حذرت جمعيات خيرية من أن المشردين يعيشون حالة من "الخوف والجوع واليأس" فيما يواصلون الصراع من أجل البقاء في الشوارع خلال تفشي جائحة فيروس كورونا على الرغم من أن الحكومة أمرت، خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، السلطات المحلية بنقل الأشخاص الذين ينامون في العراء إلى فنادق أو مساكن.
وكانت وزارة الإسكان والكيانات المجتمعية والحكومات المحلية كتبت للبلديات المحلية في إنجلترا الجمعة الماضية آمرة إياها أن تجد سكناً لكل أولئك الذين ينامون في العراء بنهاية عطلة نهاية الأسبوع، كجزء من الجهود الهادفة إلى احتواء انتشار فيروس كورونا.
لكن الناشطين الداعمين للمشردين أخبروا اندبندنت أن "غياب الوضوح" أبقى الكثيرين في الشوارع يوم الاثنين مع زيادة المخاطر على حياتهم بسبب فقدان المنظومات الداعمة لهم مثل مطابخ الشوربة وتوزيعات الطعام.
وتردد أن السلطات المحلية، ظلت في بعض الحالات تسأل النائمين في العراء أن يثبتوا وجود ارتباط لهم بالمنطقة وأن يقدموا تواريخ إقاماتهم وعناوينها قبل اعتبارهم مؤهلين للحصول على سكن، وهذه الإجراءات تتسبب في وضع عوائق أمام إسكانهم خلال انتشار الجائحة.
وقالت جمعية خيرية مقرها في لندن إن في إحدى الحالات طلبت البلدية من شخص ينام في العراء، تدعمه الجمعية، أن يعيد ارتباطه بالمكان الذي نشأ فيه بدلاً من تقديم غرفة له في فندق.
وفي هذا الصدد قال مكتب عمدة لندن إنه بحلول الأحد، تم إسكان 464 شخصاً مشرداً في الفنادق وما يقرب من 50 آخرين في مساكن مستقلة، من بين ما يقرب من 11.400 شخص ينامون في العراء داخل العاصمة البريطانية.
في المقابل لم تزود الحكومة اندبندنت أي أرقام عن الأشخاص الذين ينامون في العراء تم إسكانهم حتى الآن في شتى أنحاء البلاد.
وقال مات داوني مدير السياسات والشؤون الخارجية في جمعية "كرايسيس" (الأزمة) الخيرية إنه يرحب بمبادرة إسكان المشردين لكن هناك الكثير من الأشخاص لم ينتبه أحد لوجودهم.
وبحسب قوله، فإن الجمعية سمعت من الكثير ممن ينامون في العراء أنهم ما زالوا في الشوارع ويعانون أكثر من السابق بسبب النقص الشديد في خدمات المساعدة على الشارع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفاد داوني "لدينا تقارير حول أناس لم يأكلوا لأيام عدة. الناس المقيمون في الشوارع الذين لم يستطيعوا الحصول على مأوى في فندق يعانون فعلاً لأن مصادر طعامهم الطبيعية اختفت. نحن نعمل في مدن عدة والناس خائفون وهم جائعون ويائسون".
وقال: "هناك مقاربات مختلفة تتبعها البلديات في شتى أنحاء البلاد، بعضها يقوم بأعمال عظيمة وبعضها عكس ذلك، لكن من المهم جداً أن يكون لكل سلطة محلية برنامج كامل (لإيواء) كل شخص هو بحاجة إليه... يجب ألا تكون هناك فجوة في ذلك، لأن وجود أي فجوة يعني أننا نتقبل فكرة ترك الأفراد يموتون في الشوارع أو في المآوي الليلية. علينا أن نكون يقظين جداً ضد أي رضا عن الذات أو الغرور، والوثوق من أن كل شخص بحاجة إلى المساعدة يجب أن يحصل عليها".
وأشار داوني إلى أن إجراءات إسكان من ينامون في العراء لن تكون مباشرة وستتطلب عملاً متواصلاً في مجال التوعية لتشخيص الأفراد الذي يصبحون مشردين خلال فترة انتشار الجائحة، إضافة إلى توفير دعم اختصاصي متواصل لأولئك الذين وضعوا في فنادق.
وقال: "هناك بعض منهم سيكون هذا التحول الأكثر صعوبة لهم للتقبل. فهم ظلوا في الشوارع سنين عديدة، وهم مرتابون بعمق من السلطة لأسباب مقنعة. إنه ليس شيئاً كافياً أن تعطي شخصاً مفتاح غرفة في فندق... والأسباب التي كانت وراء تشرد الأفراد ما زالت قائمة. قد نرى زيادة في عدد الأشخاص الذين يصبحون مشردين لأن البعض سيفقدون وظائفهم خلال هذه الأزمة. وستكون هناك نسبة من السكان الذين ينتظرون مساعدة "الائتمان الشامل" والذين قد يصبحون من دون سكن. نحن لا نستطيع القول إن المشكلة انتهت. هذه المبادرة يجب أن تكون عملية متواصلة".
وفي السياق نفسه، قالت "غلاس دور" الجمعية المعنية بدعم المشردين في لندن لـ اندبندنت إن عدد الأشخاص الذين ينامون في الشوارع لم يتغير بشكل ملموس منذ يوم الجمعة الماضي على الرغم من التعهد بإسكانهم في الفنادق قبل انتهاء عطلة نهاية الأسبوع.
وأكدت هذه الجمعية أن العديد من عمالها الاجتماعيين ظلوا يعملون من دون توقف يوم الاثنين الماضي لإيجاد بدائل للأشخاص الذين ليس لديهم مكان يذهبون إليه واشتكت من غياب الوضوح من قبل السلطات في ما يخص الإرشادات الجديد.
ففي إحدى الحالات، أُخبِر أحد المقيمين في الشارع أن عليه أن يعيد ارتباطه ببلده الأم بدلاً من عرض سكن له، بينما ظلت مجالس بلديات أخرى تطلب من العمال الاجتماعيين (المتطوعين) أن يمروا بالإجراءات التقليدية التي تقتضي إثبات آصرة محلية قبل أن يعتبر الشخص مؤهلاً للحصول على سكن، بحسب ما أشارت الجمعية.
وقال نيل باركنسون العامل الاجتماعي في جمعية "غلاس دور": "الأفراد مشوشون وجائعون ولا يعرفون إلى أين يذهبون. لدينا العشرات من الأشخاص الذين جاءوا إلى مكتبنا طالبين المساعدة، وبعضهم غاضبون بسبب نقص المعلومات والخيارات عن كيف يستطيعون البقاء في مأمن من الإصابة بالفيروس".
وأضاف: "طريقة التعامل مع القضايا، حالةً بعد أخرى، التي تعتمد على البلديات لتقرر من يمكنها مساعدتهم بطيئة أكثر مما ينبغي وغير مكترثة بما هو قائم من أزمة صحية عامة مثل هذه التي نعيشها... هذه الحواجز أمام تقديم المساعدات يجب إزالتها من أجل الصحة العامة. نحن سنحتاج إلى الوضوح حول كيفية تمكن شخص ما ينام في العراء من الحصول على سكن آمن كي يقوم بالعزل الذاتي لنفسه".
وفي السياق نفسه، قال أليكس نوريس، أحد العمال الاجتماعيين في هذه الجمعية: "نحن نحيل الكثيرين من مشردي الشوارع على فرق تواصل (محلية للحصول على العون) لكنهم لحد الآن لم يُعثَر (على تلك الفرق) ولم يتم توفير الخدمات لهم. وهذا يعني أن الأشخاص الهشين يتركون في الشوارع خلال انتشار الجائحة – على الرغم من النداءات المستمرة للبلديات لجعل الحصول على الإقامة المؤقتة أسهل ما يمكن".
وقالت الحكومة إنها ستخصص مبلغاً إضافياً قدره 1.6 مليار جنيه إسترليني لتمويل السلطات المحلية كي تتمكن من القيام بخدماتها المتنوعة بما يتعلق بأزمة فيروس كورونا بما فيها توفير السكن للمشردين.
غير أن رابطة الحكومات المحلية أوضحت أن إسكان جميع الذين ينامون في العراء "ليست مهمة سهلة" وسألت الحكومة زيادة دعمها للبلديات التي تكد للحصول على مساكن وتشغيل عمال إضافيين لإنجاز الطلب.
وفي هذا الشأن أصدر مقر بلدية لندن تصريحاً جاء فيه أن هناك ما يقرب من 3 آلاف شخص ينامون في العراء في العاصمة وهؤلاء لهم الأولوية لأنهم إما في الشوارع أو في الملاجئ، فيما يوجد 9 آلاف شخص آخر يسكنون في فنادق، وهذا يعني أن لهم غرف نوم خاصة بهم لكن المرافق في الغالب تكون مشتركة.
وأضاف المتحدث باسم مكتب العمدة "نحن مستمرون في العمل مع شركائنا لتوفير غرف أخرى في الفنادق وجعل المساعدة المطلوبة، متوافرة في أقرب وقت ممكن".
واتصلت اندبندنت بوزارة الإسكان والمجتمع والحكم المحلي للحصول على تعليق.
© The Independent