كشف تقرير رسمي أن المملكة المتحدة أفادت بأنها تعرضت إلى العدد الأكبر في أوروبا من الهجمات، والمخططات من قبل اليمين المتطرف في 2019.
ووفق "وضع الإرهاب واتجاهه"، وهو تقرير سنوي تصدره "الوكالة الأوربية لتطبيق القانون" ("يوروبول") نُشِرت نسخته الأخيرة الثلاثاء الماضي، جرى هجوم واحد، في منطقة "ستانويل"، وأُحبِطت ثلاثة أخرى خلال ذلك العام.
وفي المقابل، لم تسجل البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أكثر من هجومين إرهابيين، مخطط لهما أو منفَّذَين، من قبل اليمين المتطرف فيها.
وجرى هجوم "ستانويل" بعد يوم من الهجمات على مسجد "كرايستشيرش" في نيوزيلندا، حين قتل رجل يؤمن بنظرية المؤامرة المعروفة باسم "الإبادة الجماعية للبيض" 50 مصلياً.
وفي بريطانيا، شن فينسنت فولر هجوماً في مسقط رأسه في "ساري" Surrey، طاول سيارات يقودها أشخاص من غير البيض، قبل أن يطعن مراهقاً بلغارياً. وقد استهدف الرجل (50 سنة) المسلمين خلال هجومه، صائحاً "يجب أن يموت المسلمون جميعاً، وأن يحكم المتفوقون البيض. سأقتل مسلماً".
وأورد تقرير "يوروبول" أن الهجمات كانت "جزءاً من موجة أعمال عنف جرت حول العالم، بما في ذلك حوادث إطلاق النار في "كرايستشرش" و"باواي" و"إل باسو". في تلك الحوادث، شكّل المرتكبون جزءاً من مجموعات إلكترونية عابرة للقوميات ومتشابهة، واستوحوا أفكارهم من بعضهم بعضاً. وليست العقيدة اليمينية المتطرفة واحدة بل تتغذى من تيارات فرعية مختلفة، يوحدها رفضها للتنوع، وحقوق الأقليات".
كذلك أشارت "يوروبول" إلى مخططات في المملكة المتحدة من النوع الذي تضمنه تقريرها، يُعتقَد بأن مراهقاً من النازيين الجدد كان يعتزم شنها على كُنِسٍ يهودية، وأهداف أخرى في مدينة "دورهام"Durham.
وفي يناير (كانون الثاني)، سُجِن ذلك المراهق (17 سنة) الذي لا يمكن كشف اسمه لأسباب قانونية، بعدما كتب بياناً استهدف من خلاله تقديم إلهام إلى إرهابيين آخرين.
وفي سياق متصل، تبقى الهجمات التي يشنها إسلاميون الأكثر دموية وتكراراً. ولكن، في العام الماضي وصفت شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة التشدد اليميني المتطرف بأنه التهديد الإرهابي "الأسرع نمواً". وقد ذكر مُساعد المفوض نيل باسو إن "التهديد الذي يشكله مهاجمون منفردون، يمثّل المشكلة الأكبر. ويتلخص قلقي الأكبر في أننا شهدنا حالات في كل من الأوساط اليمينية المتطرفة والإسلامية، يصبح فيها الناس متطرفين في غضون أيام أو أسابيع".
كذلك حضّ السيد باسو الثلاثاء الماضي، الناس على "أداء دورهم" في حماية أنفسهم، وغيرهم من خلال الإبلاغ عن نشاطات مشتبه فيها.
وأضاف، "إذ نستعيد الحياة الطبيعية، وتعاود الأمكنة العامة ازدحامها، يجب أن نكون يقظين للتهديد الجاري. ومن المحزن أننا نشهد تراجعاً لمرضٍ ما لكننا نحتاج إلى وقف مرضٍ آخر من معاودة البروز".
وفي سياق متصل، لفتت شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة إلى أنه من بين 25 مخططاً لهجمات إرهابية أُحبِطت منذ مارس (آذار) 2017، نسب ستة عشر اعتداءا منها إلى إسلاميين، وثمانية منها نسبت إلى يمينيين متطرفين، فيما وُصِفَ واحد بأنه "مختلف".
في 2019 أيضاً، فاق عدد الإرهابيين المشتبه بهم الموقوفين من البيض أمثالهم المنحدرين من أصول آسيوية للعام التالي على التوالي.
ومنذ 31 مارس، بلغ عدد السجناء في جُنَحٍ تتصل بالإرهاب 238 شخصاً في المملكة المتحدة، كان 77 في المئة منهم إسلاميين، و18 في المئة يمينيين متطرفين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ذلك الصدد أيضاً، أفادت "يوروبول" بأن المتشددين من اليمين المتطرف، على الرغم من حملات القمع الإلكترونية المشددة، "يتمتعون بحرية أكبر للعمل في المنصات الرئيسة لمواقع التواصل الاجتماعي" بالمقارنة مع المتطرفين الإسلاميين، ويواصلون نشر عقيدتهم.
واستطراداً، حذرت تلك الوكالة من مجموعات يمينية متطرفة لا تناصر العنف علناً، كمجموعة "هوية الجيل" Generation Identity، لكن من المحتمل أن تلهم المهاجمين المنفردين.
وفي ذلك الصدد، شملت هجمات أخرى ليمينيين متطرفين في أوروبا إطلاق نار دموي استهدف يهوداً ومسلمين في ألمانيا، وإطلاق نار على مسجدين في فرنسا، ومحاولة تفجير من قبل أحد النازيين الجدد في ليتوانيا، ومخططاً لزرع متفجرات استهدف مسلمين في بولندا.
وفي شكل عام، أوردت "يوروبول" أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أفادت عن حدوث 119 هجوماً ومخططاً إرهابياً في 2019. وقد صُنِّف 57 هجوماً ومخططاً منها بأنها تتعلق بالإرهاب الإثني القومي والانفصالي. ووقعت كلها باستثناء واحد في أيرلندا الشمالية. وكذلك اعتُبِر 26 من تلك الحوادث، إرهاباً يسارياً وفوضوياً، ووقعت كلها في اليونان وإيطاليا وإسبانيا.
وقد سجلت "يوروبول" 21 هجوماً ومخططاً إرهابياً "جهادياً"، تسببت كلها في مقتل 10 أشخاص، وجرح 26 آخرين. وشهدت فرنسا سبعة منها وهو العدد الأكبر.
ووقع في بريطانيا هجوم واحد شنه إسلاميون، في "فيشمونغرز هول" Fishmongers’ Hall، وأُحبِط هجومان آخران في 2019، إلى جانب مخطط منفصل نفذته مجموعة "تمتلك هدفاً وحيداً".
وعلمت "اندبندنت" أن المخطَّطَين "الإرهابيين" أعدّتهما إحدى مؤيّدات تنظيم "داعش" وقد رغبت في تفجير كاتدرائية القديس بولس، وإسلامي جَرَحَ شرطيَّين خارج قصر باكينغهام مستخدماً سيفاً.
ومنذ مطلع 2020، حصل في بريطانيا هجومان إضافيان يُعتقَد بأن إسلاميين كانوا وراءهما، ووقعا في "ستريثام" وسجن "وايتمور" الخاضع لحراسة مشددة.
ولم تورد الشرطة تفاصيل عن الدافع المحتمل لعملية الطعن في "ريدنغ" التي أودت بحياة ثلاثة أشخاص، وثمة مشتبه فيه قيد التوقيف [اتصالاً بتلك العملية].
وفي مقلب آخر، حذّر تقرير "يوروبول" من أن الإغلاقات بسبب فيروس كورونا وتأثيراتها الاقتصادية والمجتمعية "يحتمل أن تعزّز التطرف لدى بعض الأفراد، بغض النظر عن قناعتهم العقائدية".
وفي ذلك المجال، ذكرت المديرة التنفيذية [لـ"يوروبول"] كاثرين دو بول، إن "الناشطين من اليسار المتطرف، واليمين المتطرف، وأولئك المنخرطين في الإرهاب الإسلامي، يحاولون اغتنام الفرصة التي أتاحتها الجائحة لنشر أهدافهم أكثر".
وقد أضاف التقرير المشار إليه آنفاً أن التهديد الإرهابي الأكبر في أوروبا كلها، يتأتّى من "المهاجمين المنفردين" والخلايا الصغيرة التي لا توجهها منظمات أكبر. كما حذر من اجتذاب مجرمين إلى الحركات الإرهابية لأنهم يرونها "فرصة للتطهير والخلاص المزعومين من خطايا سابقة، مع تبريرها العنف والجريمة بذريعة "الجهاد".
واستطرد التقرير ليوضح أن هجمات إرهابية كثيرة جرت في أوروبا عام 2019، بما فيها الهجوم على "فيشمونغرز هول"، أبرزت التهديد الذي يمثله "السجناء الذين يصبحون متطرفين". وأفادت "يوروبول" بأن كثيراً من الحوادث "أثار سؤالاً حول الوضع العقلي للمرتكبين".
وأضاف التقرير، "في حالات كثيرة، يستحيل التمييز بوضوح بين الجُنَح الإرهابية، والأعمال العنيفة التي يرتكبها أشخاص يعانون اضطراباً عقليّاً. إذ يبدي بعض الأفراد الذين يعانون اضطرابات عقلية مؤشرات على التطرّف تكون نتيجة لمرضهم لا لقناعة إيديولوجية. لكنهم قد يتصرفون بطريقة تحاكي أساليب العمل النموذجية للجماعات الإرهابية، أو التي تروج لها هذه الجماعات".
وفي سياق استنتاجاته، حذّر التقرير من أن الدعاية وخطاب الكراهية والأخبار المزيفة التي يروج لها الإرهابيون إلكترونياً "قد تدفع الناس غير المستقرين عقلياً، أو الذين يتأثرون بسهولة إلى ارتكاب عنف مدفوع عقائدياً".
© The Independent