Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميزانية طوارئ بريطانية لمواجهة كورونا

إعلان نقدي ومالي مزدوج لحماية اقتصاد لندن من الانكماش

مبنى البنك المركزي البريطاني في حي المال في لندن  (رويترز)

أعلن وزير الخزانة البريطاني الجديد ريشي سوناك حزمة دعم مالي حكومي للاقتصاد لمواجهة تبعات تفشي فيروس كورونا بما يزيد على 34 مليار دولار (30 مليار جنيه إسترليني)، ضمن إعلانه ميزانية الحكومة الجديدة للعام المالي الذي يبدأ الشهر المقبل.

وحذر سوناك في أول خطاب له حول الموازنة، من حدوث "اضطراب كبير" ولكنه مؤقت للاقتصاد البريطاني لكنه قال متعهداً "سنتجاوز هذا الأمر معاً".

وجاء الإعلان عن ميزانية الطوارئ بعد ساعات من إعلان بنك إنكلترا (المركزي البريطاني) عن خفض سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية لتقترب من الصفر (أصبحت الفائدة البريطانية 0.25 في المئة). ولم يكن من المقرر أن تجتمع اللجنة السياسات النقدية في البنك المركزي قبل 26 مارس (آذار)، لكن تقديم القرار بشكل استثنائي ربما قصد منه أن يسبق إعلان الميزانية في تعاون لا يتكرر كثيراً بين البنك المركزي والحكومة.

وكان مكتب الإحصاء الوطني أعلن، صباح الأربعاء، أن نمو الاقتصاد البريطاني في ربع العام المنتهي في يناير (كانون الثاني) 2020 كان صفراً، وذلك قبل بدء تأثير فيروس كورونا في الاقتصاد العالمي.

وقدر مكتب مسؤولية الميزانية أن يتراجع نمو الاقتصاد البريطاني هذا العام إلى 1.1 في المئة من 1.2 في المئة في 2019. وربما كانت تلك التقديرات تستند إلى أرقام وتوقعات سابقة على ظهور فيروس كورونا وتأثيره الذي يمكن أن يؤدي إلى انكماش أكبر للاقتصاد البريطاني.

ميزانية طوارئ

وتعد ميزانية الطوارئ لمواجهة تبعات فيروس كورونا التي أعلنتها الحكومة البريطانية الأكثر جرأة بين دول العالم، وتعكس إلى حد كبير المخاوف من تأثير أكبر في الاقتصاد البريطاني قد يدفعه إلى ركود شديد ما لم يتم التصرف بسرعة.

واستبعد كثير من المتخصّصين أن يكون الاختبار الذي تواجهه الحكومة معياراً للحكم على وزير الخزانة الجديد الذي لم يمض على تسلمه منصبه أربعة أسابيع. فقد تم تعيين سوناك خلفاً لوزير الخزانة المستقيل ساجد جاويد، الذي يفترض أنه أعد الخطوط الرئيسة للميزانية العادية للحكومة التي أعلنها سوناك أمام البرلمان مع حزمة الدعم الطارئة لمواجهة كورونا.

وإلى جانب التيسير النقدي الناجم عن قرار البنك المركزي خفض الفائدة، تضمنت حزمة الدعم الطارئ من الحكومة إجراءات عدة تستهدف في أغلبها الأعمال الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الأعمال الحرة المتضررين من تفشي فيروس كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضمنت الحزمة إنشاء صندوق للاستجابة الطارئة بقيمة 5.7 مليار دولار (5 مليارات جنيه إسترليني) والإعفاء المؤقت من الرسوم على الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في مجالات أكثر تضرراً من انتشار كورونا مثل التجزئة والترفيه والضيافة، التي تقل رسومها التي تدفعها عن 51 ألف جنيه. وكذلك تقديم منحة نقدية لتلك الأعمال التي تستحق الإعفاء من الرسوم بقيمة 3 آلاف جنيه.

كما ستغطي الحكومة تكاليف الشركات التي لديها أقل من 250 موظفاً، لتوفير أجور إجازات مرضية قانونية لمن هم خارج العمل بسبب فيروس كورونا. وكذلك دعم أصحاب المهن الحرة والأعمال الصغيرة عبر صندوق إعسار بقيمة نصف مليار جنيه إسترليني وزيادة الرعاية الاجتماعية بقدر مماثل.

زيادة الاقتراض

ومن شأن هذه الاجراءات البريطانية أن تخفف من احتمالات أزمة ائتمان خانقة، لكن في الوقت نفسه ستضطر حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى زيادة الاقتراض، لذا أشار وزير الخزانة أمام البرلمان إلى أنه سيتبع طريقة "أفضل ممارسة" ما يعني احتمال تجاوز قواعد الإنفاق الحكومي التي يلتزم بها حزب المحافظين بعامة. لهذا جاء تعليق رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي رداً على بيان الميزانية، محذرة وزير الخزانة والحكومة من تجاوز المعايير المالية الراسخة لحكومة الحزب.

وعلى العكس، رحبت المعارضة على لسان زعيم حزب العمال جيريمي كوربن بتخلي الحكومة عن سياسة التقشف التي وصفتها بأنها جلبت أضراراً هائلة على الاقتصاد والطبقة العاملة والمتوسطة. لكنه في الوقت نفسه انتهز الفرصة لانتقاد "فشل سياسة المحافظين المالية".

وقدر مكتب مسؤولية الميزانية أن يرتفع معدل الاقتراض الحكومي إلى نسبة 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (مقابل معدل اقتراض بنسبة 2.1 في المئة في 2019). إلا أن هذا التقدير برأي كثيرين يبدو متحفظاً، وأن احتمالات زيادة الدين الحكومي ربما تتجاوز تلك النسبة، بخاصة أنه من غير الواضح بعد التكلفة النهائية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) باتفاق أو من دون اتفاق بنهاية العام.

وتضمنت الميزانية الأساسية بنود إنفاق كبيرة أيضاً مع إجراءات تجميد رسوم حكومية ودمغات ستعني تقليل العائدات المتوفرة للخزانة العامة. ولعل أبرز ما جاء في الميزانية هو زيادة الإنفاق على الأبحاث والتطوير إلى 25 مليار دولار (22 مليار جنيه استرليني) سنوياً، ومضاعفة الإنفاق على إجراءات الحماية من الفيضانات والسيول إلى 6 مليارات دولار (5.2 مليار جنيه إسترليني) وإلغاء ضريبة المبيعات على الكتب الإلكترونية.

الاستنتاج الذي خلص إليه أغلب من علقوا على الميزانية، وحزمة الدعم الطارئ وقرار بنك إنكلترا خفض الفائدة، هو أن تلك الإجراءات ربما تحول دون انكماش الاقتصاد البريطاني ودخوله في ركود عميق، لكنها قد لا تؤدي إلى انتعاش عكس ما يشهده الاقتصاد العالمي.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد