أكّد وزير الطاقة والمناجم والانتقال الطاقي في تونس منجي مرزوق، توفّر مخزون المحروقات والنفط لأكثر من شهر، مشيراً إلى توجّه نحو توفير احتياطي من المواد البترولية لأكثر من ثلاثة أشهر والاستفادة من هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وطمأن مرزوق التونسيين بشأن تأمين الغاز المنزلي، داعياً كل المواطنين إلى الاقتصاد في استهلاك الغاز والكهرباء والماء، في هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد.
فما هي الآليات التي تمكّن تونس من الاستفادة من الهبوط غير المسبوق في سعر البترول في العالم؟ وكيف ستواجه البلاد التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا؟
فيروس كورونا
اتّخذت الحكومة التونسية جملة من القرارات لمواجهة انتشار الفيروس الذي فتك بمختلف دول العالم، وهي إجراءات ستكون لها كلفة اقتصاديّة بالنظر إلى ما تعانيه الميزانية من عجز وصعوبة تعبئة الموارد المالية في السوق الدولية في ظل هذه الظروف.
ومن بين الحلول التي ستعمل الدولة على اتباعها، تكوين احتياطي من النفط سواء بالتخزين، على الرغم من محدودية إمكانيات التخزين في البلاد، أو توقيع العقود الآجلة بالأسعار الحالية المنخفضة تقريباً.
أكد أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسيّة رضا الشكندالي، لـ"اندبندنت عربية"، أنه بإمكان الحكومة أن تغطّي الكلفة المالية للإجراءات المتخذة لمواجهة تفشي الفيروس من خلال الاستفادة من هبوط الأسعار العالميّة للنفط وتوجيه موارد الدعم في مجال الطاقة إلى تغطية كلفة هذه الإجراءات، المقدرة بحوالى 2.5 مليار دينار (حوالى 670 مليار دولار).
تغطية كلفة الدعم
وأضاف الشكندالي أنه نظراً إلى فتراض ميزانية الدولة لعام 2020 أن السعر العالمي للنفط هو 65 دولاراً للبرميل الواحد، بينما هو حالياً في حدود 32 دولاراً أو أقل، فإنه يمكن اعتبار الأزمة الحالية التي تشهدها أسواق النفط العالمية فرصة لتونس للاستفادة، عبر إبرام عقود آجلة مع الجزائر والاستفادة من قدرتها التخزينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقدّر الربح المالي الذي ستحققه تونس بـ 142 دولاراً لكل تراجع بدولار واحد في الأسعار العالمية، داعياً إلى تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية مع الجزائر حول مسألة التخزين الاستراتيجي، الذي قد يوفّر لها مبلغاً مالياً مهمّاً يقدر بـ 4.2 مليار دينار (حوالى 1.3 مليار دولار)، وهو يساوي تقريباً مبلغ الدعم ذاته المبرمج في ميزانية الدولة لهذه السنة.
وأشار إلى أنّ الحكومة التونسية يمكنها استغلال هذا المبلغ لمؤازرة المؤسسات والمهن الصغرى والمتوسطة والمتضرّرة من أزمة كورونا.
التفاوض مع صندوق النقد الدولي
من جهة أخرى، شدّد الشكندالي على أن تراجع الأسعار العالمية للنفط وحسن تصرّف الحكومة التونسية حياله قد يوفّر فرصة مهمّة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول تسريح الأقساط العالقة (السادس والسابع)، وهي في حدود 1.2 مليار دولار، أي ما يمثّل حوالى 40 في المئة من حاجة تونس للاقتراض الخارجي لتمويل ميزانيتها لعام 2020.
وحول إمكانية تخفيض الأسعار المحلية للمواد النفطية، استبعد أستاذ الاقتصاد هذا الخيار، مؤكداً أنّ تونس تمرّ بظرف استثنائي، داعياً المواطنين إلى التضامن مع الدولة في مجابهة هذه المحنة وتحمّل الأسعار الحالية.
تراجع متوقع للنمو الاقتصادي
في المقابل، توقّع الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في حديث لـ "اندبندنت عربية"، حصول تأثيرات سلبية وخطيرة لأزمة كورونا في الاقتصاد التونسي، مشيراً إلى إمكانية تراجع نسبة النمو إلى -5 في المئة.
وحول إمكانيات تكوين احتياطي استراتيجي من النفط، أكد أنّ طاقة التخزين في البلاد محدودة، لكن يمكنها أن تلجأ إلى إبرام العقود الآجلة من أجل توفير حاجاتها للأشهر المقبلة والاستفادة من هذا الظرف الذي يمرّ به الاقتصاد العالمي.
كما دعا إلى إعادة صياغة قانون مالية جديد يأخذ في الحسبان الوضع الطارئ جرّاء تفشي كورونا، والعمل على حماية وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار والحفاظ على المؤسسات الاقتصادية.
فهل تُفعّل تونس دبلوماسيتها الاقتصادية مع الجارة الجزائر، وتعمل على تكوين احتياطي نفطي لديها يمكّنها من تجاوز هذه المحنة؟