Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى تتحرر النساء الصحراويات من عادة "التسمين القسري"؟

66 في المئة من المغربيات يعانين من هذه الآفة

ترمز بدانة النساء في المجتمع الصحراوي إلى الجمال والمكانة الاجتماعية (مواقع التواصل الاجتماعي)

"أنت سمينة إذاً أنت جميلة"، على خلاف الاعتقاد السائد، فسمنة النساء في المجتمع الصحراوي، ترمز إلى الجاذبية والرقي والمكانة الاجتماعية، لكن أخيراً بدأ الجيل الجديد يتمرد على عادة "التسمين القسري" بسبب تداعياتها الصحية.

"يُصبحن أكثر جمالاً وقبولاً في وسطهنّ"

وفي الثقافة الشعبية في المجتمع الصحراوي، تحظى المرأة السمينة بقيمة كبيرة، ويقول المثل الشعبي "لمر كلمتها گد گعدتها"، وتعني أن كلمتها تكون مسموعة بقدر وزنها، بينما إذا كانت نحيفة ففرصها بالزواج تقلّ، وتُسيء إلى عائلتها، لأن النحافة ترمز إلى المرض والفقر والعوز.

وتُشرف على عادة "التسمين القسري" سيدة تدعى "البلاحة"، وفي هذا الصدد، تقول منينة بنت حيمود تعيش في مدينة العيون "التبلاح جزء من ثقافتنا، لأنه يُكسب بناتنا أوزاناً إضافية ويُصبحن أكثر جمالاً وقبولاً في وسطهنّ"، ويعني "التبلاح" الإطعام القسري للفتاة إلى غاية أن تصبح سمينة، وتستهلك كميات كبيرة من الألبان الطرية غير الممزوجة بالماء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

طقوس التسمين القسري

بالإضافة إلى عادة "الحكانة"، وتعني ضخّ مياه البحر المبخرة داخل معدة الفتاة باستعمال أنبوب، والهدف من هذه العملية تصفية المعدة استعداد لأكل كميات كبيرة من الأكل، وتُدعى المرحلة الأخيرة "لبطط"ّ، وهي العملية الأخيرة، حيث تظهر علامات على جسد الفتاة تؤكد نجاح عملية التسمين، مثل ظهور تشقّقات صغيرة على ساقَي الفتاة.

وللحفاظ على السمنة تستخدم النساء خليط "العجنة"، وهي عبارة عن وصفة يتمّ فيها خلط مجموعة من المواد الغذائية، من بينها التمور واللوز والجوز والأعشاب، تخلطها النساء جيداً، بهدف تناولها مع حساء يحتوي على نسبة كبيرة من الكاكاو.

تمرّد الجيل الجديد

تُضيف منينة بنت حيمود البالغة من العمر 67 سنة، "معظم الفتيات كُنّ يدركن أهمية التبلاح، ويحترمن هذه الطقوس، لكن الجيل الجديد بدأ يتمرّد ويعتبر أن السمنة ليست من معايير الجمال."

وترى مغلاها الحبيب شابة تبلغ 27 سنة من مدينة السمارة "أنّ بعض الفتيات أصبحن واعيات بخطورة التسمين القسريّ على صحتهنّ، لكن هناك فئة كبيرة من الرجال، وعلى الرغم من أنهم متعلمون ومثقفون لكنهم يفضلون الارتباط بالمرأة السمينة وينظرون إلى النحيفة نظرة دونية."

تُضيف مغلاها "لقد رفضت الخضوع للتسمين القسريّ، لأنه غير صحيّ، ولا يمكنني أن آكل كميات كبيرة من الطعام بهدف إرضاء الرجل وأن أصبح في نظر المجتمع امرأة جميلة."

"للتسمين القسريّ تداعيات على الصحة"

وفي السنوات الأخيرة، ظهرت طرق جديدة للتسمين، عبارة عن أدوية كيماوية، وتوضح مغلاها "للتسمين القسريّ تداعيات على الصحة، والدتي تعاني من هشاشة العظام بسبب السمنة"، وتتابع "اليوم الشابات الصحراويات درسن في الجامعات وانفتحن على العالم، وأصبحن يُمارسن الرياضة، وبعضهنّ يحافظن على رشاقتهنّ، ويرفضن أن يتعرضن للعنف الرمزي الذي يرافق عملية التسمين القسريّ."

"التسمين جزء من تقاليدنا"

في المقابل، ترى شتيوية بنت صالح البالغة من العمر 56 سنة "إنّه لا يُمكن أن تتخلّى النساء في المجتمع الصحراويّ عن عادة التسمين، لأنه جزء من تقاليدنا"، وتُضيف "لا يُمكن أن أترك بناتي يُصبحن نحيفات، لأن النحافة ترمز إلى الفقر والعوَز، وهنّ أيضاً يدركن أهمية التسمين في جعلهنّ جميلات ويتزوجن بسرعة."

وتعتبر أن النساء اللواتي يرفضن السمنة قليلات في المجتمع الصحراوي، موضحة أن "هناك نساء من مدن مختلفة في المغرب يرغبن في زيادة الوزن ويُقبلن على الطرق الصحراوية التقليدية في التسمين."

"صحتنا أهم من كل شيء"

وعن مرضها بسبب السمنة، تتحدث مباركة التي تعيش في مدينة العيون، قائلة "لم أكن واعية بالمخاطر الصحية الناجمة عن السمنة، لكن أنا حالياً أعاني من مرض القلب بسبب شغفي بالحصول على وزن إضافي."

وكانت مباركة البالغة من العمر 47 سنة، حريصة على زيادة وزنها والالتزام بطقوس التسمين، لكن بسبب مرضها تغيرت نظرتها إلى هذه العادات، وتقول "أعتقد بأن النساء بحاجة إلى توعية لأن صحتنا أهم من كل شيء."

66 في المئة من النساء المغربيات يعانين من السمنة

وكشف تقرير للبنك الدولي أنّ نساء المغرب هنّ الأكثر تأثراً بالسمنة، موضحاً أنّ 66 في المئة من النساء المغربيات يعانين من السمنة المفرطة أو زيادة الوزن، ومن المرتقب أن يصل إجمالي تكلفة السمنة في البلدان النامية، خلال السنوات الـ 15 المقبلة إلى أكثر من سبعة تريليونات دولار. وذكر التقرير أنّه من المتوقع أن تزداد الأمراض المزمنة وغير المعدية بحلول عام 2030 "على الرغم من تغيّر أنماط الحياة، وزيادة عدد المسنّين بين السكان، والزحف العمراني المتنامي".

ووضع البنك الدولي سلسلة من الإجراءات لأجل مواجهة السمنة وسوء التغذية مثل الالتزام "بتحديد بطاقات بيانات المنتج على الأغذية المصنعة، وزيادة توعية المستهلك، وإعداد سياسات مالية قوية، مثل فرض الضرائب على الأطعمة غير الصحية، والاستثمار في برامج التغذية في مرحلة الطفولة المبكرة، وتحسين تصميمات المدن، مثل الملاعب في المدارس ومسارات المشي والدراجات"، بحسب ما ورد في التقرير.

وأوضح البنك الدولي أيضاً أنه منذ عام 1975 تضاعفت حالات السمنة ثلاث مرات تقريباً، وتتسبب بوفاة 4 ملايين شخص كل عام في جميع أنحاء العالم.

المزيد من تحقيقات ومطولات