Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

67 حكم إعدام في فلسطين خلال ثلاث سنوات

أحكام الإعدام تتزايد في غزة وتتناقص في الضفة الغربية، وسط ترهّل المنظومة القضائية الفلسطينية والانقسام

وقفة احتجاجية للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في العام 2018 (اندبندنت عربية)

أثارت قضية إعدام السلطات المصرية تسعة شبان، على خلفية إدانتهم بالضلوع في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات في العام 2015، حفيظة بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين، الذين اعترضوا على تطبيق عقوبة الإعدام، بدعوى أن لا حق لأحد بسلب روح إنسان.

لكن هذا الاعتراض على عقوبة الإعدام، لا يعني أن فلسطين خالية منها سواء على الصعيد القانوني أو التنفيذي. فالأعوام الثلاثة الماضية شهدت إصدار 67 حكماً بالإعدام، نُفذ منها 11، وجميعها كانت في قطاع غزة، ليصل مجموع الأحكام منذ مجيء السلطة الفلسطينية في العام 1994 إلى 218 حكماً، صدر 188 منها في قطاع غزة و30 في الضفة الغربية، ونُفذ منها 41 حكماً، وفق آخر الإحصاءات التي أوردها مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية (شمس) هذا العام.

الإعدام باقٍ

على الرغم من مصادقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في يونيو (حزيران) العام 2018 على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، إلا أن العقوبة لا تزال موجودة في القوانين الفلسطينية على اختلاف أماكن تطبيقها. فقانون العقوبات الأردني رقم 16 للعام 1960، المطبق في الضفة الغربية، يُعاقب بالإعدام على 17 جريمة. أما قانون العقوبات الانتدابي رقم 74 للعام 1936، المطبق في قطاع غزة، فيعاقب بالإعدام على 15 جريمة. في حين يفرض قانون العقوبات الثوري الإعدام في 42 حالة. ومن أشهر الجرائم: القتل والتخابر والتآمر على قلب نظام الحكم وغيرها. لكن في الأعوام الماضية، صدر حكم الإعدام في قطاع غزة على تهم كالاتجار بالمخدرات، وهي غير واردة في أي من القوانين الفلسطينية.

كانت آخر حالات تنفيذ الإعدام، في العام 2018، بحق شخص أدين بتهمة التخابر مع الإسرائيليين، والتسبب في مقتل ثلاثة من قادة كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في الحرب على غزة في العام 2014. وقبل ذلك نُفذ الحكم بحق ثلاثة أشخاص بتهمة اغتيال القائد في كتائب القسام مازن فقها في شكل علني. إذ جُعل مكان تنفيذ حكم الإعدام مفتوحاً أمام من يريد الحضور من دون تحديد فئة عمرية معينة، وقد نُفذ رمياً بالرصاص بحق اثنين من المدانين، وشنقاً بحق الثالث.

هل الإعدام مقبول اجتماعياً؟

حين سألنا الناس إذا كانوا يوافقون على تطبيق حكم الإعدام، تباينت الآراء. فالمؤيدون رأوا أن الإعدام موجود في الدين الإسلامي كعقوبة على القتل والزنا والتجسس والارتداد عن الدين، وأنها عقوبة رادعة لمن يقتل أو يغتصب أو يتسبّب بفتنة، في حين اعتبر آخرون أن الإعدام يجب أن يطبق في فلسطين، لأن السجن والأشغال الشاقة ليسا كافيين. إذ يخرج الجاني بعد سنتين أو ثلاثة وقد يكرّر جريمته، كما قال أحدهم، وبالتالي لا معنى لهذه العقوبات.

أما من يرفض هذه العقوبة، فيرى أن فلسطين ليست دولة مستقرة وعادلة، وبالتالي تغيب ضمانات الحكم العادل فيها، ما يعني عدم دقة الحكم الذي من الممكن أن يُثبت عكسه لاحقاً. كما أن أحداً لا يحق له قتل إنسان آخر، لذلك فإن السجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة أفضل خيار للعقاب، وقد يعطي فرصة للجاني للدخول في برامج تأهيلية ويتراجع عما فعله.

إعدام غير قانوني

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول عمر رحال، مدير مركز "شمس"، إن 28 حكماً من الأحكام التي نفذت في قطاع غزة، بعد الانقسام الفلسطيني في العام 2007، كانت من دون توقيع الرئيس عباس، وهو ما يخالف القانون الأساس وقانون الإجراءات الجزائية، وبالتالي هي أحكام غير قانونية. ويضيف رحال أن بعض إجراءات التحقيق وإصدار الحكم وتنفيذه تمّت في أقل من أسبوع واحد، وفي هذا غياب لإجراءات المحاكمة العادلة من تحقيق من دون تعذيب وضغط للاعتراف أو الإقرار بالجرم، والحق بوجود محام والحصول على فرصة لتقديم الاستئناف وغير ذلك. إذ إنه في إحدى القضايا، طالبت مجموعة من رجال العشائر في قطاع غزة بإعدام 13 شخصاً، ليُنفذ الحكم بحق 3 منهم في الأسبوع التالي. وفي العام 2016 أصدرت كتلة الإصلاح والتغيير، التابعة لـ "حماس"، قراراً قالت فيه إن "توقيع الرئيس على أحكام الإعدام هو إجراء شكلي"، على الرغم من وجود نصه في القانون.

كل عام تنظّم المراكز الحقوقية في فلسطين وقفات احتجاجية للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام من القانون. وعن سبب الاعتراض، يوضح رحال أنه لم يثبت حتى الآن في أي دولة أن عقوبة الإعدام كانت رادعاً لمنع انتشار الجريمة أو كثرتها، وهو ما يدفع المراكز الحقوقية إلى الدعوة إلى التركيز على التنمية ومحاربة الفقر والفاقة والبحث عن مزيد من الفرص للشباب من أجل الحدّ من أسباب الجريمة، إضافة إلى المطالبة بعقوبات أخرى غير الإعدام وتقديم المتهمين إلى المحاكم المدنية وليس العسكرية، لأن عدداً كبيراً ممن حُكم عليهم بالإعدام مثلوا أمام محاكم عسكرية.

القضاء الفلسطيني مترهّل

أوضح إبراهيم البرغوثي، مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء، أن المنظومة القضائية الفلسطينية مترهّلة، ما يعني عدم توافر ضمانات المحاكمة العادلة أو المستقلة. وهذا ما يجعل من الصعب تنفيذ عقوبة الإعدام بحق أحد المدانين أو المتهمين، ثم إن البشر خطّاؤون والإعدام هو الحكم الوحيد الذي لا يمكن التراجع عنه.

ويضيف البرغوثي أنه يجب إصدار تشريعات تتواءم مع البروتوكول الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام، والعمل على الوقوف على أسباب التوجّه إلى الجريمة، كالتخابر أو السرقة أو القتل، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بدل التوجه إلى تطبيق ثقافة الثأر، التي يفترض بالقضاء أن يحاربها.

المزيد من الشرق الأوسط