Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عاصفة السلام" تنجلي عن كارثة لقوات "الوفاق" الليبية

فقدت أربع مدن ومعبرا حدوديا استراتيجيا

أتت العملية العسكرية التي أطلقتها قوات حكومة الوفاق الليبية، تحت اسم "عاصفة السلام"، للهجوم على قوات الجيش في تخوم طرابلس، بنتائج عكسية تماماً، فما أن انجلى ضوء نهارها الأول، حتى كشف فقدانها أربع مدن ومعبراً حدودياً استراتيجياً في يوم واحد.

بداية التصعيد

وكانت قوات حكومة الوفاق، شنت هجوماً مباغتاً صباح الأربعاء ( 25-3-2020)، على قاعدة الوطية الجوية العسكرية جنوب غربي طرابلس، وهي أكبر القواعد التابعة للجيش، في غرب البلاد.

وبعد إطلاق العملية، اعترف فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، بأنه من أعطى التعليمات للقوات التابعة له، للهجوم على القاعدة، تحت اسم "عملية عاصفة السلام"، ضد قوات الجيش التي وصفها بـ"المعتدية" على حكومته.

وأعلن السراج، في بيان نشره المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق، مسؤوليته عن خرق الهدنة، قائلاً "أكدنا دائماً على أننا لن نقف مكتوفي الأيدي، تجاه الاعتداءات المتكررة على المدنيين". وأضاف "نحن حكومة شرعية مدنية، تحترم التزاماتها تجاه المجتمع الدولي، لكنها ملتزمة قبل ذلك تجاه شعبها، وعليها واجب حمايته".

وصرح المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في حديث تلفزيوني، أن "القوات المسلحة جاهزة لصد أي هجوم عليها، في أي منطقة بالأراضي الليبية"، داعياً "المجتمع الدولي إلى إدانة خرق الميليشيات المسلحة للهدنة الإنسانية، ومحاولة الهجوم على مواقع الجيش".

وأوضح "نحن لم نخرق الهدنة الإنسانية، لكن الميليشيات خرقتها بالهجوم على القوات المسلحة".

هجوم معاكس

بعد الهجوم، أعلنت قوات الجيش التصدي له، وبينت في مقاطع مصورة استمرار سيطرتها على القاعدة، وقتل وأسر عدد من المقاتلين، بينهم سوريان وعدد من الآليات.

من جهة ثانية، ساد توقع بأن تهدأ الأمور إلى حين، كما بات معتاداً في الأشهر الأخيرة، بعد كل اشتباكات يخوضها الطرفان، لكن الهجوم الذي شنته حكومة الوفاق على مواقع الجيش الذي عدته الأخيرة خرقاً للهدنة الإنسانية المتفق عليها، منحها ضوءاً أخضر للرد، الذي كان أوسع وأشد مما توقع الجميع.

نتائج كارثية

بعد ساعات قليلة من هجوم قوات الوفاق على الوطية، ظهرت نتائجه الكارثية عليها، بإعلان الجيش بالصوت والصورة دخوله وسيطرته على ثلاث مدن هامة، هي الجميل والعسة ورقدالين، غرب طرابلس، وتكمن أهميتها الاستراتيجة في موقعهما المحاذي للحدود التونسية، والمؤدي إلى معبر رأس جدير البري الرئيس مع تونس.

وقالت كتيبة طارق بن زياد المُقاتلة التابعة للجيش في بيان مقتضب إن "وحداتها مع وحدات أخرى للجيش، دخلت مدن رقدالين والجميل العسة، وبسطت سيطرتها الكاملة عليها" .

مفاجآت جديدة

لم تقف التطورات المتسارعة عند هذا الحد، بل كشفت الساعات الأولى من اليوم الخميس، المزيد منها، حيث أعلن الجيش دخوله إلى مدن أخرى، أهم من سابقاتها، وبث مقاطع مصورة لدخول طلائعه إلى مدينة زلطن، التي تحوي أهم خطوط الغاز الليبية، الممتدة مباشرة عبر البحر إلى إيطاليا .

وواصلت قوات الجيش تقدمها، وحاصرت مدينة زوارة، عاصمة الأمازيغ في ليبيا والمدينة الأخيرة في الطريق إلى معبر رأس جدير الحدودي مع تونس.

وكشفت مصادر صحافية ومحلية ليبية متطابقة، أن مفاوضات تجري بين قيادات في الجيش وأعيان المدينة لتسليمها سلمياً في الساعات المقبلة.

إلى الحدود التونسية

في السياق ذاته، كشفت كتيبة 82 مشاة التابعة للجيش، في وقت مبكر من صباح اليوم، أن "القوات المسلحة وصلت إلى محيط معبر رأس جدير، المنفذ الحدودي الليبي الرئيس مع تونس، من دون أن تستلم أو تقتحم المعبر".

وأضافت الكتيبة في بيانها أن "القوة الموجودة بالبوابة انسحبت، وأنَّ آمر مجموعة عمليات الزاوية في الجيش، اللواء عبد الله نور الدين، طالب وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة، التواصل مع الحكومة التونسية، وإبلاغها بأن وحدات الجيش موجودة بالقرب من الحدود التونسية".

وقالت الكتيبة إن "هذا الإجراء اتخذ، لأن الجيش الوطني يحترم كل القوانين والأعراف المعمول بها دولياً، بحسب قولها".

وفي تعليقه على كل هذه التطورات المتسارعة، قال اللواء خالد المحجوب، آمر إدارة التوجية المعنوي بالجيش، لـ"اندبندنت عربية"، "إن قوات الجيش في طريقها لبسط سيطرتها على كامل الشريط الحدودي مع تونس، لتصبح كل المعابر الحدودية البرية الليبية مع دول الجوار في يدها".

وأضاف أن "قوات الوفاق ارتكبت خطأ فادحاً، بانتهاك الهدنة ومهاجمة مواقع الجيش، وهي تدفع الأن ثمناً باهظاً لهذا الخطأ"، معتبراً أن "الجيش لن يلتزم بعد الآن بأي اتفاق مع هذه المليشيات، بعد أن تبين للعالم أنها لا تفي بأي عهود ولا تحترم أي اتفاق تقوم بعقده".

محاولة لتخفيف الضغط

ومع زحف الجيش الليبي، على المدن الواقعة على كامل الشريط الحدودي مع تونس، وانتزاعها واحدة تلو الأخرى، حاولت قوات حكومة الوفاق تشتيت انتباهه، لوقف هذا التقدم السريع، بشن هجوم متزامن في محاور عين زارة والساعدية والنقلية وصلاح الدين والرملة جنوب طرابلس.

خلافات داخلية

في سياق متصل، أثارت الخسائر الكبيرة التي تكبدتها قوات الوفاق في يوم واحد، بعد إعلانها الهجوم على مواقع للجيش، خلافات جديدة في صفها الداخلي، حيث قال سمير الصفروني، القيادي التابع لمدينة مصراتة، إن "القائد الميداني في حكومة الوفاق أسامة جويلي لا يصلح للقيادة".

وانتقد الصفروني النتائج التي خلفها هجومه على قاعدة الوطية، قائلاً "بدلاً من التمركز والتقدم حدث العكس وسقطت زلطن والجميل ورقدالين والعسة في يوم واحد".

وأضاف "بوجود جويلي على رأس غرفة العمليات ستسقط بقية المدن الغربية واحدة تلو الآخرى، فالمسافة بين زلطن ورأس جدير أقل من 40 كيلومتراً".

واعتبر الصحافي الليبي هشام يوسف في تصريحات إلى"اندبندنت عربية" أن "المواقع التي سيطر عليها الجيش في يوم واحد، تحمل أهمية استراتيجية لا تقدر بثمن، فهي لا تعني فقط السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع تونس، وتضييق الخناق أكثر على حكومة الوفاق، بل يعني السيطرة على خطوط الغاز، مع سيطرته على كل حقول وموانئ النفط، ما يعني أن كل مصادر الطاقة في ليبيا باتت في حوزته".

وأضاف "السيطرة على مصادر الطاقة بالكامل، تعني امتلاك أكبر ورقة ضغط وتفاوض، خصوصاً في إطار حشد وكسب الحلفاء الدوليين، خصوصاً في أوروبا، التي تشكل لها مصادر الطاقة الليبية الكثير"، معتبراً أن "نتائج امتلاك هذه الورقة الرابحة، ستظهر بعد تلاشي أزمة فيروس كورونا، وما ستكشف عنه من أثار مخيفة في اقتصاد العالم ككل والقارة الأوروبية تحديداً".

المزيد من العالم العربي