين بالخارج، ما بين 5 - 6 ملايين نسمة، لعدم وجود قواعد بيانات صحيحة للعدد الحقيقي للمغتربين وهو واضح من تضارب التصريحات وتباين التقديرات، وعدم الدقة أيضاً ستكون ملازمة لتقديرات حجم تحويلاتهم السنوية، فبعض الأرقام تشير إلى 3.5-4.5 مليار دولار في السنة (تظل هذه التقديرات غير دقيقة في ظل غياب دور المصارف الرسمية) دائماً المقاربة تكون بتحليل الأرقام السابقة مع حجم الواردات وتمويلها عبر السوق الموازية.
سعر الصرف وضياع تحويلات العاملين في الخارج
تشوّهات سعر الصرف وتعدّد الأسعار تسببت في استمرار تدفق تحويلات العاملين في الخارج عبر السوق السوداء (الموازية للسوق الرسمية)، فبعد انفصال جنوب السودان وخروج البترول من الموازنة حدثت صدمة للاقتصاد وفقدت الموازنة 80 في المئة من موارد النقد الأجنبي، هذه الحالة تسببت في تصاعد الفرق بين سعر الصرف الرسمي الذي يحدده بنك السودان للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية وبين سعر السوق الموازية للعملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية، مثلاً الآن السعر الرسمي للدولار الأميركي هو 55 جنيهاً لكل دولار أميركي واحد بينما في السوق الموازية يتجاوز الـ 130 جنيهاً لكل دولار، هذا الفرق الكبير يهزم محاولات الحكومة جذب تحويلات المغتربين عبر الجهاز المصرفي الرسمي، وتراهن حكومة الدكتور عبدالله حمدوك على رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب الأميركية وبداية التواصل مع الدائنين الدوليين لمعالجة موضوع الديون الضخمة التي ورثتها من النظام البائد، أيضاً تعوّل حكومة حمدوك على الإصلاحات الاقتصادية التي شرعت في تطبيقها لمعالجة موضوع دعم السلع الإستراتيجية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي فنياً في هذة المرحلة ومع البنك الدولي الذي سوف يمول برنامج الدعم النقدي المباشر للأسر، هذه الخطوات تعيد السودان إلى مجتمع التنمية الدولي وتأمل الحكومة في الحصول على مساعدات لإتمام عملية الإصلاح الإقتصادي.
ظلت تحويلات المغتربين العاملين في الخارج هدفاً للحكومات السابقة عبر عدد من المحفزات، ولكن يشتكي هؤلاء من عدم الثقة بينهَم وبين الأجهزة الحكومية المتمثلة في جهاز السودانين العاملين في الخارج، وقد فشلت السياسات الحكومية في السابق في مخاطبة شغفهم عبر توفير نوافذ للاستثمار أو محفزات جاذبة لتتدفق تحويلاتهم السنوية التي يمكن أن تغطي 40 في المئة من فاتورة الواردات السنوية للسودان، ويمكن أن تشكل رافداً مهماً للنقد الأجنبي. الحكومة تحتاج إلى رؤية جديدة لتحقيق هذا وإعادة بناء الثقة مع المغتربين، إضافة إلى تفعيل دور الجهاز المصرفي وبناء شبكة من المراسلين بالخارج، مبدئياً حتى تهزم الحكومة السوق السوداء تحتاج إلى تحرير سعر الصرف لتحويلات المغتربين كخطوة أولى كما فعلت مع عائد صادر الذهب حتى يصبح السعر الذي تشتري به المصارف تحويلات الخارج منافساً للسعر الذي تعرضه شبكة السوق الموازية، وبعد الإصلاحات الاقتصادية ونجاحها سوف تتلاشى الفجوة بين السعرين ويستقر سعر الصرف.