يتكبد الشباب والأقليات العرقية خسائر مادية ويتعرضون للبطالة بسبب جائحة فيروس كورونا، وذلك على نحو لا يتناسب مع أعدادهم، حسبما يكشف استطلاع حصري للرأي.
وحفزت النتائج "الصادمة" على مطالبة الناشطين في مجال المساواة العرقية الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المجتمعات التي تقدم عدداً أكبر بكثير ممّا يقتضيه حجمها، من العاملين المعرضين لخطر الإصابة بالفيروس وهم يواصلون العمل في خدمات الخطوط الأمامية الأساسية مثل الصحة والرعاية الاجتماعية وقيادة الحافلات.
وكشف الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "بي إم جي" لصالح صحيفة "اندبندنت" حجم الضائقة التي يعيشها البلد بسبب إجراءات الإغلاق لاحتواء تفشي الفيروس، إذ تعرّض ثلث العائلات لخفض في مواردها المالية، وفقدت أكثر من واحدة من كل عشرين منها ما يزيد على نصف دخلها.
لكن الاستطلاع أظهر أيضاً أن أفراد العائلات من ذوي البشرة السوداء أو أبناء الأقليات العرقية، الذين فقدوا دخلهم وأعمالهم، يشكلون في الغالب ضعف عدد العائلات البيضاء البشرة التي تعرضت للمصير ذاته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك وجد الاستطلاع أن العمال دون عمر الـ35 سنة معرضون بشكل أكبر بكثير من زملائهم الأكبر سناً إلى احتمال فقدان وظائفهم أو الحصول على إجازات وظيفية مدفوعة الأجر (من الحكومة) furloughed.
ووصف سايمون وولي، وهو مدير جمعية "أوبرايشن بلاك فوت" نتائج هذا الاستطلاع بأنها "صادمة". وقال يجب على الحكومة اتخاذ "إجراء جذري" لحماية مصالح مجتمعات الأقليات الإثنية التي تزوّد "خدمة الصحة الوطنية" بنسبة عالية من الكوادر الذين يكافحون اليوم فيروس كورونا في الخطوط الأمامية، بمن فيهم جميع الأطباء الذين لقوا حتفهم حتى الآن في المملكة المتحدة.
وقال اللورد وولي، الذي يرأس مجموعة استشارية تقدم المشورة لوحدة في مكتب رئيس الوزراء معنية بالتفاوت العرقي، إن "على الحكومة أن تتخذ إجراء جذرياً لحماية الناس، الذين كانوا بطرق مختلفة عماد مواجهة فيروس كورونا، ليس فقط من العاملين بالصحة، بل أيضاً أشخاص مثل سائقي الحافلات الذين يخاطرون بانتقال العدوى إليهم من أجل إبقاء مدننا تعمل".
وأضاف أن "الفيروس لا يفرّق بين شخص وآخر، لكن النظام يفعل ذلك، وهذا ما جعل أبناء المجتمعات المؤلفة من أصحاب البشرة السوداء وأبناء الأقليات العرقية فريسة سهلة للغاية على المستويين الاقتصادي والصحي... الحكومة مدينة لهذه المجتمعات ويجب عدم تركها متخلّفة عن الركب".
ويفيد الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "بي إم جي" بأن 46 في المئة من أصحاب البشرة السوداء وأبناء الأقليات العرقية ذكروا أن دخلهم العائلي قد انخفض بسبب فيروس كورونا، مقابل 28 في المئة من العائلات البيضاء البشرة. وقال حوالى 15 في المئة من أبناء الأقليات المشاركين في الاستطلاع إنهم قد فقدوا وظائفهم، مقارنة بـ 8 في المئة بين البريطانيين البيض.
إلى ذلك، دعا حزب العمال السبت الماضي إلى فتح تحقيق في أسباب فتك فيروس كورونا بضحايا من أبناء الأقليات العرقية لا تتناسب من حيث العدد مع حجمها في بريطانيا.
وكان التقرير عن أول 3883 مريضاً بشكل خطير بكوفيد- 19 وجد أن أكثر من ثلث هؤلاء المصابين كانوا من غير البيض، علماً أن أبناء الأقليات العرقية يشكّلون نسبة 18 في المئة من العدد الإجمالي لسكان المملكة المتحدة.
في هذا السياق، رأت مارشا دو كوردوفا، وهي الوزيرة المعنية بقضايا المساواة في حكومة الظل العمالية، أن عدد الوفيات بين الأطباء من أبناء هذه الأقليات في المملكة المتحدة "مقلق للغاية".
وردّد ذلك تشاند ناغبول، وهو رئيس الجمعية الطبية البريطانية، الذي قال إن "النسبة المئوية للمرضى من أصحاب البشرة السوداء وأبناء الأقليات العرقية في بريطانيا التي لا تنسجم نهائياً مع حجم مجتمعاتهم" في بريطانيا يجب أن تُعالج، مضيفاً "على الحكومة أن تتّخذ الإجراءات اللازمة الآن".
على صعيد متصل، يُشار إلى أن تأثير مرض كوفيد-19 في الأشخاص الأصغر سناً على وجه الخصوص كان شديداً أيضاً، إذ قال 44 في المئة ممّن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة إنهم فقدوا دخلهم، مقارنة بـ 36 في المئة ممّن هم في عمر يتراوح بين 55 و64 سنة، و11 في المئة ممّن تجاوزوا الـ 65 سنة من العمر.
وقال حوالى 13 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 سنة، و15 في المئة، أي واحد من سبعة، ممّن هم في عمر 25 إلى 34 سنة، إنهم قد فقدوا أعمالهم، بيد أن 7 في المئة ممّن تتراوح أعمارهم بين 45 و54 سنة، و4 في المئة من أصحاب الأعمار التي تتراوح بين 55 و64 سنة أفادوا بأنهم باتوا بلا عمل.
وقالت كريستين جاردن، المتحدثة باسم حزب الديمقراطيين الأحرار حول مسائل المساواة، إن الأفراد الأصغر سنّاً، الذين تعرقلت دراستهم وتدريبهم نتيجة لإغلاق المدارس والمعاهد، معرضون لأن يكونوا من ضحايا إغلاق المدن المنسيّين.
وحذّرت جاردن "لا نستطيع ترك جيل من الشباب متخلّفاً عن الركب... على الحكومة الآن أكثر من أي وقت مضى أن تتخلّى عن رأيها الأخرق بأن فيروس كورونا لا يميّز. فكأولوية مطلقة، على الوزراء أن يسرعوا الخطى ويعملوا على تخفيض فجوة اللامساواة".
وأضافت "سيرفع الديمقراطيون الأحرار الصوت من أجل مَن هم أكثر عرضة للأذى من غيرهم في هذه الأوقات العصيبة. ندعو الحكومة إلى تقديم دخل المواطن وإنهاء فترة الانتظار التي تستغرق خمسة أسابيع، (بعد فقدان العمل) قبل الحصول على الإعانات، وذلك من خلال رفعها معدلات الإعانة، وإلغائها العقوبات وتحويلها قروض الائتمان الشامل من اليوم الأول إلى منح".
تجدر الإشارة إلى أن استطلاع "بي إم جي" كشف عن مدى التعطيل الذي تمخّضت عنه الجائحة. فإجمالاً، قال 31 في المئة ممّن شاركوا فيه إن دخلهم العائلي هبط بسبب تفشّي الفيروس.
وبين أولئك الذين يواجهون ظروفاً مادية تشتمل على تراجع في الدخل، هناك نسبة هائلة من المشاركين بلغت 20 في المئة، وهي مكافئة لـ 6 في المئة من السكان جميعاً، أو حوالى 4 ملايين شخص، قالوا إن عائلاتهم فقدت نصف دخلها الإجمالي أو أكثر.
وقال حوالى 11 في المئة، ممّن ذكروا أنهم قد تكبّدوا قدراً من الخسائر، إن دخلهم العائلي الإجمالي هبط بنسبة تصل إلى 9 في المئة، بينما أفاد 23 في المئة بأن دخلهم انخفض بنسبة تتراوح بين 10و19 في المئة، وأشار 26 في المئة إلى أنهم فقدوا من 20 إلى 29 في المئة من دخلهم، وصرّح 7 في المئة أن دخلهم بات أقل بما يتراوح بين 30 و39 في المئة، وذكر 5 في المئة أنهم خسروا من 40 إلى 49 في المئة ممّا كانوا يكسبونه سنوياً.
وبشأن خلو رفوف المتاجر الكبرى بسبب تهافت الناس على الشراء نتيجة حالة الهلع التي عاشوها، قال قرابة 50 في المئة من المشاركين إنهم عانوا من صعوبات في الحصول على الأطعمة وأفاد 49 في المئة بأنهم عانوا في العثور على مواد أساسية أخرى خلال انتشار الفيروس.
ولحق الحياة العائلية قدر من الضرر، إذ إنّ حوالى 23 في المئة من المشاركين غير قادرين على زيارة أقاربهم أو أصدقائهم الذين رُزقوا بأطفال، و11 في المئة منهم لم يحضروا مآتم، و5 في المئة اضطُّروا إلى إلغاء أو تأجيل خطط لحفلات زفاف. وكان نصف من أسهموا في الاستطلاع (50 في المئة) قالوا إنهم ألغوا عطلاتهم بسبب فيروس كورونا.
أُجري استطلاع "بي إم جي" بين 7 و9 أبريل (نيسان) وشارك فيه 1541 شخصاً بالغاً
© The Independent