Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوريون يحاصرون أنفسهم... الاحتراز انتصر على إنكار "كورونا"

تصر الرواية الرسمية على خلو البلاد من أي إصابة

يبدي السوريون استخفافاً بانتشار المرض (اندبندنت عربية)

تدفق السوريون بأعداد كبيرة صوب أسواقٍ ومحال تجارية، سعياً للحصول على مواد استهلاكية وغذائية ومعقمات. حالةٌ من الهَلع أصابت الشارع عقب إعلان إجراءات احترازية رسمية منها تعليق الدوام في المدارس والجامعات.

 وعلى الرغم من اعتياد السوريين على الحصار في سنوات الحرب، إلا أنهم يحضّرون أنفسهم لحصار فرضوه على أنفسهم سببه الفيروس "كورونا" بالتزام البيوت، والانكفاء عن كل التجمعات حِرصاً من تفشي أية عدوى.

قرارات مفاجئة

مكوثُ السوريين في منازلهم أتى إبان إعلانٍ حكومي مفاجئ مساء أمس 13 مارس (آذار) فرض فيه تعقيم وحدات السكن الجامعي، وتخفيض حجم العاملين في مؤسسات القطاع العام الإداري إلى حدود 40 في المئة وفق نظام المناوبات.

ونقلت وكالة "سانا" الرسمية وقائع اجتماع وزاري بدا جلياً أن قراراته فاجأت المواطنين، إذ ما فتأت وزارة الصحة تعلن يومياً خلو سوريا من انتشار "كورونا" إبان فحص حالات يشتبه في حملها للفيروس.

وعلى الرغم من تأكيد منظمة الصحة العالمية الرواية السورية بعدم تسجيل أية حالة بعد في البلاد، إلا أن تصريحات لمسؤولين في المنظمة أفادت بأن دولاً لا تعلن رسمياً عن أعداد مصابين بالفيروس المعدي، فيما لم تحدد تلك البلاد بعينها.

في مقابل ذلك، باشرت وزارة الصحة بإعداد إجراءات أكثر صرامة وتشدد بعدما وضعت مراكز ونقاط طبية لفحص المسافرين القادمين من خلال المعابر البرية والمطارات، في حين تشير المعلومات الواردة إلى تجهيز الحكومة مراكز حجر صحي بمعدل مركزين في كل محافظة، وعدم استخدام النراجيل في المقاهي والمطاعم حرصاً على صحة روادها.

الحصار الإرادي

 بعد سلسلة من الإجراءات الاحترازية أعلنتها الحكومة تحسباً من انتشار "كورونا"، خيّم جدلٌ واسع حول إنكار رسمي وعدم تسجيلها أي إصابة حتى اللحظة.

وأبدت الحكومة تطمينات للناس بضرورة عدم الهلع وأن غاية هذه القرارات الاحتراز والحذر، ولم يلحظ منذ أمس وإبان صدور القرار الوزاري خروج أي مسؤول صحي لإعلان تسجيل أية حالة، على الرغم من كل ذلك عزف المواطنون عن الاحتشاد بالأماكن العامة، أو الصعود في حافلات النقل الجماعي.

يقول أحدهم "القرارات الأخيرة دفعت بنا إلى الوقاية وهذا أمر إيجابي، لكن لم تفكر الحكومة كيف يمكن أن نتجنب الازدحام على طوابير شراء مواد الخبز والمواد التموينية لشراء السكر والرز".

على المقلب الآخر يشكك سوريون في صدقية البيانات الصحية حول انعدام وصول الفيروس إلى سوريا.

وفي السياق، علقت سوريا الرحلات مع كل من العراق والأردن مدة شهر والدول التي أعلنت حالة الوباء إلى الشهرين مع إجراءات الحجر الصحي للقادمين من هذه الدول مدة 14 يوماً.

من الصحة إلى السياسة

يأتي كل ذلك مع وقف كل التجمعات الدينية الشيعية بخاصة التي يحضرها زوارٌ إيرانيون في دمشق وحلب، حيث المقامات الدينية الشيعية، بعد ضغط شعبي أقرت إثره شركات الطيران وقف رحلاتها مع إيران.

مع كل ذلك، يتخوف الوسط الشعبي أن ينتقل الفيروس من خلال زيارات حيث سجلت ثاني أعلى نسبة من الإصابات، بعد الصين، فيما لا تتوقف المطالبات الشعبية بضرورة إخضاع الإيرانيين إلى فحص طبي للكشف عنهم والتأكد من خلوهم من الإصابة.

بين الهلع والتندّر

في غضون ذلك، انقسم الشارع السوري بين من يهوّل من الخطر المقبل، باثاً تحذيرات ومفضلاً نأي النفس عن الخروج إلى الشارع، مع الانغلاق والانعزال، وبين من يتندر ويسخر من كل هذه الإجراءات.

وبين هذا وذاك يظهر في الوسط السوري من ينادي بصوت الحكمة للتخفيف من التوتر. ويرى الأخصائي في علم النفس، بشير المنجد في حديث إلى"اندبندنت عربية"، أنه "من الواجب عدم المبالغة بالحرص، وعدم الاستهتار والأخذ بالأسباب شيء ضروري، مع الاهتمام بالوقاية ومعرفة الفيروس والاطلاع عليه وعلى كل الإرشادات الطبية والصحية، لمعرفة المرض والوقاية منه".

ويلفت النظر حول ما يتبادله رواد مواقع التواصل الاجتماعي ساخرين ممن يتّبع أنظمة وقاية، "الأمر يندرج بالحفاظ على النفس، كورونا مرض معدٍ وخطر، ولا بد من الوقاية بحدود"، ويتحدث المنجد أن الحذر الشديد يزيد عند حده ويكون مفرطاً حين يكون مرضاً ويأتي بنوبات تسمى "اضطراب الهلع" وهذا أمر يحتاج إلى متابعة ومراقبة.

التنين والديناصور

وما أن أعلنت سوريا إجراءاتها الاحترازية حتى تسابق رواد العالم الافتراضي على صفحاتهم بالحديث عن كورونا بين سخرية من مرض سيحلّ على السوريين. بعضهم تهكمّ "لم يبق مصيبة إلا وحلت على السوريين، كورونا لن يكون شجاعاً بالقدوم إلى بلاد رائحة البارود فيه بكل مكان".

في المقابل، تبادل ناشطون سوريون نوادر وصوراً لـديناصورات وعلّق أحدهم: "بعد كورونا وعاصفة التنين، بقي أن تظهر الديناصورات في شهر أبريل (نيسان) المقبل، يا جماعة باين 2020 من أولها أكشن".

كما ظهرت مقاطع مصورة ساخرة صنعها سوريون مستهزئون بهذا الفيروس، ومن أكثر "الفيديوهات" التي حظيت بالمتابعة والتداول مقطع مصور تعبيري لاثنين أحدهم يضع قناعاً لونه أحمر تعبيراً على أنه كورونا والثاني سوري، صاحب القناع لا يتوقف عن الهرولة هرباً من السوري الذي يلحق به بحسب ما ظهر في المقطع المصور.

من جهة ثانية، انكبّ ممن أخذ المرض المعدي على محمل الجد، بالحث عبر إعلانات وقائية ونشر إرشادات، وكأنه بالقرارات الاحترازية التقط إشارة عن حدوث حتمي للمرض، في حين بدّل سوريون صورَ صفحاتهم الشخصية بـكمامات طبية على وجوههم.

المزيد من العالم العربي