Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سقوط ظريف ليس خطيراً على إيران فحسب - بل سيعزز النظرة الأميركية الخاطئة للشرق الأوسط

متحضّر ومتعلم من الولايات لمتحدة، وزير خارجية إيران كان دائما مشكلة لإدارة ترمب ولأولئك الذين يصورون الحكومة الإيرانية على أنها مجموعة من المتعصبين الدينيين والهمجيين

إن عرض الاستقالة الذي تقدم به محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، له أهمية كبيرة لإيران والعالم الخارجي، حيث أن رحيله سيضعف بشكل كبير الحكومة الإصلاحية لحسن روحاني، ويقوي المتشددين في البلاد ويساعد إدارة ترمب في سعيها لتغيير النظام في طهران.

القلق العميق بشأن ما يتكشف من أحداث ظهر في تحرك 160 من أصل 290 عضو في البرلمان الإيراني للتوقيع على عريضة تحث ظريف على البقاء. هذا التحرك جاء في غضون ساعات من إعلانه عبر موقع إنستغرام أنه مغادر، فيما قال نواب آخرون إنهم سيضعون أسماءهم على العريضة.

وانخفض مؤشر بورصة طهران بنسبة 1.1 في المائة في غضون 24 ساعة، وأبدى رجال الأعمال ومصرفيو البلد قلقهم بشأن رد فعل المستثمرين الأجانب – الذين كانت أعدادهم تنخفض سلفاً بعد إعادة فرض العقوبات التجارية الأميركية.

وكان ظريف المهندس الرئيسي من الجانب الإيراني للاتفاق الدولي بشأن برنامجها النووي - وهو الاتفاق الذي استغرق سنوات من التفاوض، والذي يؤكد خمسةٌ من الموقعين (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين)، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، على أنه يعمل ويجعل العالم مكانا أكثر أمنا.

ومع ذلك، فإن الموقِّع السادس، الولايات المتحدة، بتشجيع من إسرائيل ومجموعة من دول الخليج السنية، يحاول تحطيم الصفقة.

اتخذت دول أوروبا الغربية إجراءات لحماية خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) وهو ما أثار حفيظة إدارة ترامب.

لكن الإجراءات العقابية الأميركية تعني أن المنافع التجارية التي كان من المفترض أن تأتي مع الصفقة أخذت تتلاشى، وفي إيران يدعو المتشددون إلى عودة البلاد إلى تطوير برنامجها النووي.

ظل ظريف يكافح لمنع هذا، ويبقى هو محاور إيران مع الغرب، ولا ينبغي الاستهانة بالضغط الذي تواجهه إدارة روحاني بهذا الشأن.

ومن خلال تغطيتي لآخر الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية في إيران، أتذكر الادعاء المستمرة لمرشحي المعارضة والأحزاب المتشددة بأن الغرب لا يمكن الوثوق به، وأن الاتفاق النووي يشكل خطرا جسيما على الأمن القومي.

تحدث ظريف عن الضغوطات الداخلية في مقابلة مع صحيفة "جمهوري إسلامي" ، عقب استقالته. "علينا أولاً إخراج سياستنا الخارجية من قضية الصراع بين الأحزاب والفصائل... إن السم القاتل للسياسة الخارجية هو أن تصبح قضية لهذا الحزب والصراع بين الفصائل."

هناك ادعاءات بأن وزير الخارجية شعر بأنه يجري تهميشه، خلال زيارة قام بها مؤخراً بشار الأسد إلى طهران. التقى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بالرئيس السوري، ومعه الجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري المنتشر بقوة في الحرب السورية، لكن من دون ظريف.

والسؤال الآن هو ما إذا كان الرئيس روحاني سيقبل الاستقالة وفقدان أحد حلفائه الرئيسيين، أو في الحقيقة ما إذا كان آية الله خامنئي سيرغب بهذا المثال البارز للانقسامات الداخلية في وقت مضطرب.

الانقسامات الخارجية بشأن إيران تكشفت هذا الشهر في مؤتمر ميونيخ السنوي للأمن، حيث شن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس هجوما على حلفاء الناتو، قائلاً: "لقد حان الوقت لشركائنا الأوروبيين للانسحاب من الصفقة النووية الإيرانية الكارثية والانضمام إلينا في الضغط الاقتصادي والدبلوماسي. لقد حان الوقت لأن يتوقف شركاؤنا الأوروبيون عن تقويض العقوبات الأمريكية ضد هذا النظام الثوري القاتل ".

وقد قوبلت بعض تصريحات نائب الرئيس بسخرية هامسة. فعندما ذكر بنس أن إيران كانت الدولة الرئيسية الراعية للإرهاب، كانت هناك تعليقات بصوت خافت حول المتعاملين (clients) مع أميركا من بين دول الخليج الداعمين للمتطرفين الإسلاميين، وتم ذكر الصحفي السعودي المقتول جمال خاشقجي عدة مرات.

وقد دافعت أنجيلا ميركل، في خطابها، بقوة عن الصفقة الإيرانية وتحدثت عن الاتفاقيات والمؤسسات المتعددة الأطراف التي تتعرض للهجوم من قبل إدارة ترامب. تحدثت المستشارة الألمانية أمام 30 رئيس حكومة و90 وزيرا، واستقبل خطابها بحفاوة بالغة في الصالة الممتلئة.

وقد اتهم ظريف، الذي تحدث في ميونيخ، الولايات المتحدة بأن لديها "هوساً مرضياً" تجاه إيران منذ الثورة الإسلامية قبل أربعة عقود، و "أن العداء وصل الآن حدودا قصوى جديد". وقال إن كبار أعضاء إدارة ترامب يسعون للإطاحة بالحكومة الإيرانية.

أراد ظريف الإشارة إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون قد أخبر جماعة مجاهدي خلق الإيرانية في المنفى، التي تم تصنيفها إرهابيةً ذات مرة في الولايات المتحدة وأوروبا، بأن على إدارة ترامب دعم هدفها في التغيير الفوري للنظام، والاعتراف بالمجموعة كبديل مناسب.

وقال وزير الخارجية الإيرانية: "إن جون بولتون غاضب الآن لأنه قال إنه سيحتفل مع منظمة مجاهدي خلق في طهران عام 2019، وهذا لن يحدث."

وقال ظريف إنه يتعين على أوروبا أن تقاوم ضغوط واشنطن للتخلي عن خطة العمل المشتركة وتعزيز آلية الدفع المالي التي بموجبها ستتمكن الشركات والبنوك، من الناحية النظرية، من التجارة مع إيران دون تحمل العقوبات الأمريكية.

لكن ظريف نفسه قد لا يكون موجودا الآن لحماية الصفقة. وبرغم أن بولتون قد لا يحتفل مع منظمة مجاهدي خلق في طهران هذا العام، إلا أن خصوم إيران كانوا بالتأكيد يحتفلون باحتمال تركه للحكومة.

وقد رحب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بمغادرة وزير الخارجية، وقال: "لقد ذهب ظريف، بئس المصير." وقال مايك بومبيو، وزير خارجية الأميركي، على تويتر أيضا: "سنرى ما إذا كانت الاستقالة نهائية. وفي كل الأحوال، هو وحسن روحاني مجرد رجال الواجهة لعصابة دينية فاسدة."

وظل ظريف، المتحضر الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وحصل عل ديبلوم في القانون الدولي من جامعة دنفر - مشكلة دائمة لمعسكر ترامب وحلفائه الدوليين في تصوير الحكومة الإيرانية على أنها مجموعة من المتعصبين الدينيين البربريين. سقوط الإصلاحيين أمثاله وصعود المتشددين سيساعد هذا الطرح.

يمكن أن يؤدي هذا المسار إلى قدوم حكومة تنسحب من الاتفاق وتعيد تشغيل برنامج الأسلحة النووية، الأمر الذي سيسمح بدوره سيسمح للولايات المتحدة باتخاذ إجراءات أكثر قوة. سيعاني الشعب الإيراني كثيرا وسيصبح العالم مكانًا أكثر خطورة.

© The Independent

المزيد من آراء