Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حملة تبرّع للمنتخب الوطني الموريتانيّ لكرة القدم تثير الجدل

 صدرت الدعوة إلى التبرّع للمنتخب الموريتاني لكرة القدم بعد فوزه في تصفيات كأس أمم أفريقيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وتأهّله رسمياً للبطولة الأبرز أفريقياً

الحفل الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة الموريتانية وحضره الرئيس الموريتاني لحملة التبرّع في مقر اتحادية كرة القدم الموريتانية (اندبندنت عربية)

تواصل الجدل في موريتانيا منذ إعلان وزارة الشباب والرياضة فتح باب التبرع دعماً للفريق الوطني لكرة القدم، الذي يُطلق عليه اسم "المرابطون"، وتباينت آراء الموريتانيين حول مبدأ التبرع لفريق يتبع لوزارة الشباب والرياضة التي ترصد ميزانية لدعم الرياضة والرياضيين.

 

التأهّل المعجزة

 

وجاءت الدعوة إلى فتح تبرع للمنتخب الموريتاني، بعد صعوده في تصفيات كأس أمم أفريقيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتأهله رسمياً للبطولة الأبرز أفريقياً، التي تستضيفها مصر في يونيو (حزيران) المقبل.

وحقق فريق "المرابطون" كما يُطلق عليه في موريتانيا، ما اعتبره البعض، معجزة كروية وفتحاً رياضياً، لم يسبق لموريتانيا نيلهما من قبل، فللمرة الأولى سيشاهد الموريتانيون ألوان منتخبهم في تظاهرة كروية كبيرة. واستعداداً لهذا الحدث الكبير، دعت وزارة الرياضة الموريتانية بالتعاون مع الاتحاد الموريتاني لكرة القدم إلى دعم "أبطال موريتانيا" الذين سيمثلونهما في "عرس القاهرة الكروي".

 

التبرّع الثاني

 

لم تكن تلك المرة الأولى التي يتبرع فيها الموريتانيون لمنتخب بلادهم، ففي العام 2013 أطلقت وزارة الشباب والرياضة الموريتانية واتحاد كرة القدم حملةً خاصة لجمع نحو ملياري أوقية (خمسة ملايين دولار تقريباً) للمنتخب الموريتاني لكرة القدم الذي تأهل آنذاك لنهائيات كأس أمم أفريقيا للمحليين على حساب السنغال، محدثاً أول إنجاز رياضي في تاريخ الكرة الموريتانية، قبل أن يضيف إليه تأهله الأخير إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية.

وتساءل الصحافي والمدوّن الموريتاني الداه يعقوب عن "الأموال التي كانت جُمعت في حملة التبرع الأولى". وأضاف "حصل التبرع لمنتخب بمبالغ كبيرة منذ سنوات، أين ذهبت هذه الأموال؟ وما فائدة حفل يُجلب فيه كبار نجوم الكرة العالمية ويُدفع لهم؟". وسأل يعقوب "لماذا لا توجَه تلك المبالغ إلى الأندية واللاعبين؟"

 


التسوّل مع تأهّل كل منتخب

 

أما عودة ما أسميه التسوّل كلما تأهّل المنتخب لبطولة، فهو أمر غير وارد ولم يحظ بإجماع من المواطنين، "وسط الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار والبطالة وتردّي الخدمات الطبية والتعليمية".

ويختلف الصحافي الرياضي في تلفزيون الساحل الخاص في موريتانيا عماد أحمد بابا مع هذا الرأي، إذ يعتبر "حملة التبرع للمنتخب فرصة لإشراك رجال الأعمال والمؤسسات التجارية في دعم الرياضة، بظل عدم وجود استثمار مسبق من طرفهم". ويرى أن "فتح التبرّع هو أسرع طريقة للحصول على أموال من رجال الأعمال".

 

نفاق سياسي

 

وشكّل حفلُ التبرّع للمنتخب الذي حضره الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في مقر الاتحادية الموريتانية لكرة القدم، فرصة لكبار المسؤولين في الحكومة الموريتانية لإثبات ولائهم، فتبرعاتهم تُقرأ أمام الرئيس وتُذاع في التلفزيون الرسمي.

وشكر الصحافي الرياضي حمود أعمر، الرئيس الموريتاني على ما اعتبره "جلداً" لرجال الأعمال والمؤسسات الحكومية والتجارية.

 

الرياضة لا تقلّ أهميةً عن الصحة

 

وتابع الصحافي حمود مخاطباً رجال الأعمال الموريتانيين الذين كانوا من أبرز المساهمين في التبرّع "ماذا كنتم تنتظرون طيلة هذه المدة حتى تتسابقوا بهذا السخاء وبفرقعة أكثر صراحةً من الحكومة".

ويرى المدوّن الموريتاني المصطفى النهاه "الرياضة لا تقلّ أهمية عن الصحة والتعليم، لكن عندما لا تكون هناك صحة ولا تعليم ولا حتى رياضة، تكون الأولوية لدعم الصحة والتعليم على حساب الرياضة".

 

أكبر المتبرّعين

 

تابع الموريتانيون حملة التبرع على شاشاتهم في البيوت لمعرفة المتبرع الأول للمنتخب، وتساءل الكثير من المدونين عن حجم تبرعات أعضاء الحكومة وكبريات الشركات.

ووفق الوكالة الموريتانية للأنباء، تبرّع رئيس الحكومة الموريتاني محمد سالم ولد البشير بمبلغ 400 ألف أوقية جديدة (حوالي 10000 دولار أميركي)، وقدم ممثل الجمعية الوطنية 500 ألف أوقية جديدة (حوالي 12500 دولار أميركي) كما تبرع أعضاء الحكومة كلٌ على حدة بمبلغ مئة ألف أوقية جديدة (حوالي 2500 دولار أميركي).

وتبرعت القيادة العامة لأركان الجيوش بثلاثة ملايين أوقية جديدة (حوالي 75000 دولار أميركي)، كما قدمت قيادة أركان الدرك الوطني مليوناً وخمسمئة ألف أوقية جديدة (حوالي 40000 دولار أميركي)، وتبرع بالمبلغ نفسه كلٌ من قيادة الحرس الوطني والإدارة العامة للأمن الوطني.

كما تبرّع رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، بمبلغ ثلاثة ملايين أوقية جديدة (حوالي 75000 دولار أميركي)، وقدمت الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) وهي أكبر مشغل في موريتانيا بعد الدولة، مبلغ خمسة ملايين أوقية جديدة (حوالي 125000 دولار أميركي)، في حين قدم الأمناء العامون للوزارات كلٌ على حدة مبلغ 40 ألف أوقية جديدة (حوالي 1000 دولار أميركي).

ولم يُحدّد المبلغ الذي تبرّع به الرئيس الموريتاني في هذه التظاهرة التي شهدت متابعة كبيرة.

 

دعوات للرقابة

 

ودعا مدونون وقادة الرأي في موريتانيا إلى رقابة آلية صرف هذه الأموال. وقال المدوّن المصطفى النهاه "يجب أن يكون حساب مصرفي يتيح للجميع الاطلاع على المبالغ المودعة والمسحوبة، وما صرفت أو كيف ستُصرف، وأن تكون هناك لجنة مستقلة لمراقبة صرف هذه الأموال".

وبدا الصحافي الرياضي عماد أحمد أبا مطمئناً لآلية صرف هذه الأموال، وقال "لن تُصرف إلا في ما جُمعت من أجله، وأنا على يقين من أنها لن تكفي حاجات المنتخب". وأضاف "وفق علمي، فإن مفتشيّة الدولة مسؤولة عن مراقبة ميزانية الاتحادية وما تحصل عليه من أموال، وذلك من خلال متابعة كيفية صرف المبالغ والتدقيق في الفواتير".

وحقّقت التبرعات للمنتخب الوطني هدفها، قبيل ساعات من انتهاء الوقت المخصّص لها.

المزيد من العالم العربي