لا ينكر أحد أن انتشار فيروس كورونا حول العالم قلب حياتنا رأساً على عقب، فأحدث تغييراً جذرياً لم نتوقع حصوله. الكل تأثر بغض النظر عن مجال عمله، ولم يوفر هذا الوباء المؤثرات والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد انتقل هؤلاء من حياة الرفاهية والبذخ والسفر والأنشطة المتواصلة، إلى أخرى مقيّدة تشبه حياة كل شخص يعيش فترة العزل المنزلي.
ربما الاعتياد على هذه الظروف صعب على الجميع، لكنه أكثر صعوبة على مدمني التواصل الدائم مع متابعيهم. فكيف لهم أن يتأقلموا؟
أولويات جديدة ومعطيات مختلفة
فرضت الظروف الحالية العودة إلى الحياة العائلية، مثلما حصل مع الجميع. وتعكس وسائل التواصل الاجتماعي هذا الواقع الجديد. وينطبق ذلك على المؤثرات والمؤثرين (Influencers) اللبنانيين، وقد حاول بعضهم التعامل مع الوضع، كل على طريقته.
لانا الساحلي قررت التوجه إلى الحوارات المباشرة عبر انستغرام، كما يفعل كثيرون من المشاهير حفاظاً على تواصلهم مع متتبعيهم. فتطل في حوارات مباشرة مع خبراء تجميل أو أطباء جلد أو استشاريين نفسيين. وإذ لا تستطيع الاستمرار في نمط الحياة الذي كانت تعتمده، تعمل للتأقلم مع الظروف الاستثنائية. وتعترف أنها مرت، في بداية أزمة كورونا، بمرحلة من النكران، إلا أنها استطاعت أن تتقبل الوضع وتستفيد من إيجابيات نمط الحياة الجديد. فقررت خوض غمار الحوارات لتثبت وجودها في المكان الذي برزت فيه أصلاً.
أما نور عريضة فتمضي وقتها مع أسرتها وتكتفي بتصوير فيديوهات مسلية مع طفلتها، تُظهر فيها نمط حياتهما في المنزل والنشاطات التي تقومان بها. وتشارك في حملات تبرعات ذات أهداف خيرية انطلاقاً من دورها كمؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وغابت عن حسابها الصور التي تغلب عليها مظاهر الرفاهية التي اعتدنا عليها في المرحلة السابقة، إذ باتت تطل بكل بساطة من منزلها بعيداً من الماركات العالمية والمظاهر المعتادة.
كيف كنا نعيش؟
كذلك هي حال غنى غندور التي تمضي وقتها في ممارسة الرياضة والأنشطة المنزلية، كاللعب مع طفلتيها والطهو. وكأنها تعوض ما فاتها وتستفيد من هذه الفترة لتكون معهما. وتقول "اليوم، مع الهدوء الذي يخيّم على حياتنا والمتعة التي أجدها مع طفلتي وفي ممارسة الرياضة، أستمتع بالمناظر الطبيعية التي لم أتمكن من رؤيتها يوماً في بيروت بسبب العجقة. وأسأل نفسي كيف كنا نعيش سابقاً في ظل الضغط الكبير والروتين السريع الذي لم يسمح لنا بالاستمتاع بشيء. ثمة إيجابيات عدة لهذه المرحلة أستفيد منها، خصوصاً أنني كنت سابقاً ألبي الدعوات وأمارس أنشطة عدة وإن كنت لا أعشق ذلك فعلاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن، في الوقت نفسه، لا تنكر غندور أنها تفتقد حالياً متعة السفر الذي كان يحتل حيزاً مهماً في حياتها، مؤكدة أنها تخطط للرحلات التي ستقوم بها بعد أن تفتح المطارات في العالم.
كارول حنّون وكارن وازن أيضاً من المؤثرات اللواتي تكتفين حالياً بنشر بعض الفيديوهات المسلية أو الصور الخاصة مع الأسرة أو التي تحمل رسالة معينة بعيداً من المظاهر السابقة التي طغت على البوستات في شوارع باريس وميلانو ونيويورك وغيرها.
الرابح والخاسر نفسياً
تعتقد المعالجة النفسية شارلوت خليل أن "المؤثرين على التواصل الاجتماعي تأثروا بأزمة كورونا بسبب تراجع المعلنين الرعاة لمشاريعهم وتوقف الأنشطة المختلفة. وأُلغيت الرحلات وتغيّر نمط حياتهم. ما دفعهم إلى الحد من وجودهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكان طبيعياً أن يؤدي ذلك إلى تراجع اهتمام متتبعيهم بهم مع ما لذلك من تداعيات على صحتهم النفسية".
وتلفت خليل، في حديث مع "اندبندنت عربية"، إلى أن "جزءاً كبيراً من ثقة المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنفسهم ورضاهم ينبع من ردود فعل متتبعيهم وتجاوبهم. ونظراً للوضع الحالي، تأقلم قسم منهم مع الوضع الحالي آخذين في الاعتبار متطلباته والظروف، فتحوّلوا من جلسات التصوير الخاصة التي يغلب عليها البذخ إلى اتجاه آخر يناسب الوضع الحالي، مثل حملات التوعية".
وفي جولة على صفحات المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تلاحظ خليل "اتجاهاً واضحاً للتأقلم مع الوضع الحالي ومتطلبات الناس، فيتم التركيز على الرياضة المنزلية أو على الحياة مع الأسرة".
وتعتبر خليل أن "الرابح الحقيقي من بين المؤثرين هو من يستطيع التأقلم مع الوضع الحالي والتوجه في اهتماماته استناداً إلى المتطلبات الحالية. أما من يعجز عن ذلك فيمر بما يشبه الصدمة التي تؤثر بتفاوت على الأشخاص". وتشير خليل إلى "الاثر المادي على هؤلاء، وهو ليس سهلاً".