أحدث ارتفاع الإصابات بفيروس "كورونا" في الجزائر، إضافةً إلى عدد الوفيات، فوضى وهيستيريا شعبية مقابل حالة طوارئ حكومية، ما استدعى خروج الرئيس عبد المجيد تبون بخطابات طمأنة، وعقده اجتماعات أمنية لاتخاذ إجراءات عاجلة، بلغت حد تعليق الصلوات في المساجد وإعلان أكبر حجر صحي في تاريخ البلاد، بإجلاء أكثر من 1800 مسافر من فرنسا.
ارتفاع جنوني في الأسعار
وشهدت أسعار مختلف المواد الغذائية الاستهلاكية والخضار ارتفاعاً جنونياً تجاوز الـ 100 في المئة، بعد تزايد الطلب عليها من قبل المواطنين الذين أوجدوا جواً من الفوضى، جراء إعلان وزارة الصحة بشكل دوري عن توسع دائرة المصابين بالفيروس وارتفاع عدد الوفيات، الأمر الذي أحدث حالة هيستيريا ترجمتها الطوابير أمام المصارف ومختلف نقاط سحب الأموال، وازداد المشهد سوءاً مع تسجيل نقص في السلع الضرورية.
وحمّلت منظمة المستهلكين المواطنين مسؤولية الفوضى وارتفاع الأسعار بعدما اكتسحوا المساحات التجارية والأسواق من دون أسباب تستدعي ذلك، مؤكدةً أن هذه التصرفات أسهمت في عودة المضاربين والسماسرة والمحتكرين إلى ممارساتهم السابقة، وقالت إنّ "من يظن أن العصابة قد رحلت، فهو واهم"، محذّرةً من سيناريو أسوأ إذا استمر جشع المواطنين ولهفتهم على التسوق، أي حينها سترتفع الأسعار إلى أضعاف مضاعفة، وداعيةً السلطات الوصية إلى تطبيق قانون تجريم المضاربة في الأسعار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما عبّر رئيس جمعية التجار والحرفيين الطاهر بولنوار، عن استهجانه لسلوك بعض التجار الذين استغلوا "قلق وتخوف" المواطنين من "كورونا" لرفع الأسعار، داعياً المواطنين إلى تجنب مثل هذه السلوكيات التي تؤثر في الأسعار وفي مستوى التموين بالسلع.
التجارة تضرب بيد من حديد
وسارعت وزارة التجارة إلى احتواء الأزمة بتوجيه تعليمات للجان المراقبة للخروج إلى الأسواق والمساحات التجارية والضرب بيد من حديد، واتّخاذ إجراءات ردعية ضد التجار المضاربين، وطمأنت إلى أنه سيتم التحكم في الوضع وتسوية الأمور وإعادتها إلى مجراها الطبيعي، مؤكدةً أنّ وزير التجارة كمال رزيق منح المصانع تراخيص لبيع السلع في نقاط محددة وعبر شاحنات متنقلة مباشرة للزبون، لمواجهة ندرة السلع وكسر المضاربة في الأسعار.
وقال رزيق إن الأسواق فيها ما يكفي من السلع حتى الثلاثي الأول من السنة المقبلة، موضحاً أن "حرب الإشاعة بثت الهلع والخوف في أوساط المواطنين وغيّرت سلوكياتهم، الأمر الذي أنعش المضاربة من قبل أشباه التجار ومصاصي دماء المواطنين الذين استثمروا في هذا الوضع وتلاعبوا بالأسعار". وتابع أن "ممارسات بعض أشباه التجار لا تعني البتة خروجهم عن سيطرة قوانين الجمهورية ولا ضعفاً من السلطات، بل نحن نريد أن تكون علاقة وزارة التجارة بالتجار علاقة الأخ بأخيه وتكامل وليست تضاداً".
قطع شعرة معاوية
وأوضح رزيق أن وزارة التجارة تسعى إلى "أخلقة العمل التجاري"، ولا تريد فتح باب الصراعات مع هؤلاء التجار، "بقدر ما نريد تنظيم حال هؤلاء شيئاً فشيئاً، لكن "تم قطع شعرة معاوية من طرفهم"، مضيفاً أنه "في الوقت الذي يُفترض أن نكون صفاً واحداً في هذه المحنة التي أصابت الجزائر والعالم، نجد الانتهازيين من التجار يسعون إلى الثراء على عاتق المواطن البسيط، وهؤلاء لن نرحمهم، سواء كانوا تجار جملة أو تجزئة، ومصالح وزارة التجارة بالتنسيق مع كل القطاعات ومصالح الأمن، تعمل في هذا الصدد".
أكبر حجر صحي في تاريخ البلاد
من جهة أخرى، تشهد البلاد أكبر حجر صحي في تاريخها، بعد وصول باخرتين إلى الجزائر العاصمة ومدينة وهران، آتيتين من مارسيليا الفرنسية وعلى متنهما حوالى 1800 مسافر. وأكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد الرحمن بن بوزيد، أنه سيتم تطبيق الحجر الصحي مباشرة على الوافدين الذين تكفّلت الدولة بإجلائهم من فرنسا حيث ينتشر الفيروس بشكل مقلق.
وخصصت السلطات فنادق عدّة ومنتجعات سياحية فخمة للحجر الصحي لمدة 14 يوماً على المسافرين الآتين من فرنسا على متن الباخرتين، بينما تقرّر الإبقاء على السيارات داخل الباخرة تحسباً لعملية التعقيم، كما تم الاحتفاظ بالطاقمين البحريين في الحجر على مستوى الباخرتين.
أكثر من 1800 يرفضون الحجر الصحي؟
كاد الوضع أن يخرج عن السيطرة بعد رفض المسافرين وضعهم في الحجر الصحي، وقد احتجوا من على متن الباخرتين بمجرد رؤيتهم الحافلات وعناصر الأمن، لولا التعامل اللّين من جانب السلطات وتفهم المسافرين، ليتم نقل الجميع إلى الوجهات المخصصة.
وكان الرئيس تبون قد أمر بالتكفل بإعادة المسافرين الجزائريين العالقين في المطارات الأجنبية، إثر قرار غلق المطارات والموانئ الجزائرية كإجراء احترازي، للوقاية من انتشار وباء "كورونا" المستجد. وأوضح بيان لرئاسة الجمهورية أن خلية تضم الدوائر الوزارية المعنية تعكف تحت إشراف الوزير الأول، على دراسة الطريقة الأسرع والأنجع لنقل هؤلاء العائدين المدعوين إلى الصبر والهدوء وتفهم الظروف التي فرضها انتشار الوباء، وسيجري توجيههم مباشرة إلى أماكن مخصصة للحجر الصحي، حفاظاً على سلامتهم وسلامة المواطنين.
كما ترأس تبون اليوم الخميس 19 مارس (آذار)، اجتماعاً تكميلياً للاجتماع الذي عُقد في 17 مارس، لمناقشة موضوع تفشي وباء "كورونا". وأشار بيان الرئاسة إلى أن الاجتماع حضره الوزير الأول وعدد من الوزراء ومسؤولون في المصالح الأمنية.