في بيت متواضع بأحد الأحياء الشعبية في العاصمة الموريتانية نواكشوط، تواصل آمنة بنت أمود عملها في صناعة الأثاث المنزلي المطرّز على الطريقة التقليدية لبلادها، وذلك بعد أن فرضت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمنع انتشار كورونا على الجميع التزام المنازل وترك أماكن العمل.
نضال لتحصيل لقمة العيش
تقول آمنة (45 سنة)، إنها كانت تعمل في إحدى أسواق الصناعة التقليدية بالعاصمة نواكشوط قبل أزمة كورونا، غير أن الواقع الجديد فرض عليها البقاء في المنزل، لكنها لم تستسلم وواصلت عملها من داخل البيت من أجل الحصول على لقمة عيشها في وقت يلتزم الجميع بالبقاء في المنازل في موازاة توقف الأشغال، ما يصعّب الحصول على أي مردود مادي من الأعمال اليدوية المختلفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضيف أنها تواصل تصنيع المخدات الجلدية (وسائد من الجلود)، وتطرّز بعض الأواني المستعملة في صناعة الشاي الموريتاني، كما تعمل على صناعة الحصائر، ولها زبائن ثابتون، وهي على اتصال دائم بهم لمعرفة حاجاتهم من صناعتها والعمل على إيصالها لهم بطريقة لا تتناقض والإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحة الوباء في البلاد ولا سيما حظر التجول من الساعة السادسة مساء إلى السادسة صباحاً.
وتؤكد آمنة أنها مستمرة في عملها من المنزل إلى حين انتهاء أزمة كورونا، مشيرة إلى أنها تعمل جاهدة من أجل تحصيل لقمة العيش لأبنائها من خلال بيع ما تنتجه من الصناعة التقليدية اليدوية على الرغم مما خلفته الأزمة من معاناة لها ولآلاف الصناعيين التقليديين في مختلف أرجاء الوطن.
مساهمة في تموين السوق
يقول محمد محمود ولد سيد أحمد أحد الصناعيين التقليديين في موريتانيا إن العديد من العاملين في مهنة الصناعة التقليدية لم يستسلم للصعوبات التي خلفها إغلاق الأسواق وفرض حظر التجول بل ظل الكثيرون منهم يساهمون في تموين السوق المحلية من المنزل.
أضاف ولد سيد أحمد أن هؤلاء واصلوا صناعة الكثير من الأغراض من المنزل كالعلب الصغيرة التي تستخدم لتخزين العطور والحلي النسائية، إضافة إلى تطريز النسيج وأواني الأثاث بمختلف أشكالها، كما يصنعون الصناديق الخشبية و"القلائد" المصنوعة من الحجارة وغيرها من زينة النساء.
وأعتبر أن الصناعيين التقليديين يواجهون أزمة اقتصادية نتيجة إغلاق الأسواق وغياب أي مساعدات حكومية تخفف معاناة ما خلفته أزمة كورونا بالنسبة لهؤلاء.
تحديات جسيمة
وعلى الرغم من أن قطاع الصناعة التقليدية في موريتانيا كان الأكثر ربحاً للدولة إلا أن العالمين فيه، وجدوا أنفسهم منذ سنوات عديدة أمام بطالة مقنعة نتيجة ندرة الدعم الحكومي لأصحاب الحرف، وتراجع الاهتمام بالصناعة التقليدية سواء على المستويين الرسمي والشعبي، ومع هذا كله، لا تزال الحكومة ترفع شعار دعم الصناعة التقليدية من خلال وزارة التجارة والصناعة التقليدية والسياحة والتي أنشأت منذ سنوات مراكز لتدريب الشبان على الصناعة التقليدية، ووضعت خططاً لدعم تسويق المنتجات التقليدية المحلية.
ويرى العديد من المراقبين أن النهوض بقطاع الصناعة التقليدية في بلد كموريتانيا لا يزال يحتاج تشخيصاً دقيقاً وشاملاً ورصد الكثير من الأموال لمساعدة العاملين في هذا القطاع.