Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلافات ميليشيات طرابلس تهدد حكومة "الوفاق"

وسط أزمة كورونا وتراجع الاهتمام الدولي

هناك انتقادات لأداء وزارة الصحة الليبية في مكافحة كورونا (رويترز)

بين مطرقة خلافات الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق في طرابلس وسندان كورونا الذي بدأ يتفشى في ليبيا، تترنح الحكومة التي تواجه أيضاً تقدماً حثيثاً من جانب وحدات الجيش الوطني الليبي في محاور ومناطق عدة.

وحتى مساء الأحد، 29 مارس (آذار)، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض التابع لحكومة الوفاق، عن تسجيل ثماني إصابات بفيروس كورونا، كاشفاً عن وجود 112 حالة مشتبهاً في حملها الفيروس لا تزال تخضع للفحوص، مع وجود 125 حالة أخرى في الحجر الصحي.

ووسط شكوك متزايدة في شأن قدرة الحكومة على مكافحة خطر الوباء المستجد، طالبت ثلاثين بلدية من المنطقة الغربية والجنوبية، ليل الأحد، الحكومة بإقالة وزير الصحة ووكيله لتقصيرهما في مواجهة كورونا. وأمهلت البلديات الحكومة، في بيان مشترك، 48 ساعة لتنفيذ مطلبها، وإلا فإنها ستوقف التعامل معها.

ومنذ تصاعد التحذيرات الدولية من خطر وباء كورونا، أعلنت السلطات في ليبيا عن جملة من الإجراءات الاحترازية، على رأسها إغلاق المدارس والمساجد والأسواق الشعبية ومنع التجمعات، وفرض حظر تجوال شامل في شرق البلاد، ومسائي في المناطق الخاضعة لسلطة حكومة الوفاق. 

ويقول رئيس المركز الوطني لمكافحة الأمراض، المخول رسمياً مجابهة فيروس كورونا، بدر الدين بشير النجار، إن حكومة الوفاق كانت سباقة في فرض عدد من الإجراءات الاحترازية، من بينها تشديد الرقابة على منافذ البلاد وإخضاع الداخلين إليها لكشف التصوير الحراري، قبل أن تقرر إغلاق المنافذ كلياً.

ويتحدث النجار لـ "اندبندنت عربية" عن خطط رصد واستجابة عملت عليها الحكومة بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، مؤكداً أن مركزه تتبع بشكل دقيق تسرب الفيروس إلى البلاد وحاول منعه بحسب امكانياته.

وأضاف "يجب أن لا ننسى أن الفيروس جاء بشكل مباغت لكل العالم وعجزت أمامه دول متقدمة. وبالمقارنة لم يسجل لدينا سوى ثماني حالات على الرغم من الإمكانيات المتدنية وعدم الاستعداد"، مشيراً إلى بدء التحضير لبناء غرف العزل وتوزيع سيارات الإسعاف والفرق الخاصة بالإشراف على الحجر الصحي في البيوت.

وإن أقر النجار بتأخر الاستعدادات، إلا أنه لفت إلى أن البلاد تعيش أزمات متراكمة وحرباً مستمرة لا يمكن معها مجاراة انتشار الفيروس وخطورته، مؤكداً أن لجان المركز تشرف على تدريب عدد من الأطباء الليبيين على كيفية التعامل مع الفيروس تحت إشراف خبراء من الصين للاستفادة من تجربتهم الناجحة. وعلى الرغم من كل ذلك يرى النجار أن إمكانية تفشي الفيروس في البلاد لا تزال كبيرة جداً.

سخط مصراته

وفيما لم ترد الحكومة على مطلب البلديات الثلاثين، حتى الآن، تبدو بلدية مصراته أولى تلك البلديات التي بدأت تجاوز الحكومة، فعلاوة على إعلانها "حظراً تاماً" في المدينة خلافاً لقرارات الحكومة، اتهمت غرفة الطوارئ الخاصة بمدينة مصراته الحكومة بـ "التقصير في دعم الجبهات ومحاور القتال".

ونقل عدد من سكان المدينة لـ "اندبندنت عربية" أجواء سخط تعيشها المدينة جراء مقتل عدد من أبنائها المقاتلين في صفوف الميليشيات، وقد بلغ عددهم 31 قتيلاً في معركة واحدة في محيط منطقة أبوقرين، 130 كم غرب سرت، مساء السبت الماضي.

وفيما يطالب الأهالي بسحب أبنائهم من مسرح القتال، لم يعترف المتحدث الرسمي باسم قوات الحكومة، محمد قنونو، بوجود أعداد كبيرة من القتلى، مشدداً على أن الميليشيات لا تزال تحافظ على كامل مواقعها في مختلف محاور القتال، سواء في جنوب طرابلس أو في غرب سرت.

وقال قنونو في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن ميليشيات الحكومة "أحرزت تقدماً مهماً" في اتجاه مدينة سرت. وإذ أعلن قنونو مقتل آمر غرفة عمليات سرت التابعة للجيش الوطني اللواء سالم درياق وعدد من جنود الجيش، خلال الاشتباكات الأحد، أعلن اللواء خالد المحجوب، آمر إدارة التوجيه المعنوي في القيادة العامة للجيش، أن درياق ورفاقه قُتلوا جراء غارة جوية نفذتها طائرة تركية مسيرة مساء السبت، ولم يكن في مواجهات ميدانية مباشرة.

وتوقع المحجوب، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، انهيار الميليشيات بسبب ضربات الجيش، مضيفاً أن "من أسباب انهيار الميليشيات إحباط المقاتلين الأجانب بعد تراجع تركيا عن عهودها لهم وعدم دفع مرتباتهم".

وفي مقابل تأكيد المرصد السوري لحقوق الإنسان وجود استياء كبير في أوساط المقاتلين السوريين في ليبيا، جزم قنونو أن من هم في جبهات القتال ليبيون ولا يشاركهم أي أجنبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتصف مصادر ليبية مطلعة أوضاع المقاتلين السوريين بـ"المأساوية"، وبأنها أعادت إلى الواجهة الخلافات بين ميليشيات طرابلس ومصراته،  فــ"ميليشيات طرابلس ترفض وجود السوريين في ميدان القتال، وذلك خلافاً لميليشيات مصراته التي جاءت بهم بعد تحالفها مع تركيا ووزعتهم على محاور القتال".

وقد شكل المقاتلون السوريون الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا مصدر قلق للمجتمع الدولي. ما أضطر الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق عملية لمراقبة تنفيذ قرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة تحت مسمى "ايريني". وقد اعتُرضت، مساء السبت، سفينة تركية تحمل شحنة أسلحة متجهة إلى ليبيا وأُجبرت على العودة إلى تركيا.

تراجع الاهتمام الدولي

يعزو الباحث السياسي، عبد القادر أمشالي، تجدد القتال وارتفاعه إلى هذا المستوى من العنف، إلى "انهيار الجهود الدولية لتسوية الأزمة الليبية"، مضيفاً "لعل استقالة المبعوث الأممي غسان سلامة، مطلع مارس (آذار)، أولى ملامح انهيار محادثات السلام بمساراتها الثلاثة".

ويرى امشالي أن "تراجع اهتمام مجلس الأمن بتنفيذ قراراته في شأن وقف إطلاق النار، وانخفاض مستوى التعامل الدولي مع الأطراف الليبية إلى مستوى المناشدة من أجل هدنة إنسانية، أمران يشيران إلى دلالة صريحة مفادها ترك المجتمع الدولي ليبيا لمواجهة مصيرها".

لا يتحمّس امشالي لمقولة أن وباء كورونا شغل العالم فتراجع الاهتمام الدولي بليبيا. وإذ يذكر بأن الأمم المتحدة والدول المعنية بالملف الليبي قللت من حضورها الفاعل في ليبيا قبل ظهور جائحة كورونا، يؤكد أنه يمكن إجبار المتصارعين على وقف نزيف الدم الليبي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي