Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورود غزة وجبات للخراف والمواشي بسبب كورونا

توقف التصدير والتسويق المحلي بشكل كامل بعد إعلان حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية

ملايين الورود البيضاء والحمراء والبنفسجية، في أرجاء مختلفة من قطاع غزّة داست عليها المواشي بحوافرها، وبات روث الماعز والأبقار يعكر صفو رائحة الورود المنبعثة من الدفيئات الزراعية، التي لم تكترث بالأساس سوى لوجبة طازجة من الأزهار الجاهزة للتصدير.

ليس ترفاً يضع المزارع ماهر أبو فرحانة الورود الجذابة داخل صناديق الطعام، التي تأكل منها تلك المواشي طعامها، لكنه مجبر قام بفعل ذلك، عندما توقف التصدير إلى خارج القطاع وأغلقت الأسواق المحلية، بعد إعلان حال الطوارئ نتيجة تفشي فيروس كورونا.

الورود وجبات شهية للمواشي

على حافة الدفيئات الزراعية في مدينة خان يونس جنوب غزّة، يقدم المزارع ماهر يومياً مئات باقات الورد المجانية إلى المواشي التي يربيها جاره الراعي، لتكون وجبة طازجة نادرة تلتهمها الأبقار والماعز والخراف.

كان من المفترض أن تُباع أو تصدّر هذه الورود بدلاً من تقديمها على شكل وجباتٍ إلى المواشي، لكن تفشي الوباء داخل القطاع حال دون ذلك، ما حطم آمال المزارعين وكبّدهم خسائر مالية كبيرة زادت قيمتها على مليون دولار أميركي.

ويقول المزارع ماهر "كنّا ننتظر فصل الربيع والصيف، الذي تتفتّح فيه الورود، ويزداد الإنتاج والبيع في السوق، لكن كل شيء توقف حتى الأفراح، بسبب الجائحة وما تبعها من إعلان حال الطوارئ".

في الخامس من مارس (آذار) الماضي، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية كافة، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي كورونا بين المواطنين.

وبموجب هذا القرار، الذي التزمت به غزّة، أغلقت صالات الأفراح كافة والمطاعم والمؤسسات التعليمية والأسواق الشعبية والنوادي الرياضية والمساجد، ومُنعت التجمعات الكبيرة، حتى إشعارٍ آخر.

مقص الورد اكتساه الصدأ

ونتيجة هذه المستجدات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، تحطمت آمال المزارع ماهر الذي قال إنه كان يحلم في تصدير وروده إلى أوروبا أو إسرائيل أو الضفة الغربية، أو بأسوأ الحالات يبيعها داخل الأسواق والمتاجر المحلية، لكن بعد تفشي الفيروس، بات الخيار الوحيد أمامه إطعامها للماعز والخراف والأبقار والمواشي الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يومياً يعمل المزارع ماهر داخل أرضه التي حوّلها إلى مجموعة دفيئات زراعية ليغرس بداخلها الورود، التي تعد مصدر دخله الرئيس. وقد اضطر إلى اقتلاع جزء كبير منها، وأبقى على كمياتٍ قليلة، علّه يقوم ببيعها لمتاجر الورود المحلية.

ويعقب المزارع ماهر وهو يمسك مقصه الحديدي الذي اكتساه الصدأ لقلة العمل، قائلاً "سوف أقطف بقية الورود، يبدو أن تفشي كورونا يزداد، ومن الصعب عودة الحياة إلى طبيعتها، وتسويق الورود المتبقية، تكبدنا خسائر فادحة هذا العام".

تراجع في الزراعة والعمال

في الحقيقة، باتت زراعة الورود في غزّة تشكل مصدراً للخسارة، لذلك ترك الكثير من الفلاحين العمل فيها، ويكاد أن يكون المزارع ماهر آخر واحدٍ يعمل في ذلك المجال داخل محافظة خان يونس.

وأثناء تفشي كورونا، اضطر ماهر إلى فصل عشرة من العمال لديه، واكتفى بثلاثة فقط، يساعدونه في قطف الورود وتقديمها على شكل وجبات دسمة إلى المواشي.

في عام 2016 كان يعمل في قطاع الورود ومتاجره قرابة 4500 عامل، لكن في العام الحالي تراجع العدد ليصبح 1200 مزارع وعامل وبائع ورد فقط، بحسب حديث أدهم البسيوني المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزّة.

وتتعدد أسباب تراجع إنتاج الورود، منها أن إسرائيل ترفض السماح للتجار بتصديرها، كما أن عذوبة المياه لم تعُد تكفي هذا النوع من الزراعة. ويوضح البسيوني أنه للعام السادس على التوالي، تحرم تل أبيب زهور غزة من الوصول إلى الأسواق الأوروبية.

عشرة دونمات فقط

وبالفعل، تبيّن أن مساحة زراعة الأزهار قد تراجعت بشكل ملحوظ. فعام 2000، كان يُزرع حوالى 500 دونم بطاقة إنتاجية تصل إلى 55 مليون زهرة، يُصدّر جزء كبير منها إلى أوروبا، لكن عام 2016، وصلت مساحة الزراعة إلى 30 دونماً، يملكها عشرة مزارعين فقط ينتجون ما يقارب الـ 35 ألف زهرة للتسويق المحلي. أما عام 2019، فقد بلغت مساحة الأراضي المزروعة عشرة دونمات فقط، تنتج أقل من 20 ألف زهرة تُسوّق محلياً.

وما يرهق الفلاحين أنّ عملية زراعة الزهور وقطفها تستغرق أحد عشر شهراً، تبدأ في يونيو (حزيران) وتستمر مع العناية بالمحصول حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) وفي بعض الأحيان حتى وسط يناير (كانون الثاني).

ومن أصناف الزهور التي تُزرع في غزة: اللوندا والجوري والقرنفل والخرسيوت والألمنيوم والجربيرا. لكن المفارقة أن الوردة الواحدة تُباع في أوروبا بما يصل إلى ستة دولارات أميركية، في حين أنّها إذا بيعت في غزة لن يتعدى سعرها الدولارين.

وبحسب البسيوني، فإن رأس مال إنتاج دونم الزهور يصل إلى ستة آلاف دولار أميركي، وفي حال جرى التسويق محلياً، سيكون بيعها في غزة خسارة لا بد منها، مشيراً إلى أن الخسارة هذا العام وصلت إلى مليون دولار، ونسبة مبيعات قاربت من الصفر.

 

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات