أقرّت الحكومة اللبنانية اليوم الخميس، خطة إنقاذ اقتصادية طال انتظارها، تأمل على أساسها في إقناع المجتمع الدولي بمساعدة لبنان على الخروج من دوامة انهيار مالي فاقمته تدابير وقاية مشدّدة لمواجهة وباء كوفيد-19.
وقال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب إن البرنامج الإصلاحي، سيُستخدم أساساً لطلب برنامج من صندوق النقد الدولي من أجل مساعدة الاقتصاد على اجتياز أزمة حادة قد تمتدّ لما يصل إلى خمسة أعوام، موضحاً أن حجم ما سيقدمه صندوق النقد سيتحدّد في المفاوضات.
وأضاف أن الخطة تهدف إلى حماية أموال المودعين وتقوية المصارف وإعادة هيكلتها، والعمل على تدبير دعم خارجي بأكثر من 10 مليارات دولار وكذلك دعم مؤتمر سيدر.
وأوضح دياب أنه "توجد خسائر كبيرة في النظام، ويجب أن نتعاون على تحمّلها، دولة ومصرفاً مركزياً ومصارف، لنعاود الانطلاق باقتصادنا في أسرع وقت. وسنسعى إلى امتصاص الخسائر بشكل عادل، أي من دون تحميل من لم يستفد من سياسة الماضي أية أعباء".
وأشار إلى "أننا نريد مساهمة من الفوائد الخيالية التي دُفعت، ومن الذين جنوا أرباحاً من الهندسات، وأيضاً من الذين خالفوا القوانين وسرقوا المال العام كما يمكن الاتكال جزئياً على رساميل المؤسسات المصرفية وأموالها في الخارج، والعقارات التي تملكها، والعقارات المملوكة من مصرف لبنان، وغيرها من الأصول".
وتابع "سنقوم بالإصلاحات الأساسية، مثل قطاع الكهرباء ونظام نهاية الخدمة وتعويض الصرف والضرائب العادلة والتصاعدية التي لا تصيب العمل والإنتاج. وستحظى مسألة استعادة الأموال المنهوبة حيزاً أساسياً من عمل الحكومة للتعويض على اللبنانيين عن الجرائم التي اقتُرفت بحقهم".
سنمضي في طلب برنامج مع صندوق النقد الدولي، وإضفاء الطابع الرسمي على مفاوضاتنا مع الدائنين لسندات اليوروبوند والمضي قدماً فيها، بالتالي تخفيض عبء الدين عن مواطنينا، وتقديم رؤيتنا لطريقة التعافي الاقتصادي إلى أصدقائنا الدوليين وشركائنا والمستثمرين في الداخل والخارج#لبنان
— Hassan B. Diab (@Hassan_B_Diab) April 30, 2020
تعديلات
في سياق متصل، وافق مجلس الوزراء بالإجماع على الخطة الاقتصادية بعد إدخال تعديلات طفيفة على الصيغة المقترحة. وأبرز تعديلان أُدخلا على الخطة بصيغتها الأخيرة قبل وضعها أمام الوزراء في قصر بعبدا، هما:
- جعل مساهمة المودعين برأسمال المصرف اختيارية
- إبقاء سعر الصرف ثابتاً بحيث يصبح مع الوقت متحركاً وفقاً للسوق، ويتوحّد سعره.
وعُلم أنّ الخطة الإصلاحية مؤلفة من نحو 50 صفحة ووُضعت نسخة منها بالإنجليزية ونسخة أخرى بالعربية.
وأدلت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد مقررات مجلس الوزراء بعد انتهاء الجلسة وقالت "تكمن أهمية الخطة الاقتصادية في أنها عمليّة وتتضمن رؤية اقتصادية لمستقبل لبنان، فيما الأرقام السابقة كانت غبّ الطلب وتخفي العجز الذي كان ناراً تحت الرماد".
وأضافت "مجلس الوزراء وافق على اقتراح الحكومة الإصلاحي، كما وافق على عرض وزارة الطاقة لاستراتيجية التحوّل"، مشيرةً إلى "الموافقة على برنامج الحكومة الإصلاحي ومشروع قانون يرمي إلى تعديل هيئة التحقيق الخاصة بشأن تبييض الأموال، وفق ملاحظات وزارة المال".
وأوضحت أن "الخطة الاقتصادية هي عبارة عن خيارات يتم الأخذ بها في ضوء التطورات ونحن اليوم كنّا أمام مسودّة نهائية وأُخذت في الاعتبار حماية حقوق المودعين والهدف الأساسي من الخطة التفاوض مع الدائنين في الخارج".
وأردفت، "لا تحرير للعملة في الوقت الحالي ولكل حادث حديث وفقاً للمعطيات والظروف. تحرير سعر الصرف هو في إطار تخطيطي لا تنفيذي والخطة قابلة للتعديل".
والتأم المجلس في جلسة عادية من قبل ظهر اليوم، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء.
وبحث مجلس الوزراء في جدول أعمال من 14 بنداً، أبرزها استكمال الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة، وصولاً إلى إقرارها واقتراح قانون يرمي إلى تعديل صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة المنشأة بموجب القانون 44/2015 (مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) وطلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وثماني دول أفريقية وطلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على مشروع قانون بين لبنان وقيرغيزستان بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة وجوازات الخدمة والموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع تطوير الطرقات الرئيسة.
كوبيتش
في المقابل، علّق المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على إقرار الخطة الإقتصادية بتغريدة على تويتر جاء فيها "لقد خطت الحكومة خطوة مهمة نحو الإصلاحات ومعالجة الأزمة المصيرية الراهنة عبر إقرار خطتها الإصلاحية. الآن على القوى السياسية والمجتمع المدني إبداء رأيهم بالخطة، مما يمهّد الطريق للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسائر الشركاء الدوليين."
الحريري
من جهة ثانية، استقبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في بيت الوسط رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام.
وتلا السنيورة بيان اللقاء، معتبراً أن "الحكومة الحالية تحوّلت إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية والممارسات الانتقامية وجعلت من نفسها منصة لرمي الاتهامات ومتراساً تختبئ خلفه كيديات وأجندات طموحات رئاسية غير آبهة لاتفاق الطائف والدستور ومصلحة الدولة".
ودعا "رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة إلى اعتماد إدارة جدية لوقف التدهور المالي والنقدي بالاتفاق مع صندوق النقد".
وطالب السنيورة بـ"إقرار الإصلاحات الواجب اعتمادها من دون تأخير، بدلاً من التلهّي بحرف الانتباه عن جذور المشكلة وأسبابها الحقيقية وافتعال معارك سياسية لا تؤدي إلّا إلى مزيد من الاحتقان".
وشدّد على "ضرورة التوقف عن محاولات تحويل النظام اللبناني من نظام برلماني ديمقراطي إلى نظام رئاسي، كما التوقف عن محاولة ضرب رئاسة الحكومة والعودة إلى مبدأ فصل السلطات، إضافةً إلى وضع حدٍّ لتصفية الحسابات السياسية تحت عنوان محاربة الفساد"، محذراً "العهد وحكومته من ممارسات تقود البلاد إلى أزمة خطيرة".