ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الثلاثاء 9 يونيو (حزيران) الحالي، قانوناً كان أضفى الشرعية بأثر رجعي على نحو أربعة آلاف منزل بناها مستوطنون على أراض يملكها فلسطينيون في الضفة الغربية.
وصوتت هيئة مؤلفة من تسعة قضاة على إلغاء القانون الذي صدر في عام 2017 والذي أتاح للمستوطنين البقاء في الأراضي إذا بنوا عليها منازل من دون علم مسبق بملكية فلسطينيين لها أو إذا بُنيت المنازل بتوجيه من الدولة. وصدر الحكم بتأييد ثمانية قضاة ومعارضة قاضٍ واحد.
وتقول جماعات حقوقية إن الإجراء، الذي تم تجميده بعد إقراره بفترة قصيرة بينما كانت المحكمة تستمع إلى العرائض ضده، أضفى الشرعية على أكثر من 50 موقعاً استيطانياً بُني من دون موافقة الحكومة.
وكتبت القاضية إستر هيوت في حكم الهيئة أن القانون "ينتهك حقوق الملكية للسكان الفلسطينيين بشكل غير متكافئ بينما يعطي أفضلية لمصالح الملكية للمستوطنين الإسرائيليين".
آراء حزبية
في المقابل، اعتبر حزب "ليكود" اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه من "المؤسف" أن المحكمة تدخلت في "قانون مهم للنشاط الاستيطاني ومستقبله" وإنها ستعمل على إعادة سنّه.
لكن شريك "ليكود" الجديد في الائتلاف، حزب "أزرق أبيض"، رأى أن القانون "في شكله يتعارض مع الوضع الدستوري في إسرائيل، وكانت مشكلاته القانونية معروفة وقت الموافقة عليه". وقال "نحترم قرار المحكمة العليا وسنضمن تنفيذه".
وتعهدت الحكومة الإسرائيلية في عهد نتنياهو، بتوسيع السيادة على المستوطنات اليهودية وغور الأردن في الضفة الغربية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 والتي يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة عليها.
ومن المقرر أن تبدأ الحكومة مناقشة الضم الفعلي في أول يوليو (تموز)، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل، ستعطي الضوء الأخضر لهذا التحرك.
اقتراح مضاد
ورفض الفلسطينيون خطة السلام التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي بموجبها سيتم دمج معظم المستوطنات الإسرائيلية في "الأراضي الإسرائيلية المجاورة".
وأعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية الثلاثاء عن تقديم الفلسطينيين "اقتراحاً مضاداً" للخطة الأميركية للسلام، داعياً إلى الضغط على إسرائيل لثنيها عن الضم.
وقال أشتية "قدمنا اقتراحاً مضاداً للجنة الرباعية قبل بضعة أيام". وبحسب رئيس الوزراء الفلسطيني فإن الاقتراح المكون من أربع صفحات ونصف صفحة ينص على إنشاء "دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومنزوعة السلاح".
وتضم اللجنة الرباعية كلاً من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة.
وقال أشتية في لقاء مع وسائل الإعلام الأجنبية في مدينة رام الله، إن المقترح الفلسطيني يشمل أيضاً إجراء "تعديلات طفيفة على الحدود عند الضرورة".
وأشار إلى مبادلات محتملة للأراضي بين الدولتين، لكنه شدد على أن التبادل سيكون "متساوياً" من حيث "حجم وقيمة" الأراضي.
تعتبر منطقة غور الأردن الاستراتيجية، "السلة الغذائية" للفلسطينيين إذ تشكل مساحتها ثلث مساحة الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967.
وبحسب الخطة الأميركية، يمكن إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على مساحة صغيرة من دون القدس الشرقية التي يعتبرها الفلسطينيون عاصمتهم.
وقطع الفلسطينيون علاقاتهم بالإدارة الأميركية منذ اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) 2017.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رسالة من عباس
من جهته، أكد أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات لوكالة الصحافة الفرنسية أنه سلّم كلاً من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وبحسب عريقات، تتضمن الرسالة المطالبة "بتشكيل ائتلاف دولي ضد الضم، وعقد اجتماع لكل الدول الرافضة للمخطط الإسرائيلي".
وأضاف أن الرسالة طالبت أيضاً "بضرورة التمسك بالقانون الدولي وحل الدولتين على أساس حدود العام 1967".
ويعارض الاتحاد الأوروبي عملية الضم وطلب من الحكومة الإسرائيلية التي من المزمع أن تقدم استراتيجيتها حول تنفيذها مطلع يوليو، التخلي عن هذه الخطوة.
وتقول مصادر دبلوماسية إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تدرس خيارات مثل العقوبات الاقتصادية أو الاعتراف بدولة فلسطينية لثني إسرائيل عن المضي قدماً في الخطة، وماهية الإجراءات التي يجب اتخاذها في حال لم تتراجع عن الضم.
وقال أشتية "الاعتراف بدولة فلسطينية، هو إجراء وقائي ضد مخطط الضم والعقوبات هي خطوة إضافية". وأضاف "نريد أن تشعر إسرائيل بضغوط دولية... للمرة الأولى يناقش السياسيون الأوروبيون العقوبات ضد إسرائيل لأننا طلبناها. "
وتابع "الغضب موجود، عدم الرضى موجود، والإحباط موجود، كل هذه تمهد لمشكلات مقبلة".
وعن زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لإسرائيل الأربعاء، قال أشتية إن إسرائيل منعت الوزير الألماني من زيارة رام الله، وهو ما نفته إسرائيل.
وسيعقد ماس خلال وجوده في العاصمة الأردنية عمان التي سيزورها بعد اختتام زيارته لإسرائيل، اجتماعاً عبر الفيديو مع أشتية.
ويعيش في الضفة الغربية نحو 450 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات أقيمت على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم نحو 2.7 مليون نسمة.
وأظهر استطلاع إسرائيلي للرأي الأسبوع الماضي، أن معظم الإسرائيليين يخشون اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة بسبب الضم.
وقام الفلسطينيون بانتفاضتين، الأولى بين عامي 1987 و1993 وسُميت انتفاضة الحجارة، فيما اندلعت الانتفاضة الثانية المعروفة بانتفاضة الأقصى في أواخر سبتمبر (أيلول) 2000 واستمرت حتى عام 2005، وتخللتها مواجهات عسكرية وقمعتها إسرائيل بشدة وبنت خلالها السياج الفاصل بين أراضيها وأراضي الضفة.