في تقرير موسع لها عن القطاع العقاري الأميركي، ذكرت مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز"، أن تأثير وباء فيروس كورونا "كوفيد-19" في سوق العقار الأميركية سيكون أقل من تأثير الأزمة المالية العالمية فيما بين عامي 2007-2009. وركز التقرير على وضع قروض الرهن العقاري، وشهادات ومشتقات الاستثمار المرتبطة بها في القطاع المالي الأميركي.
وعن مشتقات القروض العقارية وضماناتها، خلص التقرير إلى أنه "رغم أن معظم القطاعات ستعاني من آثار ائتمان سلبية، فإن التأثير سيكون في الأغلب أقل (ضرراً) بكثير من الضرر الذي نجم عن الركود الذي سببه انهيار قطاع العقار إبان الأزمة المالية".
ويفصل التقرير في أكثر من 20 صفحة تأثير أزمة وباء كورونا في البنوك، والمؤسسات المالية الأكثر انكشافاً على سوق الرهن العقاري في أميركا، وتوقعاته لأداء المشتقات الاستثمارية المرتبطة به. وفي الإجمال لن يكون التدهور في قيمة الأصول للبنوك والمؤسسات سيئاً جداً، وعلى الرغم من أن البعض قد يعاني مشكلات سيولة، فإن جودة الأصول العقارية ستجعل الوضع الائتماني جيداً.
وترجع "موديز" ذلك إلى أن الضغوط الائتمانية على مقدمي القروض العقارية، ومصدري المشتقات الاستثمارية المرتبطة لن تكون كبيرة، وأن تأثير الركود الاقتصادي الحالي في القطاع سيكون معتدلاً إلى حد كبير. والسبب هو التنوع في سوق العقار، والدعم الحكومي الهائل للاقتصاد عموماً، وحظر الحكومة استيلاء المقرضين على العقارات التي يتوقف أصحابها عن السداد.
وإجمالاً ستظل قيمة الأصول في القطاع العقاري أفضل منها في القطاعات المالية الأخرى، ما يجعل محافظ البنوك والمؤسسات المالية من استثمارات الرهن العقاري في وضع جيد نسبياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
انتعاش القطاع
تشهد سوق العقار الأميركية انتعاشاً قوياً منذ الشهر الماضي، مع بدء الحديث بقوة عن إعادة فتح الاقتصاد، وخفض الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الفائدة مراراً لمساعدة الاقتصاد على مواجهة تبعات أزمة كورونا.
وارتفع معدل بناء الوحدات السكنية الجديدة في مايو (أيار) الماضي بنسبة 4.3 في المئة بعد تشجع المقاولين والمطورين على البناء نتيجة عودة المشترين المحتملين للسوق بقوة الشهر الماضي. وحسب أرقام وزارة التجارة الأميركية الصادرة الأربعاء، فإن معدل البيوت الجديدة السنوي ارتفع في مايو إلى 974 ألف وحدة من أقل مستوى له في خمس سنوات في أبريل (نيسان)، حين وصل إلى 934 ألف وحدة. وتلك أول زيادة في هذا المعدل، الذي يعد مؤشراً على تعافي السوق، منذ يناير (كانون الثاني) الفائت.
وكانت توقعات السوق أن يرتقع معدل الوحدات الجديدة السنوي إلى 1.13 مليون، مع انخفاض الفائدة على القروض العقارية، وسرعة عودة المشترين المحتملين إلى السوق مع نقص المعروض من البيوت والشقق السكنية.
وعلى الرغم من أن الأرقام التي أعلنتها وزارة التجارة الأميركية أقل مما كان متوقعاً، فإنها محسوبة على أساس البيوت والشقق التي بدأ البناء فيها في ذلك الشهر. أما أرقام تصاريح البناء فتشير إلى أن معدل البناء السنوي يصل إلى 1.22 مليون وحدة، إذ ارتفع عدد تصاريح البناء لوحدات جديدة 14.4 في المئة. وتلك النسبة تمثل أكبر ارتفاع في تصاريح البناء منذ 11 عاماً.
وبحسب الأرقام الصادرة عن رابطة مصرفيي الرهن العقاري، فإن طلبات الحصول على قرض عقاري ارتفعت في منتصف يونيو (حزيران) الحالي 21 في المئة مقارنة بالعام الماضي. ويعود ذلك إلى إغراء نسبة الفائدة على القروض العقارية مع الانخفاض الكبير في معدلات الفائدة الأساسية التي يحددها "الاحتياطي الفيدرالي". ويصل معدل الفائدة الثابتة على قرض عقاري لمدة 30 سنة إلى 3.3 في المئة حالياً، وهي كلفة مغرية للمشترين.
حركة السوق
هناك ملمح في السوق العقارية الأميركية مماثل لما تشهده سوق العقار البريطانية، إذ يزيد إقبال المشترين المحتملين على البيوت والوحدات السكنية خارج المدن، وأحيائها المكتظة. كما أن تفاصيل بيانات تصاريح البناء الجديدة، وبداية الإنشاء تشير إلى زيادة في بناء الشقق العائلية أكثر من البيوت الخاصة، والوحدات المستقلة.
يبقى أن تقرير "موديز" وآراء أغلب الاقتصاديين تتوقع استمرار الضغط، وإن بقدر معتدل، على القطاع العقاري مع ارتفاع معدلات البطالة، وفقدان ملايين الأميركيين لوظائفهم. ومع أن حزم الدعم الحكومية الحالية والمتوقعة تخفف من تأثير البطالة في إنفاق الأميركيين، فإن الجميع ينتظر معرفة كم ستطول المدة التي يستغرقها الاقتصاد لتوفير وظائف تكفي لاستيعاب الأعداد التي خرجت من سوق العمل.
وتبدو الأسواق المالية متفائلة بمستوى انتعاش السوق العقاري، ويظهر ذلك واضحاً في أداء أسهم شركات البناء والتطوير العقاري، وحتى شركات مبيعات التجزئة للوازم المنزلية المسجلة على مؤشرات الأسهم الرئيسة في "وول ستريت" في نيويورك.