في شهر ديسمبر (كانون الأول) كان العالم ينظر لفيروس كورونا على أنه فيروس متطور خطير على حياة الإنسان، وبعد مرور ما يقارب الثلاثة أشهر أصبح "كورونا" هاجس العالم، وآثاره السلبية تعدت القطاعات الصحية لتشمل اقتصاديات العالم، التي بدأت تتكبد خسائر فادحة مع اتخاذ دول العالم إجراءات احترازية للحد من وصول الفيروس إليها أو انتشاره فيها.
ولعل قطاع الطيران من أكثر القطاعات التي بدأت تتكبد خسائر لم تكن في حسبانها مع قرارات دول العالم بتعليق رحلاتها الجوية بين بعضها البعض، وكان آخرها قرار الرئيس الأميركي بتعليق الرحلات الجوية بين دول أوروبا وأميركا، إضافة إلى غالبية دول العالم التي علقت رحلاتها إلى الدول التي انتشر فيها المرض بمعدلات كبيرة.
وقال نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" لدى منطقة أفريقيا والشرق الأوسط محمد البكري لـ"اندبندنت عربية"، "تشير آخر التحليلات المالية لدى الاتحاد الدولي للنقل الجوي من تاريخ 5 مارس (آذار) إلى أن قطاع الطيران سيتكبد خلال عام 2020 خسائر في إيرادات حركة المسافرين الدوليين بقيمة 63 مليار دولار أميركي، في حال اقتصر انتشار الفيروس على الأسواق الحالية التي سجلت 100 ألف إصابة اعتباراً من 2 مارس، أو 113 مليار دولار في حال انتشار الفيروس على نطاق أوسع من ذلك".
في حين كانت التوقعات الأولية للهيئة الدولية للطيران في فبراير (شباط) الماضي أن تبلغ الخسائر من جراء كورونا 29 مليار دولار فقط، وذلك على اعتبار أن التأثير محصور بأسواق مرتبطة بالصين.
خسائر الشرق الأوسط
وحول الخسائر في منطقة الشرق الأوسط عموماً ودول الخليج خصوصاً، التي اتخذت قرارات بتعليق رحلاتها الجوية لعدد من دول العالم، أشار البكري إلى أن خسائر المنطقة تتمثل في 4.9 مليار دولار لشركات الطيران العاملة في: البحرين والعراق وإيران والكويت ولبنان والإمارات العربية المتحدة.
أضاف "أما بقية الدول في منطقة الشرق الأوسط فحجم خسائرها يقدر بـ2.3 مليار دولار".
واستدرك بالقول "نعتقد أن هذه الأرقام تتغير بتغير الأحداث والإجراءات الحكومية الاحترازية التي تصدر بصورة متتالية لحماية المواطنين والمقيمين في دول المنطقة".
تعليق السفر بين أميركا وأوروبا
وحول أثر قرار ترامب بتعليق السفر لدول أوروبا وما تبعه من ردود فعل لبعض الدول الأوروبية التي احتجت على القرار، قال البكري "لا يوجد لدينا أي معطيات حول تأثير قرار ترمب في الوقت الحالي، ولكن يقوم الفريق الاقتصادي في الاتحاد الدولي للنقل الجوي بتحليل أثر القرار على شركات الطيران الأوروبية والأميركية بشكل كامل".
متابعة وتقييم الأزمة
أكد نائب رئيس "إياتا" أن فريق الإدارة التنفيذي في الاتحاد الدولي للنقل الجوي يعمل بتوجيهات من مجلس الأمناء بمتابعة وتقييم أزمة انتشار "فيروس كورونا" باستمرار، وتكثيف الجهود للعمل المشترك مع الحكومات، وهيئات الطيران والجهات المعنية بالأمور الصحية، ومع بقية الهيئات والمنظمات العالمية المعنية بصناعة الطيران.
وزاد: "كما يجتمع فريق إدارة الأزمات الخاصة في الاتحاد الدولي للنقل الجوي على مدار الساعة لتقييم الوضع والعمل مع شركائنا والجهات المعنية لتبادل المعلومات والاتفاق على الإجراءات التي يجب اتخاذها للحد من التأثير السلبي في قطاع الطيران".
تفادي الأزمة
وعن إمكانية تفادي أزمة "كورونا" وآثارها السلبية على قطاع الطيران قال، "نتطلع ونحث الحكومات على اتخاذ إجراءات تحفيزية مالية سريعة لدعم قطاع الطيران، وذلك عن طريق تخفيف الضرائب والرسوم والأجور، لا سيما أن العالم يمر بأوقات حرجة وغير عادية، ونحتاج إلى حلول غير اعتيادية لضمان استمرار صناعة النقل الجوي كعنصر أساسي لأي مجتمع وكأداة للاستمرار في تطور اقتصاديات المنطقة وربطها مع بقية دول العالم".
واستطرد قائلاً "كذلك نحث المؤسسات المالية بتوفير قروض مالية مسهلة قليلة الفوائد لمساعدة شركات الطيران للحصول على التدفقات المالية اللازمة، ولتخطي هذه المرحلة الصعبة جداً لصناعة الطيران في المنطقة".