أشار تقرير حديث إلى تراجع صادرات النفط الإيرانية إلى مستوى قياسي منخفض. حيث فاقم فيروس كورونا الأزمة إثر العقوبات الأميركية التي تحد بالفعل من الشحنات، مما يؤكد تآكل النفوذ النفطي للدولة التي كانت ثاني أكبر منتج في أوبك. وبلغت الصادرات في المتوسط 70 ألف برميل يومياً في أبريل (نيسان) الماضي، انخفاضاً من مستوى 287 ألفاً في مارس (آذار) الماضي، بحسب شركة "كبلر" التي ترصد التدفقات.
وقال دانييل جربر، الرئيس التنفيذي لشركة "بترو-لوجيستكس"، التي ترصد تدفقات النفط، "شهدنا تراجعاً في الصادرات الإيرانية، الأمر الذي جاء مدفوعاً بانخفاض المشتريات الصينية. لا نتوقع بعد أي تحسن في صادرات الخام الإيرانية في مايو (أيار) الحالي".
وأدى تراجع الطلب على النفط بسبب إجراءات العزل العام التي فرضتها الحكومة لاحتواء فيروس كورونا وهبوط الأسعار في زيادة الخيارات المتاحة أمام المشترين، مما زاد صعوبة العثور على عملاء مستعدين لشراء الخام الإيراني في ظل إعادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض عقوبات عليه قبل عامين.
ووفقاً لوكالة "رويترز"، قالت سارة فاخشوري من شركة "إس.في.بي إنرجي إنترناشونال"، لاستشارات الطاقة، إن "العثور على عملاء ليس بالأمر السهل. حالياً هناك تخمة ضخمة في المعروض، وهناك الكثير من النفط منخفض السعر متاح في السوق". مشيرة إلى أن إيران وفنزويلا، وهي أيضاً عضو في أوبك وتخضع هي الأخرى لعقوبات، اضطرتا للتنافس مع خصم تقدمه دول منتجة أخرى مثل السعودية إضافة لدفع عمولة لمن يشترون ويبيعون الخام منهما. وأشارت، "إذا أضفت الخصومات للعمولات والنفقات التشغيلية لن تكون هناك أي أرباح".
طلب صيني ضعيف على نفط إيران
ووصلت المشتريات الرسمية الصينية للنفط الإيراني لمستوى قياسي منخفض وفقاً لأحدث أرقام تظهرها تسليمات مارس الماضي. وتظهر بيانات شركة "رفينيتيف أيكون"، أن سوريا لا تزال من عملاء النفط الإيراني بينما تبحر شحنات أخرى دون تحديد وجهة الوصول.
وذكرت شركة "بترو-لوجيستكس"، أن المشتريات الفورية لشركات التكرير الصينية تلقت ضربة أيضاً في الربع الأول مع حد جائحة كورونا من معدلات تكرير الخام. وأضافت، "عندما زادت شركات التكرير الصينية من معدل استهلاك الخام، ظل الطلب على الخام الإيراني ضعيفاً، إذ إن كميات كبيرة من البراميل التي للبيع الفوري، الذي يتعرض لضغوط، من مُصدرين آخرين، بخاصة روسيا، كانت متاحة في السوق بسبب انخفاض الطلب في أوروبا".
وزادت الضبابية التي تكتنف المستوى الدقيق لصادرات الخام الإيرانية منذ عودة العقوبات الأميركية. وأكدت مصادر في القطاع أن بعض الصادرات لا يمكن رصدها.
وقالت شركة ثالثة ترصد الصادرات، طلبت عدم نشر اسمها، إن الشحنات الإيرانية في أبريل الماضي، قد تصل إلى 350 ألف برميل يومياً، بينما وصلت منذ بداية مايو الحالي إلى نحو 200 ألف برميل يومياً.
وعلى نحو غير رسمي، تقول مصادر إن إحدى شركات التكرير الصينية المستقلة تعد من المشترين المنتظمين للشحنات التي ربما يجري مزجها ثم إعادة شحنها عبر ماليزيا.
إيران تلجأ لبيع حصص في شركات حكومية
في الوقت نفسه، تستغل إيران طفرة في سوق الأسهم لتعزيز الإيرادات وتمويل العجز المالي المتفاقم، عن طريق بيع حصص في شركات مملوكة للدولة، لكنها قد تدفع ثمناً سياسياً إذا احترقت أصابع مشتري تلك الأسهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حين تعصف أزمة فيروس كورونا بالبلاد وتهاوت أسعار النفط باقتصادها الضعيف بالفعل، فإن سوق الأسهم هناك ارتفعت لمثليها بالعملة المحلية منذ مارس، مما يشجع العديد من الإيرانيين على البحث عن عوائد أعلى من تلك التي تدرها الأموال السائلة.
وقال موظف بأحد البنوك، إن "الناس يسحبون مدخراتهم من البنوك لشراء الأسهم. أسعار الفائدة اليومية نزلت من 15 في المئة إلى ثمانية في المئة في الأسابيع الأخيرة".
ويشهد الاقتصاد الإيراني تدهوراً، ترجع معظم أسبابه إلى إعادة فرض العقوبات الأميركية بسبب برنامج طهران النووي، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة منذ أواخر 2017. وخرج آلاف الإيرانيين، معظمهم من الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة، إلى الشوارع في نوفمبر (تشرين الثاني) للاحتجاج على زيادة في سعر الوقود أثارت أكبر أزمة تشهدها إيران منذ 1979.
وفي مواجهة ذلك، أعلنت السلطات، خلال الشهر الماضي أنها تعتزم السماح لنحو 49 مليون إيراني بتداول ما يطلق عليها "أسهم العدالة"، وهو برنامج دُشن في 2006 لتوزيع أسهم في شركات مملوكة للدولة بأسعار زهيدة على ذوي الدخل المنخفض.
مخاوف من عودة الاحتجاجات
وقال مسؤول حكومي رفيع، طلب عدم نشر اسمه، إن "المؤسسة الرسمية على وعي تام بجميع المصاعب الاقتصادية. وأحد بواعث القلق لدينا هو تجدد المظاهرات مثل العام الماضي. الهدف هو أن يرى الناس أن إيران مهتمة بهم".
ومنحت أسهم العدالة، التي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 19 مليار دولار بسعر السوق، حامليها توزيعات نقدية متقطعة على مدار السنين، لكن لم يكن يُسمح ببيعها. والسماح لحملة الأسهم بالبيع يمنحهم دخلاً رأسمالياً غير متكرر، ويزيد السيولة في الأسهم والسوق عموماً. لكن بعض المسؤولين يخشون من أن تأخذ الحماسة المستثمرين.
وقال مسؤول كبير في البنك المركزي الإيراني، "قد تستطيع الحكومة جمع السيولة، لكن الناس سيزدادون فقراً عندما تنفجر الفقاعة عاجلاً أم آجلاً". لكن متحدثاً باسم بورصة طهران نفى أن تكون هناك فقاعة في سوق الأسهم. بينما أحجمت وزارة الاقتصاد الإيرانية عن التعليق.