Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي انعكاسات المطالبات بوقف تمويل الشرطة الأميركية؟

أنصار الحركة التي تقف خلف الحملة الساعية إلى حجب الأموال المخصّصة لإنفاذ القانون تريد أن يتم تحويلها إلى برامج تركز على الخدمات المجتمعية

خفض عنف الشرطة الأميركية ام خفض موازناتها جدل جديد قديم على خلفية الاحتجاجات ضد عنصرية الشرطة في بعض الولايات (أ.ف.ب

تزايدت المطالبات في أنحاء الولايات المتّحدة خلال الأسابيع الأخيرة بوجوب "وقف تمويل وحدات الشرطة"، وذلك على أثر مقتل جورج فلويد على أيدي أفرادٍ سابقين في شرطة مدينة مينيابوليس. ويحضّ المتظاهرون المحتجّون المسؤولين الحكوميّين والمحليّين، على منع التمويل عن أقسام الشرطة وتحويله في اتّجاه تعزيز برامج من شأنها أن تفيد المجتمعات المحلّية.

لكن ماذا تعني في الواقع دعوات حملةٍ من هذا النوع؟

أنصار الحركة التي تقف وراء الحملة، يعتبرون أن تحويل التمويل المخصّص لأقسام الشرطة إلى قطاعاتٍ أخرى، يمكن أن يخفّف من فظاظة أفرادها ومن حال عدم المساواة العرقية التي تتكوّن بين عناصرها والمواطنين.

تجدر الإشارة إلى أن حركة إعادة النظر في التمويل ليست وليدة الساعة. فقد طالب مؤيّدوها في الأعوام الأخيرة بضرورة إعطاء الأولوية في التمويل الحكومي إلى برامج الإسكان وتشغيل العمالة وصحّة المجتمع والتعليم، وغيرها من البرامج الحيوية الأخرى. وكان من المعتقد أن تحويل التمويل المخصّص لأجهزة فرض تطبيق القانون - هذه الموازنات كانت في الواقع قد تزايدت في الأعوام الأخيرة في مختلف مدن الولايات المتّحدة - إلى مبادراتٍ من هذا النوع، من شأنه أن يساهم في تحسين المجتمعات وفي التصدّي لوحشية الشرطة.

أما الحجم الذي تتمّ المطالبة به في ما يتعلّق بوقف تمويل أقسام الشرطة، فيرتبط بالجهة التي تتحدّث باسم هذه الحركة. ففيما يرى البعض أن دوائر الشرطة يجب أن تظلّ قائمةً لكن يتعيّن عليها أن تعمل بموازانات أقل، يصرّ البعض الآخر على إلغاءٍ كاملٍ لهذا الشكل من أشكال إنفاذ القانون، على أن يُستبدل في ما بعد بطرق مختلفة.

لكن في المقابل، تلتقي وجهات النظر المركزية لجميع الفئات المختلفة في هذه الحركة، على أهمية إعادة النظر في طرق معالجة مسألة السلامة العامّة في المدن والولايات، في مختلف أنحاء البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معلومٌ أن جميع أعضاء مجلس مدينة مينيابوليس التسعة، كانوا قد أكّدوا في نهاية الأسبوع الفائت، أنهم سيعملون على تفكيك دائرة الشرطة في المدينة. لكن عمدة مينيابوليس جاكوب فراي أبدى اعتراضه على تفكيكٍ كامل للدائرة، علماً أن حقّه في النقض لا يمكّنه من الوقوف في وجه تصويتٍ جماعي من أعضاء المجلس التسعة.

في غضون ذلك، لم يكشف مجلس المدينة عن البديل الذي سيتمّ اعتماده عند الاستغناء عن خدمات قسم الشرطة، لكن أحد أعضائه أوضح أن رقم مكالمات الطوارىء 911 سيُخصّص لمرافق الرعاية الطبّية وخدمات الصحّة الذهنية بدلاً من أجهزة إنفاذ القانون.

ويبدو أن هذه القرارات التي تُتّخذ في مدينة مينيابوليس تذهب إلى الجانب الأكثر تطرّفاً من موضوع الدعوات المطالبة بإلغاء تمويل أقسام الشرطة. في حين أن المطالبات الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتّحدة تقتصر فقط على خفض التمويل بحيث يتمّ تحويله في ما بعد إلى خدمات أخرى.

وفي نظرةٍ على الأرقام التي أنفقتها حكومة الولايات المتّحدة والحكومات المحلية على أجهزة الشرطة، يتبيّن أن 115 مليار دولار كانت قد صُرفت في العام 2017، كما تفيد البيانات التي جمعها معهد الأبحاث Urban Institute .

وفي الوقت الذي ارتفعت موازنات أجهزة تطبيق القانون في غالبية المدن في جميع أنحاء الولايات المتّحدة، تراجعت في المقابل الموازنات المخصّصة للرعاية الصحّية والتعليم والإسكان، وغيرها من البرامج المجتمعية، الأمر الذي دفع بالمواطنين الذين يطالبون بإلغاء تمويل قوى الشرطة، إلى الشعور بالإحباط.

وفي غرب البلاد، تعهّد عمدة مدينة لوس أنجلوس إريك غارسيتي بأن تخفّض إدارته نحو 150 مليون دولار من موازنتها المخصّصة لقوى إنفاذ القانون، وذلك بعد يومين فقط من كلامه في البداية عن وجوب استحداث زيادةٍ بنحو 7 في المئة في الموازنة نفسها.

أما عمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو، فأعلن هو كذلك عن خفض موازنة شرطة نيويورك التي تبلغ الآن نحو 6 مليارات دولار سنوياً، بمبلغ محدّد يتمّ تحويله إلى الخدمات الاجتماعية. لكن دي بلاسيو لم يوضح قيمة المبلغ الذي سيتم اقتطاعه. وكان أحد أعضاء مجلس مدينة نيويورك يسعى في هذا الإطار إلى تخفيضٍ يصل إلى مليار دولار.

منظّمة MPD150 التي تُعنى بالدفاع عن الحقوق المجتمعية في مدينة مينيابوليس، هي إحدى المجموعات الناشطة التي ركّزت على وجوب تفكيك إدارات الشرطة وأقسامها. وتعلّل هذه المجموعة موقفها بأن أول المستجيبين لحاجات الناس ينبغي ألا يكونوا "غرباء يحملون أسلحة نارية"، بل يجب أن يكونوا موظّفين طبيّين ومستشاري الصحّة الذهنية وأعضاء من المجتمع.

وكتبت هذه المنظّمة على موقعها الإلكتروني تقول: "ينبغي أن يكون الذين يتصدّون للأزمات في مجتمعنا من الأفراد الأكثر كفاءة للتعامل مع تلك الأزمات".

بيد أن الدعوات المطالبة بإلغاء التمويل لوحدات الشرطة، سبّبت إرباكاً لبعض المسؤولين السياسيّين والمواطنين، الذين يشعرون بقلقٍ من أن يؤدّي تخفيض (تمويل) أجهزة فرض القانون في جميع أنحاء الولايات المتّحدة إلى تصاعد الجرائم. لكن جماعاتٍ ناشطة اعتبرت أن أنظمة تطبيق القانون والسجون في الولايات المتّحدة، تمارس عنصرية ممنهجة، الأمر الذي يجعل المجتمع أقلّ أماناً.

وكانت دراساتٌ سابقة قد أشارت أيضاً إلى أن الحدّ من أعمال الشرطة يمكن أن يؤدّي إلى انخفاض معدّلات الجريمة في المجتمعات المحلّية. ففي مدينة نيويورك، عمدت أجهزة الشرطة على مدى بضعة أسابيع بين العامين 2014 و 2015، إلى إحداث "تباطؤ" في أداء عملها، لتثبت للسكّان أن استخدام قوّةٍ أقلّ سيؤدّي إلى وقوع مزيدٍ من الجرائم. لكن تلك التجربة أظهرت تراجعاً فعلياً في معدّلات الجريمة وانخفاضاً بنحو 2100 شكوى جنائية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قدّم نفسه على أنه "رئيس القانون والنظام"، اتّهم معارضيه في حزب "الديمقراطيّين" بالتشجيع على خطاب "وقف تمويل أجهزة الشرطة" والدفع به قدماً في الأيام الأخيرة. لكن هذا الاقتراح لم يحظَ بقبول عام من جميع "الديمقراطيّين".

ويوم الإثنين، أكّد نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، المرشّح المفترض لحزب "الديمقراطيّين" لانتخابات الرئاسة المقبلة، أنه لا يوافق على إلغاء تمويل أقسام الشرطة. لكنه أيّد في تصريح له، تخصيص مزيدٍ من التمويل للمدارس وبرامج الشرطة المجتمعية وتنويع أقسام الشرطة وغيرها من الوحدات.

يبقى أخيراً أنه مع تنامي الحركة المعترضة على أداء الشرطة في غمرة تواصل الاحتجاجات في مختلف أنحاء الولايات المتّحدة، يمكن أن يشهد مزيدٌ من المدن الأميركية تخفيضاتٍ في التمويل وتغييراتٍ في دوائر الشرطة لمعالجة المشكلات المرتبطة بأنظمة أجهزة إنفاذ القانون.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير