Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تعزز نطاق الالتزام الدولي بخفض الإنتاج... ماذا عن المكسيك؟

اتفاق "أوبك+" حتى 2022 يعيد التوازن لسوق النفط... والتحدي هو فائض المخزونات العالمية

شعار أوبك بمقر المنظمة في فيينا   (رويترز)

من المرجح أن تعلن أرامكو السعودية أسعار البيع الرسمية لشحنات مايو (أيار) من النفط الخام غداً الاثنين، بعد أن أرجأتها لما بعد مباحثات جرت الأسبوع الماضي مع المنتجين العالميين لخفض الإنتاج.

ونقلت "رويترز"، أن شركة النفط الوطنية أرامكو أجلت إصدار الأسعار لحين إجراء مباحثات رتبتها الرياض أمس، أسفرت عن اتفاق أولي واجه عقبة بعد أن اعترضت المكسيك على نصيبها من خفض الإنتاج المقترح. وكانت مباحثات إضافية جرت لوزراء طاقة مجموعة العشرين، الجمعة، لكنها لم تخرج باتفاق على تخفيضات الإنتاج.

وعادة ما تصدر أرامكو السعودية أسعار البيع الرسمية في الخامس من كل شهر، وهي التي يتحدد على أساسها الاتجاه العام للأسعار الإيرانية والكويتية والعراقية، وتؤثر في إمدادات تتجاوز 12 مليون برميل يومياً تتجه إلى آسيا.

وكانت تخفيضات إنتاج منسقة بين أوبك ومنتجين آخرين، بينهم روسيا، في إطار التحالف المسمى أوبك+، انتهت الشهر الماضي بعد أن ظلت قائمة لأكثر من ثلاث سنوات.

وقالت الرياض وموسكو بعدها، إنهما تستهدفان زيادة المعروض، في تحرك ضغط على الأسعار المتضررة بالأساس من الإغلاقات الشاملة لكبح انتشار فيروس كورونا، التي عصفت بالطلب على الوقود.        

دعوة لخفض الإنتاج

إلى ذلك قال أعضاء جمهوريون بمجلس الشيوخ الأميركي من ولايات نفطية إنهم أجروا اتصالاً هاتفياً مع ثلاثة مسؤولين من السعودية، حثوهم خلالها على أخذ إجراء ملموس على ضمان استمرار خفض إنتاج الخام.

وتقترب السعودية وروسيا من التوصل إلى اتفاق لخفض إنتاجي غير مسبوق، يبلغ عشرة ملايين برميل يومياً، بما يقارب 10 في المئة من الإنتاج العالمي. وتراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 18 عاماً، بعد أن تسبب فيروس كورونا في توقف الأنشطة الاقتصادية في أنحاء العالم، وعقب قيام السعودية وروسيا، وهما من أكبر المنتجين في العالم، بزيادة إنتاجهما في سباق على حصص السوق.

وتحدث أعضاء الكونغرس مع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، ونائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، وسفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان.

وأشاد السيناتور دان سوليفان بمشاركة السعودية في الاتفاق الخاص بخفض الإنتاج، لكنه قال "الأفعال أبلغ من الأقوال". وأشار إلى أن "على السعودية اتخاذ إجراءات مستدامة وملموسة لخفض إنتاج النفط بصورة كبيرة. وعليها أن تفعل ذلك قريباً".

وتخفض الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، الإنتاج تدريجياً مليوني برميل يومياً، نتيجة تراجع الطلب وانخفاض أسعار النفط، مما تسبب في إفلاس منتجين مثقلين بالديون.

الرفض المكسيكي يثير الغضب السعودي

وأصبح أكبر خفض في إمدادات النفط، يفكر فيه أكبر منتجي العالم، معلقاً بعدما أثار رفض الرئيس المكسيكي أندريه لوبيز أوبرادور تعريض خططه لإعادة بناء شركة بيمكس الوطنية للنفط، غضب السعودية التي أسهمت جهودها في صياغة الاتفاق.

وعلى مدار الأيام الثلاثة الأخيرة، ظلت صناعة النفط تترقب بسبب رفض المكسيك الضغوط السعودية للمشاركة في تخفيضات عالمية، تعادل ما يقرب من ربع إنتاج الدول المشاركة، بهدف رفع الأسعار من أدنى مستوياتها منذ عشرات السنين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الأسعار قد انهارت في الوقت الذي تسبب فيه تفشي فيروس كورونا في ركود اقتصادي بأنحاء العالم ودمر الطلب على الوقود.

وسلط رفض الرئيس المكسيكي لوبيز أوبرادور تعريض خطته لإحياء شركة بيمكس، من خلال الموافقة على تخفيضات كبيرة، الضوء عالمياً على المكسيك؛ إذ منح الأولوية لبرنامجه المحلي على المصالح الجماعية لأكبر منتجي النفط في العالم.

وفي إطار عزمه دعم شركة بتروليوس مكسيكانوس الخاسرة والمثقلة بالديون، المعروفة رسمياً باسم بيمكس، عرض لوبيز أوبرادور خفض الإنتاج 100 ألف برميل يومياً فقط، بدلا عن 400 ألف برميل يومياً يطالب بها المنتجون.

وفي حل وسط تم التوصل إليه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال نظيره المكسيكي، الجمعة، إن الولايات المتحدة عرضت خفض 250 ألف برميل إضافية يومياً، بالنيابة عن المكسيك لتقترب من تحقيق الهدف المنشود.

غير أن السعودية رفضت ذلك، وأصرت على موقفها رغم أن بعض المنتجين الآخرين من الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاءهم في مجموعة "أوبك+" يطالبون ببدء تطبيق التخفيضات بغض النظر عن ذلك.

ودافع لوبيز أوبرادور، وهو من أشد المتمسكين بالمطالبة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، عن موقفه الجمعة. مشيراً إلى الفترة التي كانت فيها المكسيك "قوية" و"مكتفية ذاتياً" في النفط.

وقال الرئيس، البالغ من العمر 66 عاماً، للصحافيين، "كانت هناك بعض التقارير في الصحف تحاول تحميلنا المسؤولية، وتقول إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بسببنا"، مضيفاً، أن المكسيك لا يمكنها أن تتحمل خفض الإنتاج 23 في المئة، مثلما طلب آخرون منها، لكنها عرضت خفضه بنسبة 5.5 في المئة.

وقال مسؤول مكسيكي كبير لرويترز، إن إصرار لوبيز أوبرادور على أهمية إنقاذ بيمكس حيوي، للأسباب التي تذرع بها في إقناع ترمب بتقديم يد المساعدة.

من ناحية أخرى أثارت مندوبة المكسيك في مباحثات "أوبك+"، وهي وزيرة الطاقة روسيو نالي استياء بعض الدول الأخرى، لا سيما السعودية التي استضافت المباحثات، وقال مفاوضها الأمير عبد العزيز بن سلمان إن الموافقة على استثناءات ربما تشجع الدول الأخرى على التحلل من التزاماتها فيما يتعلق بالإنتاج، حسبما ذكر عدة مندوبين.

وقال مصدر في أوبك، "إذا قبلت أوبك+ ذلك، وانسحب كل من لم تعجبه الأرقام فإننا سنواجه فعلياً وقتا ًعصيباً". وأشار إلى "أن وزيرة الطاقة المكسيكية، التي وافقت الشهر الماضي على المشاركة في تخفيضات أصغر تشبثت برأيها في ما يتعلق بالتخفيضات المقترحة".

وبالنسبة للمنتجين، تعتبر التخفيضات دواءً مراً، لكنه ضروري لعلاج انخفاض الأسعار. ويعتمد العراق على إيرادات النفط في إعادة البناء بعد سنوات من الصراع الداخلي، ولكنه التزم بتخفيض إنتاجه بمقدار مليون برميل يومياً.

انسحاب مكسيكي

واتهم بعض المندوبين نالي بوضع السماعة أثناء حديث وزراء آخرين خلال المؤتمر الذي عقد عبر دائرة تلفزيونية، لكنها ردت على ذلك، الجمعة، بقولها في مقابلة بالإذاعة المكسيكية، "إنها تحترم الدول الأخرى، وعلى كل حكومة النظر إلى قدراتها الخاصة". وأضافت، "سنخسر في هذا الوضع. المنتجون سيخسرون والمستهلكون أيضاً".

ويتعلق لب الخلاف بمستوى الإنتاج المرجعي الذي تستخدمه المكسيك، التي بنت حساباتها هذا العام على أساس أن سعر النفط 49 دولاراً للبرميل؛ أي أعلى كثيراً من الأسعار الحالية. وستخسر المكسيك جزءاً من إيراداتها إذا أُجبرت على إجراء التخفيضات. وجرب مندوبون عدة سبل مختلفة للتحايل على هذه المشكلة، لكن مصدراً في أوبك قال إن السعودية تشبثت برأيها.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز لرويترز، الجمعة، إن مستقبل الاتفاق يتوقف على مشاركة المكسيك في التخفيضات. ولم يتسن حتى الآن الاتصال بالحكومة السعودية للتعليق. وتشكو السعودية منذ سنوات أنها تتحمل عبء التخفيضات الإنتاجية العالمية لرفع الأسعار، رغم أن دولاً أخرى تزيد إنتاجها. وترأس السعودية مجموعة العشرين في الوقت الحالي.

ماذا وراء الترتيب الأميركي المكسيكي؟

أشار منتجون كبار آخرون إلى أن الترتيب الأميركي المكسيكي ليس عائقاً أمام إبرام اتفاق، وقالت الإمارات والجزائر، السبت، إنه تم التوصل إلى اتفاق عملي.

وقال مصدر روسي، إن موسكو لا يعنيها كيفية تقسيم الخفض الإنتاجي بين المكسيك والولايات المتحدة، وإنها تعتبر الاتفاق محسوماً".

وشعر بعض الدبلوماسيين في مكسيكو سيتي بالحيرة لإبرام لوبيز أوبرادور اتفاقاً مع الرئيس ترمب، الذي كان بمنزلة شوكة في جنب المكسيك، فيما يتعلق بالتجارة والهجرة منذ تولى منصبه.

وقال ترمب، دون الخوض في التفاصيل، "إن المكسيك سترد الثمن للولايات المتحدة في موعد لاحق، وإن كان أسلوب تنفيذ الاتفاق غير واضح". واتفق الدبلوماسيون في الرأي على أن المكسيك ستدفع على الأرجح ثمناً لذلك في المستقبل.

وأتاح التزام لوبيز أوبرادور، حيال شركة بيمكس له فرصة للترويج لقضية وطنية، غير أن خبراء في الطاقة يتشككون في امتلاكه الوسائل الكفيلة بتحويل دفة الأمور في الشركة.

وأدت خطط الرئيس المكسيكي إلى مخالفته لقطاع الطاقة العالمي من أوجه أخرى. فقد أعلنت حكومته خططاً استثمارية لشركة بيمكس الأسبوع الماضي، في الوقت الذي أعلنت فيه أكبر شركات الطاقة الخاصة والحكومية في العالم، تقليص خطط الإنفاق بنحو الثلث في المتوسط.

بل إن بعض المخضرمين في اليسار المكسيكي الذين عايشوا مصادرة المصالح النفطية الأميركية والبريطانية عام 1938، في خطوة أدت إلى قيام شركة بيمكس، يرون أنه أفرط في الرهان على الشركة.

ويقول من يعرفونه جيداً، إنهم يعتقدون أنه لن يتراجع عن موقفه. وقالت بوليمنيا رومانا سيرا، وهي من قدامى المساعدين المقربين منه، إن النفط "كان الراية التي رفعها منذ سنوات للوصول إلى الرئاسة. لا أعتقد أنه سيقدم تنازلاً".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد