طالب مجلس الشورى السعودي من الديوان العام للمحاسبة سرعة المطالبة باسترجاع المبالغ المستحقة للدولة والتي لم تُحصّل، وفق آلية محكمة وجدول زمني محدّد، في خطوة ثانية بعد اتخاذ إجراءات تقشفية عدة لتوفير 26.62 مليار دولار، في إطار مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، وذلك بإيقاف بدل غلاء المعيشة بدءاً من يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5 في المئة إلى 15 في المئة بدءاً من الأول من يوليو (تموز) 2020.
تحصيل الديون
ووصلت المبالغ المستحقة للدولة السعودية إلى 17.57 مليار دولار، حسب التقرير السنوي للديوان للعام المالي الماضي، وجاءت نتيجة تراخٍ في تطبيق الأنظمة والتعليمات الصادرة بشأنها، أو في تفعيل إجراءات تحصيلها وهي قيد المتابعة وفق الأنظمة والتعليمات، وسجّلت المبالغ المستحقة زيادة عن العام المالي السابق قدرها 8 مليارات دولار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية بمجلس الشورى أن هذا المبلغ كبير ويستدعي جهداً أكبر من الديوان، والذي يواصل أعماله وجهوده وخططه المعتمدة للحفاظ على المال العام وترشيد استخدامه وتعظيم مردوده على الاقتصاد الوطني وحماية المكتسبات الوطنية والممتلكات العامة.
وكشفت اللجنة لمجلس الشورى في تقاريرها السنوية عن تأخر وتراخٍ في تطبيق الأنظمة المجَّرمة للفساد من قبل الأجهزة الحكومية، وغياب تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة، الأمر الذي أدى إلى زيادة ممارسات الفساد والمخالفات، إضافة إلى عدم تجاوب الوزراء ورؤساء بعض الجهات المستقلة لطلب الهيئة التحقيق وتطبيق العقوبات المقررة لما يثبت من المخالفات، مما يدخل في صلاحية الوزير وهو تطبيق العقوبات التي لا تصل إلى الفصل.
لجنة عليا
ويطالب المجلس بتكوين لجنة عليا لدراسة تقارير الديوان، على ألا يكون أي من أعضائها رئيساً لجهاز تنفيذي يخضع لرقابة الديوان، وأن ترفع مرئياتها وتوصياتها إلى المقام السامي خلال مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ رفع التقارير لها.
وقد أوضحت اللجنة أن التقرير السنوي للديوان للعام المالي الماضي، أظهر أن من الصعوبات والتحديات التي يعاني منها أن كثيراً من توصياته على تقاريره الرقابية السنوية المرفوعة للمقام السامي حول نتائج مراجعة حسابات أجهزة الدولة ورقابة الأداء، تعامل عند الدراسة ومناقشة هيئة الخبراء معاملة التقارير السنوية للأجهزة التنفيذية، حيث يجد الديوان نفسه في مواجهة ممثلي بعض الأجهزة التنفيذية محل الملاحظة، والذين لا ينتظر منهم غالباً تأييد ملاحظات الديوان أو الموافقة على توصياته، ويترتب على ذلك انتهاء الأمر بالأخذ برأي الأغلبية، أو أخذ العلم بما تضمنه تقرير الديوان، وبذلك لا تجد التوصيات طريقاً لتنفيذها، في حين أن الأسلوب المتبع في الدول المتقدمة والناهضة هو إحالة التقارير الرقابية إلى البرلمان أو مجلس الشورى، لدراستها من المختصين المؤهلين، وهي بذلك تتولى مساءلة الجهات المخالفة للأنظمة وإلزامها معالجة المخالفات.
دور رقابي
وأكد مجلس الشورى أهمية الدور الرقابي للديوان العام للمحاسبة في المتابعة المنتظمة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، ومراجعة التقارير الخاصة بأهداف التنمية المستدامة والصادرة من الجهات الرسمية المسؤولة عن إعداد تلك التقارير بحيادية واستقلالية، تماشياً مع اهتمام المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبية وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تؤكد فيها على أهمية المتابعة والمراجعة المنتظمة، لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة والدور الأساسي للأجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبية في تحقيق ذلك.
وفي توصية جديدة لحقوق الإنسان والهيئات الرقابية الشوريَّة، طالبت اللجنة ديوان المحاسبة برفع كفاءة الرقابة اللاحقة على الأداء المالي للأجهزة الحكومية تحقيقاً لمبادرات وأهداف رؤية 2030.
ضريبة جديدة
وفي سياق متصل، طالب عضو مجلس الشورى، سامي زيدان، بفرض ضريبة جديدة وإضافية على المجوهرات النفيسة أو السيارات الفاخرة والملابس الفخمة والأطعمة الفاخرة، متى استحسن ذلك ولي الأمر.
وقال زيدان لـ"اندبندنت عربية" إن "من الضرائب التي يمكن فرضها ضريبة على لبس (الفرو أو الحرير)، وضرائب أخرى على الأطعمة مثل (الكافيار والباتيه "المعجنات باللحم")، إلا أنه كان ضد فرض ضريبة على مساحيق التجميل للسيدات رافضاً اعتبارها من الرفاهيات أو "الكماليات". وقال "لو فُرض عليها قد يحتج الكثيرون بسبب أن المسلمات كنّ يستخدمن الكحل والمسك أيام الرسول بلا حرج أو منع".
كما أكد على عدم فرض ضريبة على عمليات التجميل، لأنها "قد تكون من الضرورة لتعديل تشوّه وإن كان بسيطاً، أو حتى للتجميل لإعطاء النساء الثقة بالنفس".
تقليص الدعم
ولم يكتفِ زيدان بالمطالبة برفع الدعم عن الماء والكهرباء في مطالبات سابقة له في جلسات المجلس، بل طالب بتلقيص الدعم على المواد الغذائية، مثل الدقيق، ليصبح سعره المحلي مثل نظيره العالمي لترشيد الإسراف.
وقدَّم زيدان مقترحاً بفرض مبالغ مالية في مقابل إزالة النفايات من أمام بيوت سكان المدن، تنهض بتشغيل شركات النظافة التي تكلف موازنة الدولة نحو 8 مليارات دولار شهرياً، وقدّر المبلغ المفترض أن يتحصل من المواطن ما بين 53.24 دولار و133 دولاراً أميركياً، أو ما يتم تقديره من الدولة.
وكان أكثر مطالبته إثارة للجدل، قوله "إن المواطن السعودي سیشغل يوماً ما جمیع الوظائف التي يشغلها الأجانب، والتي كان المواطنون يعزفون عن العمل بها، مثل مهن: حلاق، وعامل نظافة، ونجار، ومیكانیكي، وعامل طلاء البويات، وغیرها".
وانتقد زيدان هيئة تولید الوظائف، التي ألغیت أخيراً لذكرها أن بعض الوظائف لا تناسب المواطنین، مبیناً أن نظرة المجتمع تتغیر، إذ نجد مواطناً يعمل "قهوجياً" في مكاتب العمل، بینما يعتبر عيباً أن يعمل "جرسونا"ً بأحد المطاعم.