Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تقضي مخاطر كورونا على النمو "الهزيل" لاقتصاد القارة السمراء؟

برنامج إصلاح اقتصاد مصر... 4 سنوات من المصاعب والفيروس المستجد يعمق الأزمة

فيروس كورونا يهدد الأوضاع الاقتصادية في أفريقيا (أ.ف.ب)

منذ إطلاق برنامج إصلاح الاقتصاد المصري في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، كان التعويل على انتهاء مدة تنفيذ البرنامج حتى يلتقط المصريون أنفاسهم، خصوصاً مع الإجراءات الهيكلية التي اتخذتها الحكومة وقامت بهيكلة الدعم ورفعت أسعار العديد من الخدمات والرسوم، بخلاف رفع أسعار الطاقة والمحروقات.

لكن المخاطر التي خلفها فيروس كورونا المستجد على جميع الاقتصادات، وبخاصة الأفريقي الذي يعاني بالفعل أزمات خانقة وصعبة، ومن بينه الاقتصاد المصري، يدفع إلى طرح العديد من علامات الاستفهام حول المخاطر والأزمات التي كانت تحاصر القارة السمراء والمصريين على وجه الخصوص ما يتعلق بارتفاع الأسعار أو خفض أسعار الرسوم وتكلفة الخدمات.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة المصرية آلياتها لمواجهة مخاطر فيروس كورونا، فإن بنود الموازنة الجديدة التي تم الإعلان عنها خلال الأيام الماضية، تشير إلى أن الأوضاع ربما ستكون أصعب مما يتخيله البعض، خصوصاً مع قيامها بخفض التوقعات المتعلقة بمعدلات النمو للعام المالي المقبل.

تأثير الأزمة في الاقتصاد المصري أخف وطأة

لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، أكدت أن آثار أزمة فيروس كورونا "كوفيد-19" على الاقتصاد المصري ستكون أقل من الأزمات الاقتصادية السابقة. وأوضحت أن الأزمة الراهنة عارضة وقصيرة المدى لا تتجاوز الأشهر وستؤثر في النمو الاقتصادي لعام 2020، وسيعود الاقتصاد للنمو وبقوة في العام المقبل 2021 لاستكمال مسيرة التنمية.

وأشارت في تقرير حديث، إلى أن مصر ولمدة سنوات متتالية، حققت أعلى معدلات نمو في منطقة شمال أفريقيا، كما استطاعت خلال الأعوام السابقة إرساء بنية تحتية حديثة ستمكنها من استكمال الانطلاقة الاقتصادية ولمدى بعيد. ودعت اللجنة إلى عدم القلق من هذه الأزمة وعدم إعطائها أكثر من حجمها الطبيعي، مؤكدة أن القاهرة تعتمد على 5 قطاعات رئيسة لتوفير النقد الأجنبي، وهي بالترتيب حسب الأهمية تحويلات العاملين بالخارج، والصادرات السلعية، ثم السياحة، يليها الاستثمار الأجنبي المباشر، ثم عائدات قناة السويس، وهذه القطاعات الخمس تشكل 30 في المئة من الناتج الإجمالي للبلاد.

وأشارت إلى أن أزمة فيروس كورونا الراهنة تختلف عما سبقها من الأزمات في أنها ستؤثر سلباً في الخمسة موارد الرئيسة للنقد الأجنبي لمصر، في حين أن الأزمات السابقة كانت تؤثر في أغلب الأحيان على مصدر واحد أو اثنين على الأكثر من مصادر العملة الصعبة، ومع ذلك فإنها ستكون أزمة عارضة يتجاوزها الاقتصاد المصري ليعاود النمو مجدداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اللجنة أوضحت أن مصر كانت من الدول التي استطاعت الحد من الآثار السلبية للأزمة، حيث وضعت الحكومة منذ اليوم الأول لتفشي كورونا الإنسان قبل الاقتصاد، وقدمت تدابير بقيمة 100 مليار جنيه (6.377 مليار دولار) من الاحتياطات العامة للدولة المخصصة للتعامل مع الظروف الاستثنائية. كما تمت إتاحة نحو 3.8 مليار جنيه (0.242 مليار دولار) لدعم القطاع الصحي، ووفرت من الموازنة الاحتياطية سيولة عاجلة للهيئات السلعية والخدمية في حدود 12.7 مليار جنيه (0.809 مليار دولار) لتلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية وخصصت نحو 10 مليارات جنيه (0.637 مليار دولار) لتمويل شراء القمح المحلي.

كما أشارت اللجنة إلى قيام الحكومة بخفض سعر الغاز الطبيعي والكهرباء للأنشطة الصناعية، وكذلك كان للبورصة نصيب من تلك الحوافز عبر خفض ضريبة الدمغة على تعاملات المقيمين وغير المقيمين، وكان للبنك المركزي دور حاسم بتأجيل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء من المؤسسات والأفراد لمدة ستة أشهر، ما خفّف من وطأة الأزمة على قطاع الأعمال والأسر المصرية.

النمو الاقتصادي للقارة السمراء يتأثر بشدة

وأجرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا دراسة عن الآثار الاقتصادية لفيروس "كوفيد-19" على القارة السمراء بشكل عام، وأظهرت أن النمو الاقتصادي لها سيتأثر سلباً بشدة. وأوضحت أنه في حالة انحسار الأزمة خلال الشهرين المقبلين سينخفض النمو الاقتصادي المتوقع لعام 2020 في أفريقيا من 3.2 إلى 1.8 في المئة، ولكن في حال امتداد الأزمة إلى ما بعد الصيف، ستدخل القارة وللمرة الأولى منذ عقود في حالة من الانكماش الاقتصادي في حدود 2.6 في المئة بنهاية عام 2020.

وتتوقع اللجنة أن تكون الصادرات الأفريقية من أكثر القطاعات تأثراً بالأزمة، حيث انخفضت حتى الآن أسعار الصادرات بنسبة 67 في المئة، فعلى سبيل المثال انخفض سعر النفط الذي يمثل نحو 40 في المئة من صادرات القارة بنحو 50 في المئة.

ولفتت إلى انخفاض سعر القطن والمنسوجات أيضاً بنحو 26 في المئة، وتراجعت أسعار المعادن بنحو 20 بالمئة، في حين ارتفعت أسعار الذهب منذ بداية الأزمة بنحو 5 في المئة.

وبالنسبة إلى قطاع النفط في أفريقيا، أشار إلى أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية تتوقع أن يُمنى هذا القطاع بخسائر قدرها 65 مليار دولار بسبب الأزمة الحالية، ويكون نصيب نيجيريا وحدها منها 19 مليار دولار، بينما ستوفر الدول الأفريقية المستوردة للنفط مثل المغرب وإثيوبيا وغينيا نحو 20 مليار دولار، وفي الإجمالي ستكون خسائر دول القارة الصافية في قطاع البترول في حدود 45 مليار دولار.

وأشارت إلى أن أفريقيا تعتمد اعتماداً كبيراً على الخارج في تلبية الاحتياجات الدوائية، حيث تستورد نحو 94 في المئة من الأدوية والمستلزمات الطبية بما قيمته 16 مليار دولار سنوياً، وتمثل أوروبا والصين والهند المصادر الرئيسة لتصدير الأدوية إلى القارة السمراء بنسبة 75 في المئة.

تحذيرات من القيود على حركة التجارة الدولية

في الوقت نفسه، حذّرت اللجنة من أن القيود المؤقتة المفروضة على التجارة الدولية لبعض الدول قد تؤثر سلباً في قطاع الأدوية، داعية إلى تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية وبخاصة في قطاع الدواء. وأشارت إلى أن مصر والمغرب وكينيا وجنوب أفريقيا وهي الدول التي تتمتع بميزة نسبية في إنتاج الدواء، يمكنها أن تزيد من صادراتها من الدواء وخصوصاً إلى الدول الأفريقية، معتبرة أن الأزمة الراهنة يمكن أن تمثل فرصة لتعزيز التعاون التجاري الأفريقي، لا سيما في قطاع الأدوية.

وفيما يتعلق بالآثار الاقتصادية لفيروس "كوفيد-19" على منطقة شمال أفريقيا، أوضحت اللجنة أن هذه المنطقة استطاعت في العقدين الماضيين تحقيق تقدم مثير للإعجاب والحد من الفقر وتحسين الخدمات الأساسية في مجالي التعليم والصحة، غير أن الأزمة الحالية تهددها بخسارة جزء مهم من إنجازات التنمية.

وأشارت إلى أن التقديرات الأخيرة تظهر أن قطاعي التجارة الخارجية والسياحة في تونس هما الأكثر تأثراً، حيث يمكن أن ينخفض حجم الصادرات التونسية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 10 في المئة فقط، كما يشكل التوقف المفاجئ لقطاع السياحة في هذا البلد خسارة مهمة، حيث يضيف هذا القطاع 0.4 نقطة أساسية في نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في السنوات الأخيرة ويستوعب نحو 9.4 في المئة من القوى العاملة في تونس.

وبالنسبة إلى المغرب، أوضحت اللجنة أن انقطاع سلاسل القيمة العالمية سيؤثر في صناعة السيارات في المغرب والتي تمثل 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما ستؤثر الأزمة الحالية أيضاً ففي الصادرات المغربية من الفوسفات وتحويلات العاملين بالخارج والسياحة، وتمثل هذه القطاعات الثلاثة نحو 21.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي المغربي.

وفيما يتعلق بالجزائر، لفت إلى أن انخفاض أسعار النفط بنسبة 50 في المئة سيؤثر بشدة في النمو الاقتصادي للبلاد، حيث تمثل إيرادات النفط 37 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية.

إجراءات احترازية جادة وسريعة

وفقاً للدراسة، فإن الحد من الآثار الاقتصادية السلبية للفيروس يتطلب اتخاذ إجراءات جادة وسريعة، فمنذ بداية انتشار كورونا والدول التي بدأت في اتخاذ إجراءات احترازية وتفعيلها سريعاً هي تلك التي حدت من انتشار الفيروس ومن الآثار الاقتصادية السلبية له، وهناك عاملان مهمان هما عامل الوقت والقدرة على اتخاذ وتنفيذ حزمة من الإجراءات والتدابير، للتقليل من الآثار الجانبية لهذه الأزمة.

وذكرت أنه منذ اليوم الأول للأزمة تم اتخاذ مبادرة بدراسة آثارها على اقتصادات الدول الأفريقية، ودعوة المجتمع الدولي إلى تقديم دعم فوري للقارة في حدود 100 مليار دولار، منها 44 مليار دولار لشطب فوائد ديون عام 2020 عن جميع الدول الأفريقية.

وأوضحت أنه في حالة امتداد آثار الأزمة إلى العام المقبل فلا بد أن يدعم المجتمع الدولي أفريقيا بـ50 مليار دولار أخرى لعملية إعادة البناء والإصلاح الاقتصادي، واستمرار شطب فوائد الديون الأفريقية ليس فقط لعام 2020 وإنما لمدة عامين على الأقل.

وأطلقت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا هذه المبادرة بالتنسيق مع وزراء المالية في دول القارة خلال الاجتماعين اللذين عُقدا للخروج بهذه المبادرة، والتي شملت أيضاً التضامن الأفريقي لمواجهة هذه الأزمة والحاجة الملحة إلى التحفيز المالي لاحتوائها، وذلك بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي والمنظمات الدولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين.

الأمم المتحدة تقيم الوضع

وأكدت أن الاجتماعات والدراسات مستمرة لبحث تداعيات الأزمة الراهنة والحد من آثارها، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تقوم حاليا بتقييم الوضع الاقتصادي والاجتماعي سواء على المستوى القاري أو شبه القاري مثل منطقة شمال أفريقيا، بهدف إجراء دراسات أكثر عمقاً لمواكبة تطورات الأزمة وتداعياتها من خلال المتابعة المستمرة وذلك بمشاركة الحكومات والقطاع الخاص أيضاً.

كما تتواصل اللجنة في الوقت الحالي مع شركات الاتصالات الكبرى في القارة السمراء للوقوف على كيفية دعم هذه الشركات لقطاع الأعمال من خلال التكنولوجيا المتاحة حالياً لاستمرار العمل للحد من آثار الأزمة على الإنتاج.

وأخيراً، دعت دول العالم إلى فتح الحدود ورفع القيود عن التجارة والتنسيق لتسهيل إجراءات التخليص الجمركي خصوصاً للأجهزة الطبية، وكذلك دعم عمّال النقل لأنه قطاع مهم جداً، والأمم المتحدة حريصة على أن تتعاون الدول من أجل تسهيل عملية التجارة والإنتاج.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد