أطلق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط مبادرة "إسكات المدافع" ووقف الصراع بمناطق النزاع وسط تفشي جائحة كورونا، واعتبر أن أي خلاف في الوقت الراهن يعد نوعا من العبث.
وقال أبو الغيط، في رسالة بمناسبة الاحتفال بالعيد الماسي على إنشاء الجامعة، "في مثل هذا اليوم منذ 75 عاماً اتخذ العربُ قراراً تاريخياً بتأسيس بيت جامع يضمهم في رحابه، ونظام مؤسسي يُترجم الرابطة الحضارية التي يشعرون بها إزاء بعضهم البعض. تلك هي الجامعة العربية التي جسدت وعياً جديداً سرى في أوصال هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها بأن لسانها عربي، وثقافتها عربية، وشعورها وضميرها ووجدانها عربي".
وأضاف الأمين العام للجامعة العربية، "أن المنظمة قطعت رحلة طويلة من التحديات، ومن الإنجازات والإخفاقات، وعبرت عن صوت العرب الجماعي وجسدت دفاعهم من قضاياهم ومقدراتهم، ماوسعهم جهدهم، وفي ضوء مُعطيات زمانهم".
وأكد أن الجامعة لا تُعاني أزمة وجود؛ إذ لم تكن هذه الأمة أحوج إلى هذا البيت الجامع في أي وقتٍ مضى أكثر مما هي الآن، ذلك أن الدولة الوطنية العربية تواجه اليوم تحدياتٍ غير مسبوقة في حدتها وخطورتها. تحدياتٍ تتعلق، في بعض الحالات للأسف، بوحدة ترابها وسيادتها ووجودها ذاته"، مُضيفاً، "هي تحديات لن تستطيع الدول العربية مواجهتها فُرادى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع، "لن يستطيع العرب اللحاق بالعصر وحماية مقدراتهم المادية والبشرية، وهي أكثر مما نتصور، إلا لو اقتنعوا بأن أمنهم القومي وحدة واحدة، وكلٌ لا يتجزأ، من هُرمز إلى جبل طارق، ومن النيل إلى الجولان".
وشدد أبو الغيط على أن الدول العربية لا تزال بحاجة إلى مفهوم متطور وشامل للأمن القومي العربي، وأن المسافة بين الطموح والواقع كبيرة فيما يتعلق بتحقيق التكامل الاقتصادي، مُشيراً إلى أن إصلاح العمل العربي المشترك مطلوب بل واجب، شريطة أن يكون هذا الإصلاح بمنطق البناء لا الهدم، وبهدف تطوير ما هو قائم وليس تبديده، خاصة أن أحداً لا يملك برنامجاً بديلاً لما توفره الجامعة، بمجالسها ومنظماتها المتخصصة، من آليات وأدوات للتنسيق والتعاون بين الدول العربية.
واختتم رسالته بقوله، "يظل دورنا وقد تسلمنا الراية أن نواصل المسيرة، وأن نضمن أن يبقى علم هذه الجامعة خفاقاً عالياً، وأن تبقى جامعتنا منيعةً ضد معاول الهدم، حصينة في مواجهة دعاوى التفتيت".
إسكات المدافع ووقف الصراعات
وفي سياقٍ متصل، أشار مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن أبو الغيط اغتنم فرصة العيد الماسي للجامعة، وأطلق مناشدة بإسكات المدافع ووقف الصراعات على كافة الجبهات العربية المشتعلة، في سوريا واليمن وليبيا.
وجاء في مناشدة الأمين العام، "أن بعض هذه الأزمات، وبالذات في سوريا واليمن، كانت له تكلفتها الإنسانية الهائلة. وفي سوريا على وجه الخصوص، أجمع الكثيرون على أن البلاد تواجه أخطر أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية مع وجود نحو نصف السكان بين أماكن اللجوء والنزوح. ومنذ اشتعال المواجهات في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شُرد نحو مليون سوري. ولا ينبغي أن يُنسينا الوباء الحالي أن أهلنا في اليمن يُعانون بالفعل، ومنذ ثلاثة أعوام، من تفشي وباء الملاريا الذي تجاوز عدد المصابين به نحو 116 ألفاً حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي".
مواجهة كورونا
وتطرق أبو الغيط إلى تداعيات تفشي فيروس كورونا بقوله، "إن هذه الأوضاع الإنسانية الخطيرة هي عرضٌ للمرض الأصلي وهو استمرار النزاعات. لقد آن للمدافع التي يقتل بها أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض أن تسكت، خاصة أن الوضع العالمي في مواجهة جائحة كورونا يجعل من استمرار مثل هذه النزاعات نوعاً من العبث".
ودعا أبو الغيط كافة الأطراف إلى وقفة صادقة مع النفس، مطالباً بإيقاف القتال على كافة الجبهات العربية المشتعلة، مضيفاً أن الأزمة التي تواجه العالم ستضغط على جميع الموارد المتاحة، وستحتل مواجهة الجائحة الأولوية المطلقة بين برامج المساعدات، بما يُرتب معاناة أكبر على الجماعات التي تُعاني بالفعل أزماتٍ إنسانية، واللاجئين والنازحين والفئات الأضعف.