مع دخول الحجر المنزلي في الأردن شهره الثاني، وجد الأردنيون في تطبيق الفيديو الشهير "تيك توك TikTok" ضالتهم للترفيه عن أنفسهم والتخفيف من الآثار النفسية المترتبة على انتشار وباء كورونا.
وانتشر تطبيق "TikTok" بشكل لافت بين الأردنيين بعدما كان يقتصر في السابق على فئات عمرية ومجتمعية محددة كالشباب والمراهقين والفنانين والمشاهير، لكن الكبار والمسنين اليوم ومن المستويات والشرائح الاجتماعية كافة باتوا نجوماً على التطبيق العالمي، الذي يبدو أنه سحب البساط من تحت وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.
لا توجد أرقام دقيقة لعدد مستخدمي التطبيق في الأردن، إذ يقول متخصصون إنها تقارب 3 ملايين مستخدم، وبحسب بيانات صادرة عن هيئة الاتصالات، فإن تطبيق "تيك توك" إلى جانب خدمات الفيديو وتطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى استحوذت على نسبة 52 في المئة من مجموع تدفق البيانات خلال فترة أزمة كورونا.
تعزيز هوس الشهرة
يرى متخصصون بوسائل التواصل الاجتماعي أن تطبيق "تيك توك" يشعر مستخدميه، بخاصة من المراهقين والأطفال، بتحقيق الذات والشعبية بسهولة من خلال خطوات بسيطة، ما يجعلهم يقبلون عليه.
لكن هناء الرملي، الخبيرة الاستشارية في مجال ثقافة استخدام الإنترنت المجتمعي، لديها رأي آخر. إذ ترى أنه وسيلة سهلة للمتحرشين والمستغلين جنسياً، ويعزز الأنا وهوس الشهرة والنرجسية، فالبعض وصل متابعوه إلى أرقام مليونية، على حد تعبيرها.
وتضيف "فكرته الأساسية تقوم على وضع مقاطع صوتية من أغاني أفلام ومسلسلات ومن ثم القيام بتمثيل الصوت بالحركات والرقص وتحريك الشفاه، كما الدوبلاج. ما يجعل من التسلية عنواناً أساسياً للمتلقين، فتغيب أي فوائد فكرية أو ثقافية أو صحية أخرى".
ويلمح آخرون إلى تعزيز التطبيق سلوكيات اجتماعية خطيرة مثل الشتائم النابية وعدم احترام الوالدين من خلال المقالب، واستعراض الأجساد العارية.
ويرد متخصصون بالقول إن للتطبيق معايير لا تسمح بنشر ومشاركة أو ترويج المحتوى الخطير والضار، كالكيانات الإرهابية والإجرامية أو المحتوى الصادم والعنيف والتمييز العنصري أو الكراهية، وحتى المحتوى الجنسي أو التعري أو أي محتوى يتعلق بالدعارة أو تجارة الجنس.
كما أنه يقوم بإزالة المحتوى المضلل أو المزيف عن طريق انتحال شخصية معينة، أو استخدام المحتوى الذي ينتهك حقوق الملكية.
في المقابل، يصر بعض مستخدمي هذا التطبيق على أن الهدف هو التسلية وإدخال الفرح والبهجة وكسر الروتين اليومي في المنزل، في ظل الضغط النفسي والخوف المستمر منذ أسابيع بسبب كورونا.
ميزات فريدة
يشرح خالد الأحمد، وهو أحد أبرز المتخصصين بوسائل التواصل الاجتماعي في الأردن، كيف نشأ تطبيق "تيك توك" بالقول "هو منصة فيديوهات صينية باسم Douyin، وأنشئت في أيلول (سبتمبر) 2016، وطُرحت في الأسواق الخارجية باسم تيك توك بعد عام واحد فقط، وتتيح للمستخدمين إمكانية إنشاء مقاطع فيديو صوتية قصيرة، مدتها من 3 إلى 15 ثانية، وفيديوهات قصيرة المدة تتراوح بين 3 و60 ثانية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤكد الأحمد أن هذا التطبيق كان حكراً على الفئة العمرية من 13 إلى 16 سنةً، لكنه اليوم حول الأهالي إلى ناشطين ونجوم بعد الحجر المنزلي القاسي.
ويضيف "يوفر التطبيق مؤثرات صوتية وسينمائية لا توفرها أي منصة تواصل اجتماعي أخرى، وهذه أحد أهم أسباب انتشاره".
نجوم أردنيون على "تيك توك"
من بين الأردنيين الذين تحولوا إلى مشاهير على تطبيق "تيك توك" يبرز اسم عامل النظافة أحمد نصيرات (21 سنة)، الذي استطاع جذب آلاف المشاهدات والمتابعين وهو يوجه رسائل توعية يومية مرتدياً لباسه الأخضر، داعياً الأردنيين إلى مواجهة ثقافة "العيب" والمحافظة على النظافة العامة عبر تصوير فيديوهات عدة أسبوعياً.
وخلافاً لكثير من المحتوى الذي يصنفه مراقبون بأنه "ضحل"، تبرز الكثير من الحسابات على هذا التطبيق ذات المحتوى الثري والإيجابي على الرغم من قلة متابعتها، مثل تعليم اللغات والرياضة المنزلية وغيرها.
من الحجب إلى الانتشار
وكانت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الأردن قد أعلنت العام الماضي نيتها حجب التطبيق بعد ورود ملاحظات من مختلف قطاعات المجتمع الأردني حول ما يشاع عن مخاطره وآثاره السلبية، نتيجة استخدام الأطفال والمراهقين له.
وأجرت الهيئة في ذلك الوقت دراسات عدة على التطبيق بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية بالمحتوى ووجدت أنه يلقى إقبالاً هائلاً من فئة الأطفال والمراهقين، فضلاً أنه يشكل اختراقاً لأمن المستخدمين.
الهيئة اكتفت في حينه بحملة توعوية لتحذير المواطنين من مخاطر هذه التطبيقات وضرورة مراقبة أبنائهم أثناء استخدامهم الهواتف والأجهزة الذكية حرصاً على سلامتهم.